آن لي الآن أن أخاطبكم سيد بنكيران بالسيد الرئيس .. أقصد، رئيس الحكومة المغربية .. أنت أمر واقع بيننا، وقع عبر صناديق الاقتراع، حتى قال ثلة منا لا اعتراض على الديمقراطية .. وكأنها حكم إلهي مقدس .. أو هي الإله المقدس، إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا... نقول لك : السيد الرئيس ..لأننا لا نريد حقا أن نجازف ببلادنا في تجربة غير محسوبة النتائج، لكن الذي يده في النار ليس كمثل الذي يده في الماء .. أو التراب فهل نستطيع ..؟ وقد لا تنس أن الثورة الحقيقية هي ثورة على النفس ! السيد الرئيس : .. إنهم هنا وهناك .. في الميادين، والأحياء .. وفي الساحات العمومية، وساحات الجامعات يتعلمون شرف الانتساب إلى الوطن، وشرف الانتساب إلى الأوطان لا يكون بالخداع والكذب وتمييع الحياة، ويا ويح ابن آدم .. فإن حبل الحياة قصير ! هل أحصيتم عدد الحفر الموجودة في الطريق إلى بقال حيكم، أو عملكم، أو أقرب سوق إليكم، أو حتى إلى أقرب مخدع هاتفي، أو مستشفى، أو مدرسة، أو مسجد، أو في طريقنا إلى المقبرة .. وكم هو قاس السيد الرئيس أن تكون طريقنا إلى المقبرة محفوفة بالحفر.. إنها بعدد الحفر والفراغات التي أصبحت تسكن روح الإنسان المعاصر، إنسان الاستهلاك، وفق مقولة ' أنا أستهلك ' بدل مقولة ' أنا أفكر' ..! السيد الرئيس : .. أرواحنا أصبحت يابسة فوق خشبة مسرح باهت، تتعفن فيه جثة فنانة ترمي ببقايا عمرها أمام أعين وقحة، لا يمر منها سوى التيارات الهوائية الباردة شتاء والحارة صيفا، وإن كان لا بد وأن نتحدث عن الربيع ما دام الكل يتحدث عن الربيع فإننا سنقول عن تلك الحفر أنها قد زادت اتساعا، وعمقا، وعددا ربيعا ! فماذا بعد هذا الحزن ؟ السيد الرئيس : .. هل ستعدم كل القصائد، والياسمين، وكل عصافير الحب في بلدي ؟ إنهم يذبلون، ويتحرقون شوقا في معرفة مصيرهم قبل مغرب الشمس .. هل صحيح كل فاسد لن يمر، وكل ذي أقنعة لن يمر، وكل ذي فضيحة لن يمر، وكل شيطان لن يمر، وكل عربيد بأموال الشعب لن يمر ؟ هل صحيح أنه ستمزق كل أشرعة الخرافات التي كانت تشتهيها حكومات الفشل والسقوط السابقة، وأنتنها حكومة آل الفاسي ؟.. وهل ستكون تازة قبل غزة ؟ .. وماذا عن ' وكالين رمضان' وما جاورهما في دولة إسلامية لها حكومة إسلامية ! البحر عميق جدا .. لكن رحمة الله وسعت كل شيء . السيد الرئيس : .. لقد كرهنا الجفاف، وقروض السلف، وخفافيش أعداء الصحراء.. كرهنا المسكنات، والسهر، والمستشفيات العفنة التي تضع فيه الحوامل على أبوابها بدل غرف العمليات.. كرهنا حوادث الطرقات، والأسعار، وفواتير الماء والكهرباء .. كرهنا الغلاء .. والغباء ! كرهنا سماسرة الوطن الانتقاليون، كرهنا فنادق البرغوث، وشوارع الشذوذ والعهر، و شعارات مبيدي الحشرات .. كرهنا كل أشباح الليل التي تسبح في فناجين الأمل .. كرهنا كل الأصوات التي خانت المستقبل حين وعدت بحلوى، و دمى، لكل أطفال المدينة اليتامى .. السيد الرئيس : في السجن صديق لنا، وأخ عزيز علينا، وزميل نعتز بقلمه بيننا، ومحب لأهله كما هي محبة أولا الشعب .. اذكره عند ربك، في صلاتك وبعد وردك اليومي، نرجوه أن يكون معنا بعموده الطويل كأحزاننا، وسخريته السوداء التي تضحكنا قبل أن تألمنا آلاف المرات .. إنه الصحفي المعتقل رشيد نيني، نريده أن يرجع إلينا شامخا .. ضد الفساد والإستبداد ! كم سيكون الأمر مدهشا لعهد حكومة جديدة تطلق قلم رشيد للكتابة من جديد .. السيد الرئيس عبد الإله بنكيران : في قلب كل مغربي آلاف الحكايا يحب أن يحكيها لسيادتك، وبدون شك أنتم تعلمون قبلا مجملها .. إنها بصوت واحد : تريد أن يعود لها مغربها . فهل تستطيع .. قبل أن يضرب القحط السياسي منطقتنا ؟ هذه بعض كلمات، لبعض من جراحنا .. والسلام .. صفحة الكاتب على الفيسبوك مدونة الكاتب