غير آبهة كثيرا بأحاديث الملأ، حوّلت عديد الدول، التي تراهن على تموقعات جديدة داخل المنتظم الدولي، الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك إلى فناء خلفي لتدبير المواقف قبيل جلسة مجلس الأمن المرتقبة أكتوبر المقبل؛ فالجزائر تسارع خطاها لاستقاء مواقف الصحراء من فرنسا أولا وروسيا ثانيا. والتقى صبري بوقدوم، وزير الخارجية الجزائري، مساء أمس الأربعاء، بسيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسي، وهو ما تداركه الطرف المغربي أيضا عبر لقاء جمع ناصر بوريطة بلافروف؛ لكن الشغل الشاغل لقصر المرادية يبقى هو الدعم المتواصل الذي تقدمه فرنسا لموقف المملكة من الصحراء، ولقياس قوته جالست الدبلوماسية الجزائرية الوزير الفرنسي جون ايف لودريان. وموازاة مع اللقاءات المكثفة، حاول المغرب استثمار وقوف إسبانيا على الحياد من قضية الصحراء، ورميها كرة حل الملف إلى الأممالمتحدة، من أجل لقاء مع وزير الخارجية الإسباني جوزيب بوريل، كما مضت الدبلوماسية المغربية نحو اختراق بلدان النمسا وجنوب السودان وكوبا وصربيا ورومانيا. وفي السياق، قال هشام معتضد، أستاذ جامعي مغربي بجامعة شيربوك الكندية، إن "اللقاءات التي تعقدها الجزائر والمغرب على هامش دورة الأممالمتحدة هذه الأيام تدخل في إطار تبادل الآراء ومشاورات حول العديد من القضايا الإقليمية المشتركة، وخاصة ذات الاهتمام المشترك والتي تندرج تحت ما يصطلح عليه الدفاع عن المصالح الإستراتيجية المشتركة". وأضاف الباحث في العلاقات الدولية أن "كلا من المغرب والجزائر يسعيان، من خلال عقد هذه اللقاءات مع القوى الإقليمية والدولية، إلى تقديم روئ حول الملفات الحساسة ذات الاهتمام المشترك؛ ولكن هي مناسبة أيضا لمناقشة المستجدات الجيوستراتيجية في المنطقة، وما يرافق ذلك من الحسابات السياسية لضبط التوازنات والحفاظ على المصالح المشتركة في المنطقة". وبالنسبة لمعتضد، ف"هذه اللقاءات تشكل أيضا مناسبة جديدة لكسب مزيداً من الدعم من القوى الإقليمية والدولية في ملف الصحراء. ومما لا شك فيه، أيضاً، أن موضوع تأخر تعيين مبعوث خاص جديد للأمم المتحدة إلى الصحراء سيكون حاضراً وبقوة في قلب المحدثات الثنائية"، مستدركا أن "هذا النوع من اللقاءات الغير رسمية لا يمكنها أن تساهم في حل الملف خارج إرادة سياسية حقيقية، تؤمن بالواقعية التاريخية للملف ودعم دولي لمسلسل التسوية، من أجل الخروج بحل شرعي وعادل يتماشى والمسؤولية التاريخية للملف".