حذر مسؤولون فلسطينيون من تفاقم خطير للأزمة المالية للسلطة الفلسطينية، إثر تداعيات عائدات الضرائب مع إسرائيل، بما يهدد قدرتها على صرف كامل رواتب الموظفين الحكوميين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقررت السلطة الفلسطينية، الأسبوع الماضي، عدم استلام المبلغ الشهري المقدر بنحو 11 مليونا ونصف المليون دولار من أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة عن بضائع تدخل الأراضي الفلسطينية عبر الموانئ العبرية. وصرح رئيس حكومة تصريف الأعمال الفلسطينية، رامي الحمد الله، بأن السلطة أعادت أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل بسبب "الاقتطاع غير القانوني" منها. وقال الحمد الله، ضمن تصريح لتلفزيون فلسطين الرسمي، إن "الجانب الفلسطيني أعاد أموال الضرائب إلى الجانب الإسرائيلي بعد خصمه 41 مليونا و800 ألف شيكل منها". وجاءت الخطوة ردا على إعلان إسرائيل اقتطاع ما تصرفه السلطة الفلسطينية من رواتب لعائلات الأسرى والقتلى الفلسطينيين من مخصصات مالية شهرية من أموال الضرائب الفلسطينية. وتقدر أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية بما يتراوح بين 200 و250 مليون دولار أمريكي شهريا، وتشكل نحو 70 في المائة من الإيرادات المحلية الفلسطينية. وتقتطع إسرائيل نسبة 3 بالمائة من إجمالي قيمة الضرائب التي تحولها إلى السلطة الفلسطينية، كما أنها تقتطع منها الديون الفلسطينية مقابل توريد البترول والكهرباء؛ وخدمات أخرى. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، ضمن تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، إن "الاقتطاع الإسرائيلي من أموال الضرائب الفلسطينية يشكل قرصنة ومخالفة للاتفاقيات الثنائية الموقعة، ولن يتم الرضوخ له فلسطينيا". وأوضح مجدلاني أن إسرائيل أقرت خصومات أخرى لدفعة الضرائب الأخيرة، باقتطاعها فاتورة المياه والكهرباء لقطاع غزة والعلاج للمرضى الفلسطينيين بمبالغ غير واقعية وغير دقيقة ومبالغ فيها. وحذر المتحدث من تأثير بالغ الخطورة على الموازنة الفلسطينية، وأنها لن تكون قادرة على دفع كامل رواتب موظفيها الحكوميين، ما سيخلق أزمة كبيرة تنعكس نتائجها على الأرض. وذكر مجدلاني أن تفاقم الأزمة الماليةالفلسطينية سينعكس سلبا على أداء أجهزة الأمن الفلسطينية وعمل كل المؤسسات الفلسطينية الرسمية، بما في ذلك صرف رواتب موظفي القطاع العام. وبرر المسؤولون الفلسطينيون رفض استلام أموال عائدات الضرائب الفلسطينية المنقوصة بأنه "يأتي كتعبير عن رفض الموقف الإسرائيلي بشأن صرف مخصصات لصالح الإرهاب". وكان وزير المالية والتخطيط الفلسطيني، شكري بشارة، أعلن يوم 21 من الشهر الماضي أن اقتطاع إسرائيل لأموال الضرائب الفلسطينية سيؤثر على الموازنة الفلسطينية لعام 2019 وسيزيد العجز فيها. وذكر بشارة أنه سيتم اتخاذ إجراءات لتقنين المصاريف وترحيل بعضها وترشيد الإنفاق الحكومي، إضافة إلى الاقتراض الحكومي بطريقة معقولة، وتخفيض رواتب الفئات العليا من الموظفين، مع الحفاظ على رواتب الموظفين المنخفضة. وتواجه السلطة الفلسطينية خطر تزايد العجز المالي في موازنتها إلى 700 مليون دولار لهذا العام، في ظل محدودية الموارد والإيرادات، ما يضعها في تحد كبير أمام إمكانياتها في الوفاء بالتزاماتها. وحسب الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء فإن الاقتصاد الفلسطيني سجل تباطؤا في نمو الناتج المحلي الإجمالي عام 2018، ليصل إلى 7،0 بالمائة مقارنة مع 3 بالمائة عام 2017. واشتكت السلطة الفلسطينية، خلال العامين الأخيرين، من تراجع حاد في حجم المساعدات المالية المقدمة لها من الدول المانحة بنحو 60 بالمائة مقارنة بأعوام سابقة. كما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية قطعت، العام الماضي، نحو 884 مليون دولار كانت تقدمها للموازنة الفلسطينية ووكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، إضافة إلى مشاريع اقتصادية. من جهته عبر الاتحاد الأوروبي، الذي يعد أكبر مانح مالي للسلطة الفلسطينية، عن دعمه للميزانية الفلسطينية في مواجهة القرار الإسرائيلي بالاقتطاع من أموال الضرائب الفلسطينية. واستنكرت مبعوثة الاتحاد الأوروبي لعملية السلام في الشرق الأوسط، سوزانا تيرستال، "القرار الإسرائيلي حجز الأموال الفلسطينية" لدى اجتماعها في رام الله مع مسؤولين حكوميين فلسطينيين. وطالبت تيرستال إسرائيل، حسب بيان حكومي فلسطيني، بضرورة الالتزام بتطبيق الاتفاقيات الدولية، معبرة عن القلق إزاء تدهور الوضع الاقتصادي في فلسطين وآثاره السياسية.