أدرجت منظمة الصحة العالمية، اضطراب ألعاب الفيديو، ضمن النسخة النهائية لقائمة الأمراض المعترف بها دوليا لعام 2018. وذكرت مجلة "فوربس" الأميركية، أول أمس الثلاثاء، أن هذه هي المرة الأولى التي يجري فيها إدراج الاضطراب العقلي المترتب على إدمان ألعاب الفيديو الإلكترونية، ضمن قوائم الأمراض المعترف بها صحيا، والتي يتوجب رصدها، وينصح أن تكون لها عيادات وأطباء ووصفات علاجية. وأضافت أن قائمة الأمراض المعترف بها دوليا لم تشهد أي تغيير منذ عام 1991، إلا أن منظمة الصحة العالمية قامت بإعداد مشروع نسخة جديدة للقائمة لعام 2018. وأشارت إلى أن مسودة الدليل التشخيصي رقم 11 لقائمة الأمراض التي تصدرها منظمة الصحة العالمية وتجددها سنويا، تتضمن لعام 2018 اضطراب ألعاب الفيديو والألعاب الرقمية باعتباره إدمانا ومرضا عقليا. وتشخص المنظمة هذا المرض بأنه نمط سلوك مستمر أو مكرر لألعاب الفيديو أو الألعاب الرقمية، سواء كان عبر الإنترنت أو غير متصل بالشبكة العنكبوتية، يتسم لدى من يعاني منه بضعف السيطرة على النفس وعدم القدرة على التوقف عن ممارسة ذلك لساعات طويلة وبكثافة عالية. وقال عضو إدارة الصحة العقلية لمنظمة الصحة العالمية، فلاديمير بوزنياك، إن "الأخصائيين يحتاجون إلى الاعتراف بأن اضطراب الألعاب له عواقب وخيمة مثل الإدمان على شرب الكحول". وأوضح أن "الكثيرين من ممارسي الألعاب الرقمية ليسوا كمدمني الكحول، لكن الإفراط في ذلك ولمدة 12 شهرا مثلا، يمكن أن يحدث اضطرابات وآثار سلبية تحتاج إلى عيادات وأطباء وعلاجات". يذكر أن الأخصائيين اعتبروا سابقا أن الإدمان على "الشراء أو العمل أو مشاهدة التلفاز" يؤدي إلى الهوس، فضلا عن الأنواع الأخرى من الممارسات التي تؤدي إلى اضطرابات نفسية خطيرة بما في ذلك الإدمان على الإنترنت. وكان خبراء بمنظمة الصحة العالمية، أعلنوا في سبتمبر 2015، عن نيتهم وضع إدمان الإنترنت وتصوير "السيلفي" على قائمة الأمراض النفسية. وأوضح كبير خبراء الأمراض النفسية في موسكو، الطبيب بوريس تسيجانكوف، أن الخبراء يعملون الآن على إعداد قائمة التصنيف الدولي للأمراض النفسية التي سيضاف إليها الإدمان على التقاط صور "السيلفي"، وعلى استخدام شبكات التواصل الاجتماعي. المراهقون أكثر تأثرا بإدمان الهواتف الذكية يتفقد الشخص العادي هاتفه 150 مرة في اليوم. وفي استطلاع أجرته شركة ديلويت، وجدت أن 82% من الأميركيين يقتنون هاتفا ذكيا، ومن بين هؤلاء، هناك 92% يستعملونه خلال التسوق، و87% خلال تناول الطعام في المنزل (في حين ينبغي أن يكونوا مستغرقين في الحديث مع أحبائهم)، و44% يستعملونه أثناء قطعهم للشارع. ولعل المراهقين هم الأسرع تأثرا بإدمان الهواتف الذكية. حيث يمتلك 73% من المراهقين الأميركيين هاتفا ذكيا أو يحظون بالقدرة على الوصول لواحد. ومن بين هؤلاء، يستخدم 96% الإنترنت عبره يوميا، وذلك بحسب استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث. هل يتوجب على الأهل أن يحدوا من ذلك؟ ربما، وهذه أحد المخاوف المتعلقة بالتنشئة الاجتماعية. فاستخدام هذه الأجهزة لأداء معظم تفاعلاتهم الاجتماعية عبر الإنترنت قد يجعل المراهقين أقل قدرة على تشخيص المشاكل والتفاعل مع الآخرين وجها لوجه. ومن ناحية أخرى، وأكثر خطورة ربما، كان يتساءل علماء الأعصاب حول أثر هذا التعرض للهواتف الذكية على صحتنا العصبية، خاصة لدى الأطفال والمراهقين الذين لا زالت أدمغتهم في طور التشكل. يستخدم هيونك سوك سيو، أستاذ التصوير الإشعاعي العصبي في جامعة كوريا في سول في كوريا الجنوبية، وبرفقة زملاءه توجها جديدا لاستكشاف ذلك. جلبوا 19 متطوعا شابا ممن شُخِّصوا بإدمان الإنترنت أو الهواتف الذكية، 9 من الذكور و10 من الإناث. معدل أعمارهم هو 15.5. وبعد ذلك، تم تقييم حدة إدمانهم باستخدام اختبارات معيارية لفحص الإدمان، حيث تتضمن تقييمات لدرجة إنتاجياتهم ومشاعرهم وحياتهم الاجتماعية ونشاطاتهم اليومية. وقد تبين أن المراهقين المدمنين يمتلكون معدلات عالية من القلق والاكتئاب ومشاكل في التحكم بالانفعالات واضطرابات النوم. ثم تم مقارنة هؤلاء المشاركين مع 19 مراهقا آخر يتطابقون في العمر والجنس مع تلك المجموعة، حيث اعتبروا كمجموعة ضابطة صحية. في هذه الدراسة، وجد الباحثون أن المراهقين المشخصين بإدمان الهواتف الذكية أو الإنترنت كانوا أكثر ميلا للمعاناة من القلق أو الاكتئاب، ويعود ذلك إلى غياب التوازنات الكيميائية في الدماغ. تلقى 12 من المشاركين المدمنين علاجا سلوكيا إدراكيا (CBT) خلال فترة الدراسة، حيث يعود هذا النمط إلى برنامج للعناية بالمدمنين على اللعب. كما تلقى هؤلاء المشاركين اختبارات التحليل الطيفي بالرنين المغناطيسي قبل البداية بالعلاج السلوكي الإدراكي. وما وجده الباحثون هو أنه لدى المدمنين على الهواتف الذكية والإنترنت، هناك ناقل عصبي موجود في جزء من الدماغ يدعى القشرة الحزامية الأمامية، وكان فيها درجات عالية من النشاط فوق المستوى الطبيعي. تُعرف هذه المنطقة بارتباطها بالإدمان، فهي ترتبط بمركز المكافأة في الدماغ. لذا بينت الدراسة بوضوح أن الدماغ قد تغير من الداخل كنتيجة لإدمان الإنترنت أو الهواتف الذكية.