بات أغلب الأشخاص ينتهزون أي لحظة فراغ لاستخدام الهواتف الذكية والشبكات الاجتماعية، دون أن يدركوا مدى تأثيرها السلبي على صحتهم وطريقة حياتهم. ويقول خبراء المعهد الطبي الأوروبي للسمنة "إذا خصصنا أكثر من ساعتين يوميا للشبكات الاجتماعية يزداد خطر الإدمان السلوكي والتأخر النفسي والاضطرابات النفسية والغذائية، خاصة بين البالغين والنساء والشباب والأشخاص العازبين". ويوضح خبير التغذية روبن برافو من هذا المعهد "يضاف إلى استخدام الهاتف الذكي جميع الأجهزة الرقمية التي تغزو منازلنا، مثل الحواسب المحمولة والحواسب اللوحية ومنصات ألعاب الفيديو وحواسب الألعاب والشاشات وأجهزة السينما المنزلية. كل ذلك يجعل فكرة الانفصال عن العالم الرقمي أمر شديد الصعوبة". ويؤكد هذا الخبير أن دراسات وبيانات حديثة كشفت أن الإفراط في استخدام الشبكات الاجتماعية قد يصنف "إدمانا لكن بدون مواد، حيث أنه يؤدي لإفراز جرعات من الدوبامين في المخ ما يعني على المدى الطويل احتمالية الاعتماد العاطفي عليه". ويضيف برافو "كما أن الانغماس بشكل أكبر من المقبول في محيط افتراضي يجعل الشخص ينتهج أسلوب حياة يميل للجلوس والبدانة وسوء التغذية واضطرابات في مواعيد النوم والطعام، فضلا عن الاتجاه لتناول أغذية معلبة مشبعة بالدهون والسكريات". من جانبها، تكشف الأخصائية النفسية آنا جوتيريث "ربما يعد فرط الولوج إلى الشبكات الاجتماعية مثل (فيسبوك) و(تويتر) و(إنستجرام) أو مواقع مثل (يوتيوب)، إدمانا نفسيا اجتماعيا، لأنه قد يولد الشعور بالحاجة للاتصال بهذه الشبكات بشكل متكرر ولفترات أطول، فضلا عن الإحساس بالضيق حال لم يتسن الاتصال". وتبرز جوتيريث "هذا النوع من المنصات قد يؤدي إلى حدوث خلل في النظام الغذائي ينعكس على المظهر الجسماني ويفضي إلى ظهور أعراض أخرى غير محببة مثل القلق والاكتئاب والمقارنة الاجتماعية السلبية أو التنمر وأعراض أخرى". أما أندريا ماركيس خبيرة التغذية فتشير إلى أن البحث بصورة مستمرة عبر مواقع الإنترنت عن موضوعات مثل تقليل الوزن أو حرق الدهون أو التغذية الرياضية أوتمارين لزيادة أو تقليص الجسم أو حميات غذائية لا ينصح بها أو بيع مركب (ستيرويد) أو المواد المنشطة، قد يدفع لسلوكيات قهرية لدى الأشخاص الذين لديهم إمكانية الاصابة باضطرابات التغذية. وتتفق معها الخبيرة ماريا جونزاليس "بفعل وتيرة حياتنا أصبحنا نرى عادات تدفعنا شيئا فشيئا لأن نصبح أكثر اعتمادية على العالم التقني"، مؤكدة أن فرط استهلاك التقنيات والمواقع الاجتماعية يعتبر إدمانا "إذا أثر على الحياة اليومية للشخص، سواء بجعلها أبطأ أو تتوقف تماما، على المستويين الدراسي أو العملي، وحين يتسبب في شعوره بالضيق إذا توقف عن استهلاك أو التواصل مع هذه الوسائل". وأبرزت "إذا تبين بشكل عام أنه يجرى تخصيص وقت طويل للمواقع الاجتماعية والأجهزة الإلكترونية يفوق ذلك المخصص للتواصل الاجتماعي الحقيقي مع الأقارب أو الأصدقاء والأنشطة في الهواء الطلق، فيمكننا القول إننا في مرحلة استهلاك