يبدو أن الدورات المقبلة لمجلس الأمن ستحملُ غير قليل من المشاكل للدبلوماسية المغربية، بعد الإصرار الذي أبدته خارجية جنوب إفريقيا في التنسيق مع دول مقربة من جبهة البوليساريو، تتقدمها الجزائر، وذلك بلقاء وزير خارجيتها، عبد القادر مساهل، قصد نقل وجهة نظر مناوئة لمصالح المملكة، تزامنا مع تواجدها كعضو غير دائم في مجلس الأمن في الدورات المقبلة. اللقاء الذي احتضنته الجزائر العاصمة، وحضرته وزيرة الخارجية الجنوب إفريقية، لينديوي سيزولو، تناول فيه الطرفان قضية الصحراء المغربية، حيث شددا على اتفاق وجهات النظر بخصوص حل القضية "من خلال ممارسة ما يسمى الشعب الصحراوي لحقه في تقرير مصيره وتطبيق اللوائح الأممية وقرارات مجلس الأمن". وبالموازاة مع اللقاءات المكثفة التي تعقدها جنوب إفريقيا، أصدرت بيانا تبدي فيه مساندتها للبوليساريو، وترحيبها بالمفاوضات الرباعية التي احتضنتها جنيف، داعية الأطراف إلى "إظهار إرادة تساعد على بناء مناخ الحوار"، وزادت: "قرار العودة إلى طاولة المفاوضات خلال الربع الأول من السنة المقبلة إيجابي". وأضافت الخارجية، في بيان لها، أن "جنوب إفريقيا مرتاحة لتمكن أطراف الصراع من اللقاء، وتتمنى أن يتم التوصل إلى حل عادل ومقبول من كلا الطرفين، بما يضمن تقرير مصير شعب الصحراء الغربية"، على حد تعبيرها. وفي هذا الصدد، يرى هشام معتضد، الأستاذ الجامعي في كندا، أن "التشبث بالمواقف السياسية الكلاسيكية لمحور الجزائر-جنوب إفريقيا بخصوص ملف الصحراء، خلال اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الجزائري بنظيره الجنوب إفريقي، قد يدفع مسار المفوضات التي تجمع جل الأطراف المعنية بقضية الصحراء والمنتظم الدولي إلى مراجعة مدى الاستعداد الجدي للجزائر للانخراط الإيجابي في مسلسل المفاوضات بين جل أطراف النزاع". وأضاف معتضد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه "رغم استعداد جنوب إفريقيا لاستلام مقعدها داخل مجلس الأمن خلال الولاية الحالية فإن طموح الجزائر للاستفادة من هذه الورقة لإيصال أطروحتها الكلاسيكية قد يعصف بالمبادرات الأممية في هذا الملف"، مشددا على أن "القائمين على تدبير ملف الصحراء على مستوى الأممالمتحدة سيتابعون مدى جدية السياسية الجزائرية في هذا الباب، خاصة أن دورها في إنجاح مسلسل التسوية في الملف كطرف مباشر يتمثل في تحمل كامل المسؤولية السياسية والتاريخية لإنهاء الصراع". وأوضح الباحث في جامعة شيربوك الكندية أن "التشبث بالمنهجية ذاتها في التواصل السياسي من طرف الجزائر، وذلك رغم انطلاق جولة جديدة من المفاوضات، لن يدفع مسلسل التسوية إلى إيجاد خريطة طريق لإنهاء هذا الصراع المفتعل". وزاد قائلا: "للجزائر دور مهم ومباشر في إطار هذا النزاع، والظرفية الإقليمية والسياسية الراهنة تحتم عليها الانخراط الفعلي والإيجابي من أجل تجاوز الخلافات للتركيز على الرهانات المشتركة والبناءة".