بسم الله الرحمن الرحيم لا ينكر متابع أن طبيعة الانتخابات المغربية تؤسس لبلقنة الحياة السياسية، وأنه لا يمكن في إطار القوانين الانتخابية الحالية إيجاد حزب مسيطر على أغلبية مطلقة في البرلمان، ولذلك لا يمكن إنشاء حكومة من غير تحالف مع الآخر... كما لا يخفى أن الخريطة السياسية الفاعلة تضم تحالفين كبيرين: التحالف الديمقراطي 118 برلمانيا، والتحالف من أجل الديمقراطية G8 ويضم نحو 160 برلمانيا. فحزب العدالة والتنمية أمامه ثلاثة خيارات: 1- إما أن يتحالف مع التحالف الديمقراطي الذي يضم حزب الاستقلال والأحزاب اليسارية، وهنا سيضطر للتحالف مع أكثر الأحزاب عدوانية مع الاتجاه الإسلامي وهي أحزاب الاتحاد الاشتراكي، والتقدم والاشتراكية (الشيوعي سابقا)، واليسار الموحد وغيرها، وسيكون برأيي بمثابة انتحار للمشروع الإسلامي للحزب، إذ ستضم وزارته نحو الثلث ممن يعادون المشروع الإسلامي، بل ويعادون وجود حزب إسلامي في السلطة، ويضمون منظرين للعلمانية واليسارية، وبذلك ستصرف الوزارة جل جهدها من أجل حل مشاكل بينية، ومشاريع وتصريحات المقصود منها المعارضة والبلبلة.. 2- وإما أن يتحالف مع مجموعة الثماني G8، التي تضم أحزابا ليبرالية غير متطرفة، وحزبا إسلاميا وحزبين يساريين صغيرين، وسيصطدم الأمر بحزب الأصالة والمعاصرة: "البام"، الذي بينه وبين العدالة والتنمية تنافس غير أخلاقي. ومن رأيي أن العدالة والتنمية أفضل له أن يتجاوز الأزمة مع البام ويتحالف معها ضمن G8 من أن يتحالف مع اليسار، إذ البام لا يعدو أن يكون حزبا واحدا، لم يسبق له أن مارس السلطة، وقد لا يشارك بأكثر من وزير أوزيرين في الحكومة، ربما يكون منصبهما تدبيريا لا علاقة له بإديولوجيا، والسياسة كما نعرف لا تعرف علاقات مبدئية إنما هي المصلحة، أما بقية الأحزاب فهي تضم كفاءات إدارية لها خبرة في السياسة والإدارة، وليس لها عداء مبدأي مع التيار والفكر الإسلامي. 3- أما الاختيار الثالث فهو: اختيار أحزاب من ضمن المجموعتين، وهنا ستظهر في الصدارة أحزاب: الاستقلال، والأحرار، والاتحاد الدستوري، والحركة الشعبية، وهي أحزاب لا تصطدم إديولوجيا مع الإسلاميين، بل تتقاسم معهم العديد من الأفكار والتوجهات، وبالاشتراك معها ستنال الحكومة أغلبية مريحة في البرلمان، وستغطي العديد من الحساسيات بضمها لحزب وطني تاريخي "الاستقلال"، ب ليبرالي "الاتحاد الدستوري"و "الأحرار"، وحزب أمازيغي "الحركة الشعبية"، ولكن يقتضي التحالف معها مقدرة على تفكيك الولاء للتحالفين المذكورين، وهو أمر رهين بالقوة السياسية لحزب العدالة والتنمية ومدى قدرته على إقناع الآخر...