قهري". وتستطرد "يعزز التواصل الاجتماعي الزائف الذي يتعرض له الشخص عبرالشبكات الاجتماعية إحساسه بالعزلة ويبدأ في المقارنة بين أسلوب حياتهوالأساليب التي يراها في هذه المنصات والتي تروج لواقع غير حقيقي حيثالسعادة مضمونة طوال اليوم، ما يؤدي للشعور بعدم الرضاء والتوتر وبالتاليالإفراط في استهلاك أغذية سكرية أو غنية بالسعرات الحرارية لتعويض هذاالشعور". إذا كانت العطلة قد تؤدي لزيادة في استخدام الأجهزة الإلكترونية والشبكات الاجتماعية، فإن العودة للأنشطة اليومية عقب الإجازة قد يكون مناسبة جيدة ل"الانفصال عن الشبكات" و"تنقية" حياتنا والأنشطة "عبر الإنترنت". وتقول الخبيرة إن بدء "التخلص من السمية الرقمية" يساعدنا في وضع حدود واضحة لاستخدام وسائل الترفيه الرقمية، واستكشاف وسائل جديدة لملئ وقت الفراغ والانفصال عن التقنيات عن طريق ممارسة الرياضة والقراءة والعزف على آلة موسيقية أو الرسم. وقد قدمت جونزاليس نصائح من أجل استمتاع بحياة رقمية صحية دون السقوط في فخ الاعتماد العاطفي أو أي خلل نفسي أو سلوكي آخر عن طريق وصفة "تخلص من السمية": 1- راجع وأزل رسائل البريد الإلكتروني من النشرات الإخبارية التي لا تقرأها. 2- إلغ إشعارات الهاتف المتعلقة بصندوق الوارد في البريد الإلكتروني وخصص لنفسك ساعتين محددتين لمراجعة الرسائل الواردة لك. 3- ضع جميع مجموعات الدردشة على وضعية الصمت واحذف تلك التي لم تعد تستخدمها. 4- إلغ تفعيل إشعارات وصوت تطبيق (واتساب) كي لا تخصص وقتا طويلا من اليوم في النظر إلى شاشة الهاتف لتتحقق ما إذا كانت هناك رسائل جديدة. 5- ادرس كيفية استخدامك للشبكات الاجتماعية، قم بإزالة تلك التي لا تستخدمها أو التي تسبب لك شعورا نفسيا سلبيا. 6- تحكم بالوقت الذي تخصص للشبكات الاجتماعية، وحين ينتهي اصرف انتباهكإلى أنشطة أخرى. 7- لا تلج إلى الشبكات الاجتماعية في فترة الراحة خاصتك أو عطلة نهاية الأسبوع أو الأجازة، لأطول وقت خلال اليوم. 8- استأنف قراءاتك المؤجلة والأنشطة في الهواء الطلق. 9- ارسم مخططا لأنشطتك اليومية بما في ذلك وقت العمل ووقت الترفيه والوجبات الخمس الرئيسية، سيساعدك ذلك في معرفة اي وقت من اليوم ستخصصه للعالم الرقمي كي لا يتداخل مع أي نشاط آخر. 10 - انتبه للوقت: الطعام نشاط مهم يجب أن نوليه وقتا واهتماما، والتركيز عليه حين يحين وقته يتطلب؛ تجنب استخدام الشاشات والهاتف أثناء الأكل. يمكنك الاتفاق مع شخص ما بحيث تتناولا الطعام سوية كي تترك الهاتف المحمولجانبا وتركزان على نشاط تناول الطعام والدردشة أثناء ذلك. يوصى بالحد من رسائل المحادثة الفورية عبر الشبكات الاجتماعية واستبدالها باللقاءات الفعلية الواقعية أو المكالمات الهاتفية. 11-نظم الوقت الخالي من التقنيات، أعد قائمة تضم الأنشطة البديلة أو الاهتمامات التي لا تتطلب استخدام أجهزة إلكترونية. 12- استخدم منبه بدلا من ذلك الموجود بالهاتف المحمول. هذه الحيلة البسيطة ستساعدك في ألا تكون الشبكات الاجتماعية هي أول ما تطالعه فور استيقاظك.