هل هجرة الأدمغة من المغرب دليل على جودة التكوين والتعليم في المغرب؟ سأبين في هذا المقال أن المعطيات المتوفرة تبين أن الجواب على هذا السؤال ينبغي أن يكون بالنفي. سأبين ذلك من خلال ذكر ثلاث حقائق سأستخلص منها نتيجة واحدة. الحقيقة الأولى: عدد الطلبة المغاربة الذين هاجروا سنة 2012 للدراسة في جامعات أجنبية هو 38599، منهم 23617 هاجروا للدراسة في الجامعات الفرنسية، و3071 هاجروا للدراسة في إسبانيا، و1509 في أوكرانيا، و1237 في الولاياتالمتحدةالأمريكية. الحقيقة الثانية: هجرة الأدمغة تكون دائما من الدول التي فشلت منظوماتها التعليمية نحو تلك التي حققت منظوماتها التعليمية تقدما ملموسا. من ذلك أن هناك خمس دول استقطبت سنة 2012 نصف الأدمغة المهاجرة، وهذه الدول هي: الولاياتالمتحدةالأمريكية (استقطبت 18% من الأدمغة المهاجرة)، بريطانيا (استقطبت 11% من الأدمغة المهاجرة)، فرنسا (استقطبت 7% من الأدمغة المهاجرة)، أستراليا (استقطبت 6% من الأدمغة المهاجرة)، وألمانيا (استقطبت 5% من الأدمغة المهاجرة). وهذه الدول هي الدول نفسها التي تؤكد جميع المؤشرات أنها حققت نجاحات كبيرة على مستوى جودة التعليم والبحث العلمي وملاءمته لمتطلبات السوق. الحقيقة الثالثة: الدول التي بدأت تحقق مستويات عالية في جودة التعليم والبحث في جامعاتها بدأت أيضا تنافس الدول التي كانت دائما نقطة جذب بالنسبة للأدمغة المهاجرة. ومن ذلك مثلا أن بلدان الصين وماليزيا والجمهورية الكورية وسنغافورة ونيوزيلاندا تنافس اليابان واستراليا في جذب طلبة الجامعات؛ إذ نجحت في استقطاب 6% من الطلبة الهاجرين على المستوى الدولي سنة 2012. نتيجة بما أن عدد الأدمغة المهاجرة من المغرب مرتفع، وبما أن الدول ذات التعليم الجيد هي التي تستقطب الأدمغة المهاجرة، وبما أن المغرب لا يستقطب الأدمغة بل تهاجر منه، فإن هجرة الأدمغة من المغرب ليست دليلا على جودة التعليم في هذا البلد، بل مؤشرا على فشله.