أخلت الجزائر مسؤوليتها من نزاع الصحراء المغربية، على الرغم من أنها تُعدّ البلد الداعم والحاضن والممول الرئيسي لجبهة البوليساريو الانفصالية؛ فقد أكدت، مساء أمس الجمعة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن حل هذا النزاع الإقليمي لن يتأتى إلا عن طريق الحوار بين المغرب وجبهة البوليساريو. وقال صبري بوقدوم، وزير الخارجية الجزائري، في كلمة باسم الجزائر، أمام الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إن بلاده تتمنى أن "تسود روح الحوار بين الأشقاء في المغرب وجبهة البوليساريو من أجل التوصل إلى حل نهائي يضمن للشعب الصحراوي ممارسة حقه المشروع في تقرير المصير، وفق مبادئ الأممالمتحدة وقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن ذات الصلة". وعبرت الجزائر، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن أسفها لعدم تحقيق الديناميكية التي توقعها الأمين العام للأمم المتحدة في قضية الصحراء، وأضاف صبري بوقدوم في هذا الصدد: "نأسف لاستقالة المبعوث الأممي إلى الصحراء هورست كوهلر". وتأتي تصريحات وزير الخارجية الجزائري كمحاولة للتملص من مسؤولية الوقوف وراء استمرار إطالة أمد نزاع الصحراء؛ فعلى الرغم من أن الأممالمتحدة تؤكد أن الجزائر طرف في نزاع الصحراء ودعتها إلى جولات كولر السابقة، فإنها تُواصل سياسة المراوغة في ظل الأزمة السياسية التي تتصدر المشهد في الجزائر. من جهة ثانية، قال صبري بوقدوم، في كلمته، إن "الجزائر ستواصل بناء صرح الاتحاد المغاربي الذي انطلقت بذرته الأولى بالجزائر منذ ثلاثة عقود"، وأكد أن بلاده "تبقى على استعداد كامل من أجل ترجمة هذا الهدف، الذي تصبو إليه شعوبنا في المنطقة، على أرض الواقع". ويبدو أن الجزائر تعودت على سياسة "تكوي وتبخ"؛ ففي الوقت الذي رفضت فيه الاستجابة إلى دعوة الملك محمد السادس، لأكثر من مرة، والتي دعت الأشقاء في الجزائر إلى طي خلافات الماضي والتوجه إلى المستقبل، لما فيه مصلحة الشعبين الجارين، أخلت مسؤوليتها اليوم من أزمة الاتحاد المغاربي. وفي خطاب رسمي بمناسبة الذكرى ال43 للمسيرة الخضراء، دعا الملك محمد السادس الجزائر إلى إعادة فتح الحدود المغلقة بين البلدين منذ العام 1994، واقترح العاهل المغربي إنشاء آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور. وأكد الملك محمد السادس انفتاح المملكة المغربية على المقترحات والمبادرات التي تتقدم بها الجزائر، بهدف تجاوز الجمود في العلاقات بينهما. وأضاف الملك محمد السادس أن الآلية التي يقترحها على الجزائر تتناول قضايا الاستثمار وتعزيز التشاور الثنائي تجاه التحديات الإقليمية والدولية، وأهمها مكافحة الإرهاب وإشكالية الهجرة، بما يضمن إرساء علاقات ثنائية متينة؛ لكن النظام الجزائري قابل يد الملك محمد السادس الممدودة باستمرار دعم التنظيم الانفصالي.