يقصد بالميزانية الشفافة، كل ميزانية منفتحة يتم إعدادها وتسييرها عبر مقاربة تشاركية مندمجة، قائمة على قواعد الحكامة الجيدة المتوافق عليها على الصعيد العالمي كالنزاهة والشفافية وإعطاء الحساب، وفي كل مراحل التدبير الميزانياتي (التحضير الأولي، مناقشة المقترحات والتوقعات، المصادقة على الميزانية، مراقبة التنفيذ، التقييم وتحليل النتائج). وفي نفس السياق، ولإرساء تدبير ميزانياتي منفتح وشفاف، يتوجب إشراك كل الأطراف قصد تحضير مشروع ميزانياتي متكامل يرصد الموارد والنفقات المتوقعة لتمويل مختلف الإجراءات والعمليات والمشاريع. بحيث يتعين نهج تسيير ميزانياتي منفتح مبني على التواصل والحوار، قصد تبادل الأفكار والآراء لتدارك الأخطاء التقديرية القبلية وكذا الاختلالات التدبيرية الناتجة عن ممارسة التسيير. واستنادا إلى مؤشر الموازنة المفتوحة(IBP) ، المتعلق بتقييم شفافية ميزانية الحكومات المركزية، فإن المغرب يحتل المرتبة الثانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (100/45 برسم سنة 2017). حيث يتطرق المؤشر المذكور لمحتوى وثائق الميزانية المنشورة للعموم ومدى نجاعة المعلومات والمعطيات المالية المقدمة للمواطنين. ومن هذا الجانب، يتعين على المغرب نشر ثلاث تقارير أساسية لتحسين تنقيطه في المؤشر المذكور وهي: البيان التمهيدي للموازنة، المراجعة نصف السنوية، وتقرير نهاية العام. وفي ما يتعلق بالإشراف على الموازنة، فقد خصصت للمغرب نقطة ضعيفة برسم سنة 2017 (100/31 استنادا إلى مؤشر الموازنة المفتوحة). بحيث يظل الإشراف الميزانياتي للسلطة التشريعية واهن، وذلك لغياب آليات التقييم ووسائل العمل الكفيلة بتحليل المعطيات المالية والاقتصادية بطرق علمية وميدانية. ويبقى ضعف الموارد المخصصة للتتبع والتحليل الميزانياتي للسلطة الرقابية (البرلمان) من بين العوائق التي تحول دون تحسن تموقع المغرب في المؤشر العالمي لشفافية الميزانية. إذ يتوجب على السلطة التنفيذية تجويد المعلومات المالية المرتبطة بصرف النفقات (محاسبة تحليلية توقعية)، والتواصل حول العمليات والمشاريع المسطرة وكذا الأهداف المزمع تحقيقها من خلال تنفيذ صرف الميزانية وتحصيل المداخيل. ومن منظور آخر، تطورت الميزانية المواطنة لوزارة الاقتصاد والمالية لتشمل جانب الفعالية غير المالية والمرتبط بتحديد أهداف التنمية المستدامة، لاسيما الشق المتعلق بالتماسك الاجتماعي. إلا أن هذا التمرين الميزانياتي يتعلق فقط بتحضير القانون المالي برسم كل سنة، إذ لا يشمل تتبع تنفيذ قانون المالية، خصوصا، الإشراف على الميزانية وتحقيق الأهداف المدرجة بمشروع نجاعة أداء القطاعات الوزارية. حيث يتعين تجويد محتوى قانون التصفية ليشمل التوضيحات المالية الضرورية المتعلقة بطرق صرف المال العام، ومستوى بلوغ النتائج المتوقعة من خلال التدبير الميزانياتي لكل سنة مالية. وفي نفس السياق، يظل نشر تقرير نجاعة أداء مرافق ومصالح الدولة وحده الكفيل بتمتين شفافية صرف ميزانية الدولة، وعلى الخصوص إرساء أسس التدبير المنفتح والشفاف القائم على النزاهة والوضوح، والتواصل حول الإنجازات والإكراهات، والتقييم وتدارك الأخطاء، والمحاسبة ومعالجة الاختلالات. ولتعزيز الموازنة الشفافة والإشراف العام على صرف الميزانية، يتوجب الحرص على التتبع الدقيق لمؤشرات قياس النجاعة، قصد الربط بين التدبير المالي ومستوى تحقيق الأهداف القطاعية والمجالية، ومن خلال قياس النتائج المحققة مقارنة مع التوقعات المسطرة والمبالغ المالية المصروفة. وبخصوص مشاركة العامة، ينبغي على الحكومة أن تبلور مقاربة ميزانياتية جديدة قائمة على إشراك المواطنين (ممثلي المجتمع المدني)، وذلك قصد تقديم آراء ومقترحات وتوصيات تعزز الشفافية العمومية والميزانية المواطنة من جهة، وتساهم في تجويد المشاريع المبرمجة وقياس آثارها على الحياة اليومية للمواطنين من جهة أخرى.