يطالب مشروع قانون تنظيمي لقانون المالية، كشفت عنه الأمانة العامة للحكومة، عن توجه حكومة بنكيران نحو تقليص عدد أصناف الحسابات الخصوصية أو ما يعرف بالصناديق السوداء، التي تعتبر مثار جدل حول حكامتها بسبب خروجها عن رقابة البرلمان واستفادتها من موارد مالية كبيرة وعددها الكبير الذي سيصل خلال السنة القادمة إلى 67 حسابا خصوصيا تتجاوز مواردها 6،67 مليارات درهم مقابل 80 حسابا خصوصيا في ميزانية السنة الماضية تجاوزت مواردها 59 مليار درهم. ويؤكد مشروع القانون التنظيمي على تقليص وعقلنة إحداث وتدبير موافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة والحسابات الخصوصية للخزينة وكذا تعزيز الشفافية في تدبير أملاك الدولة. فيما ينص المشروع، في حالة الاستعجال والضرورة الملحة وغير المتوقعة، على جواز إحداث حسابات خصوصية جديدة للخزينة خلال السنة المالية بموجب مراسيم، على أن يتم إخبار لجنتي المالية بالبرلمان مسبقا بذلك، وعرض تلك المراسيم على البرلمان من أجل المصادقة عليها في أقرب قانون للمالية. يأتي هذا التطور، في وقت كانت الحسابات الخصوصية في سنة 2002 تمثل أكثر من 18 في المائة من موارد الميزانية العامة للدولة، وأكثر من 17 في المائة من مجموع موارد الدولة في ميزانية سنة 2013. أما في مشروع ميزانية 2014، فكانت تمثل 20 في المائة من هذه الموارد. وبالرغم من تراجع عدد الحسابات الخصوصية من 132 حسابا خصوصيا في 2002 إلى 67 حسابا في مشروع القانون المالي لسنة 2014، فإن هذا المسلسل لم يواكبه إصلاح حقيقي في حكامتها أو إخضاعها لمراقبة المؤسسة التشريعية أو المجلس الأعلى للحسابات أو لمحاسبة بعدية. إلى ذلك، كن لافتا في المشروع سعيه نحو تعزيز شفافية الميزانية، إذ يقترح المشروع إدراج مبدأ صدق الميزانية بشكل صريح في القانون التنظيمي، من أجل تعزيز صحة الفرضيات التي تتحكم في إعداد مشروع قانون المالية، وتأكيد جودة توقعات الموارد والتكاليف مع الأخذ بعين الاعتبار المعطيات المتوفرة أثناء إعدادها، وكذا تأكيد الالتزام بتقديم قوانين مالية تعديلية في حالة حصول تغيرات كبيرات في أولويات وفرضيات قانون المالية. ومن جهة أخرى، يتجه المشروع إلى تقوية وإغناء دور البرلمان في المراقبة المالية وفي تقييم السياسات العمومية والرفع من جودة مناقشة قانون المالية من طرف المؤسسة البرلمانية، من خلال إشراك البرلمان منذ المراحل الأولى لإعداد مشروع قانون المالية وتمكينه من معطيات دقيقة وذات جودة تمكنه من لعب دوره الرقابي على السياسات العمومية وظروف تفعيلها. وستكون الحكومة ملزمة بإرفاق المشروع ب14 تقريرا وبمذكرتين، تتعلق الأولى بالنفقات المتعلقة بالتكاليف المشتركة، والثانية بالآثار المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقتضيات الضريبية والجمركية. كما أن قانون التصفية سيرفق بالتقارير السنوية لنجاعة أداء الوزارات والتقرير التركيبي للتقارير السنوية لنجاعة الأداء المعد من طرف الوزير المكلف بالمالية وتقارير افتحاص نجاعة الأداء وتقرير حول مالية الجماعات الترابية. ومن أهم مضامين الإصلاح المتضمنة في المشروع، التي يقترح تنزيلها تدريجيا على مدى خمس سنوات انطلاقا من السنة التي تلي نشره بالجريدة الرسمية، تأسيس المشروع لقواعد مالية جديدة من أجل تعزيز التوازن المالي، حيث يقترح إضفاء طابع المحدودية على اعتمادات الموظفين واعتماد قواعد جديدة للنفقات من أجل التحكم في توازن الميزانية ومنع إدراج نفقات التسيير أو الموظفين بميزانيات الاستثمار ومنع تجاوز موارد القروض لنفقات الاستثمار بالنسبة للميزانية العامة بغية توجيه الدين العمومي لتمويل الاستثمار وتحسين شفافية الدين العمومي واستعمالاته والتحكم الأفضل فيه. كما سيتم منع ترحيل اعتمادات ميزانية الاستثمار من سنة إلى أخرى، من أجل تعزيز الانضباط الميزانياتي والتدبير الأمثل للاعتمادات المرخص بها، حسب الحاجيات المحددة في إطار النفقات على المدى المتوسط وقدرات الإنجاز لدى المدبرين المعنيين. من جهة ثانية، سيتم إغناء المحاسبة الموازناتية بإحداث نظام المحاسبة على أساس الاستحقاق ومحاسبة تحليل التكاليف من أجل تتبع أفضل للتكلفة الإجمالية للخدمات العمومية وللمجهودات المبذولة من أجل التحكم في النفقات المخصصة لها، في احترام تام لمبدأ صدق الحسابات.