بسم الله الرحمن الرحيم كانت سنة 1432 هجرية التي ودعناها أول أمس حافلة بالأحداث الكبيرة التي ستطبع من دون شك السبعين سنة المتبقية من هذا القرن الهجري، فمنذ نصف قرن: تاريخ استقلال الدول العربية عن الاستعمار العسكري الأجنبي، وهذه الدول تتخبط في معركة التنمية والإقلاع الاقتصادي واستقلال القرار السياسي، ولم تستطع أن تدخل نادي الدول الديمقراطية إلا مع مجيء ما أصبح يصطلح عليه ب"الربيع العربي" الذي أسقط جدار الخوف الذي بنته أنظمة ديكتاتورية من حديد مدعومة من الغرب، فقد سقطت عدة أنظمة كانت تحكم المنطقة، كما استطاعت تونس أن تجري أول انتخابات نزيهة وشفافة في البلاد العربية، أسفرت عن فوز ساحق لحزب النهضة الإسلامي،ثم تلتها أول انتخابات نزيهة بالمغرب بعد الاستقلال توفر لها غطاء دستوريا يقلص من صلاحيات الملك ويوسع من صلاحيات رئيس الحكومة. كرونولوجيا الأحداث : 11 محرم 1432/ 17 دجنبر 2010 : يشعل البوعزيزي النار في جسده احتجاجا على إهانته و منعه من كسب لقمة العيش كبائع متجول بعد أن سدت في وجهه سبل العيش الكريم، ليصبح عنوانا لإشعال نار الاحتجاجات في الشارع العربي. 12 محرم 1432/ 18 دجنبر 2010 : اندلاع الثورة التونسية من سيدي بوزيد. 10 صفر 1432/ 14 يناير 2011 : سقوط الطاغية بنعلي الذي حكم تونس بالحديد والنار 23 سنة، وفراره في نفس اليوم إلى المملكة العربية السعودية بعد أن رفضت جل الدول الغربية استقباله على أراضيها. 24 صفر 1432/ 25 يناير 2011 : اندلاع الثورة المصرية ونزول المحتجين إلى ميدان التحرير. 8 ربيع الأول 1432/11 فبراير 2011 : سقوط الطاغية مبارك وتولي المجلس الأعلى للجيش إدارة البلاد مؤقتا. 8 ربيع الأول 1432/11 فبراير2011 : اندلاع الثورة اليمنية. 11 ربيع الأول 1432/ 14 فبراير 2011 : اندلاع الثورة البحرينية. 14 ربيع الأول 1432/ 17 فبراير 2011 : اندلاع الثورة الليبية. 17 ربيع الأول 1432/ 20 فبراير 2011 : اندلاع احتجاجات في أكثر من 50 مدينة بالمغرب، إعلانا عن ولادة "حركة 20 فبراير" التي تطالب بملكية برلمانية وإسقاط الحكومة والبرلمان. 4 ربيع الثاني 1432/ 9 مارس 2011 : خطاب الملك محمد السادس يتنازل فيه عن الصلاحيات المطلقة التي كان يتمتع بها، ويضع إطارا لدستور جديد يتمتع فيه رئيس الحكومة بسلطات مهمة. 12 ربيع الثاني 1432/ 17 مارس 2011 : اندلاع الثورة السورية بمطالب إصلاحية قبل أن تنقلب إلى المطالبة بإسقاط النظام بعد أن واجه المحتجين بالرصاص الحي في مدينة درعا. 29 رجب 1432/ 1 يوليوز 2011 : تصويت الشعب المغربي على دستور جديد يحدد كيفية توزيع السلطة بين الملك وباقي مكونات الحكومة. 3 رمضان 1432/ 3غشت 2011 : تقديم طاغية مصر مبارك ونجليه للمحاكمة. 22 ذو القعدة 1432/ 20أكتوبر 2011 : مقتل العقيد القذافي وابنه المعتصم على أيدي ثوار مصراتة المدينة التي حاصرها طاغية ليبيا وقصفها بالدبابات ومنع عنها الغداء والدواء. 25 ذو القعدة 1432/23 أكتوبر 2011 : إجراء أول انتخابات حرة ونزيهة في الوطن العربي بتونس ( بعد انتخابات 1991 التي فازت فيها جبهة الإنقاذ الجزائرية وانقلب عليها الجيش ودخلت البلاد في دوامة حرب أهلية ذهب ضحيتها 200 ألف قتيل) حيث فاز فيها حزب النهضة الإسلامي الذي كان محظورا في عهد بنعلي، بما يقارب نصف مقاعد المجلس التأسيسي الذي سيضع دستورا جديدا للبلاد. 23 ذو الحجة 1432/ 19 نونبر 2011 : القبض على سيف الإسلام نجل العقيد القذافي وانتهاء النظام البربري الذي حكم ليبيا أزيد من أربعين عاما. 29 ذو الحجة 1432/ 25 نونبر 2011 : إجراء أول انتخابات نزيهة بالمغرب بعد الاستقلال، فاز فيها حزب العدالة والتنمية الإسلامي ب 107 مقعد من أصل 395 مقعد يتشكل منها البرلمان. يلاحظ أن معظم الأحداث كانت مكثفة في شهر ربيع الأول من هذه السنة الهجرية الموافق لشهر فبراير 2011، ففيه سقط أكبر نظام عربي ديكتاتوري وهو النظام المصري الذي أذل العرب أمام إسرائيل والغرب بحصاره للشعب الفلسطيني بغزة، وفي هذا الشهر اندلعت ثلاث ثورات عربية باليمن والبحرين وليبيا، كما اشتعل فيه الشارع المغربي مطالبا بالكرامة والحكامة وإسقاط الفساد، ويلاحظ أن تاريخ ميلاد الثورة العربية وافق تاريخ ميلاد نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، فباتفاق المؤرخين أنه صلى الله عليه وسلم ولد في شهر ربيع الأول،إذن فهو شهر له قداسته عند المسلمين، كما أن يوم الجمعة الذي له أيضا قداسته عند المسلمين كان يمثل عنوان التغيير في جل الثورات العربية، وحتى الثورة الهادئة التي قادها المغاربة كانت عبر صناديق الاقتراع في يوم الجمعة!! فإذا علمنا أن الأمة العربية هي القلب النابض للأمة الإسلامية، فيحق لنا أن نتفاءل بانبعاث هذه الأمة من جديد وميلاد جيل جديد يعتز بانتمائه لحضارة الإسلام ويصر على انتزاع حقه بعد كسر قيود التبعية والطغيان الذي جثم على صدره وكتم أنفاسه وهضم حقوقه وأهلك الحرث والنسل.