أثارت صور وأشرطة للحظة توقيف سائق سيارة خفيفة بمدينة مراكش وهو يرتدي ملابس نسائية، تزامنا مع الاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة، ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي. كما تعالت أصوات الفعاليات الحقوقية التي نددت بالجهة التي أشرفت على عملية التشهير. نوفل بوعمري، محامٍ ناشط حقوقي، قال إن "قرار فتح التحقيق في تسريب فيديو معتقل مراكش قرار صائب، لكن الواقعة تكشف أن العنصر البشري للمديرية العامة للأمن الوطن يحتاج إلى إعادة تأهيل في كيفية التعاطي مع بعض القضايا والملفات، خاصة ذات الارتباط بالحرية الفردية أو التي تمس الأفراد في حياتهم الشخصية". وأضاف بوعمري، في تدوينة نشرها على الموقع الأزرق، أن "رجال الأمن ممَّن يقومون بعملية الاعتقال هذه يجب أن يتمتعوا بحس حقوقي عالٍ يجعلهم في منأى السقوط نحو المس بالمعتقلين في هكذا حالات، لأن التشهير بهم يتجاوز الواقعة في حد ذاتها ويؤدي إلى عواقب تمس الحياة الخاصة لهؤلاء الأشخاص، بل قد يؤدي إلى تهديدها بسبب ما قد يتلقوه من ردود فعل سلبية من طرف البعض". ونقلت حنان رحاب، البرلمانية عن حزب الاتحاد الاشتراكي، النقاش إلى قبة البرلمان، بعدما وجهت سؤالا شفويا آنيا إلى وزير الداخلية حول نشر صور وأشرطة توقيف عدد من الأشخاص في مجموعة من مناطق المملكة بمناسبة ليلة رأس السنة من طرف رجال الأمن، مؤكدة أنه "جرى تصويرهم بطريقة مخالفة للقانون، ما يضرب في الصميم الحق في الصورة وقرينة البراءة وقواعد المحاكمة العادلة". فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراكش تفاعل بدوره مع الواقعة التي تسببت في الجدل، معتبرا أن "ما حدث تشهير بالرجل ومس خطير بكرامته، وتهديد حقيقي لسلامته النفسية والبدنية"، وأنه "كان حريا برجال الأمن نقله مباشرة من سيارته إلى سيارة المصلحة الخاصة بالشرطة دون تعريضه للخطر والتشهير به". وأوضحت الجمعية الحقوقية، في بيان لفرعها بمراكش توصلت هسبريس بنسخة منه، أن "القضاء هو الجهة الوحيدة المختصة في إنزال أي عقوبة في حالة تجاوز وخرق القانون، ولا يجوز لأي جهة معالجة أي تجاوز محتمل للقانون بانتهاك حريات الأشخاص". واستغرب المصدر ذاته "مثل هذه الممارسات الحاطة بالكرامة الإنسانية"، مطالبا "الجهات المختصة بفتح تحقيق في النازلة، ومساءلة الجهة التي قامت بالتصوير وتعميم الشريط، والتي أشرفت على التشهير وتعريض مواطن للخطر". في السياق ذاته، كلّف المدير العام للأمن الوطني مصالح المفتشية العامة بإجراء بحث إداري لتحديد ظروف وملابسات تسريب صور لشخص في وضعية خلاف مع القانون، وترتيب المسؤولية التأديبية في حال تسجيل أية تجاوزات محتملة من طرف موظفي الأمن الوطني. ودخلت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان على الخط، واستنكرت "الممارسات الحاطة بالكرامة الإنسانية التي رافقت إيقاف أحد الأشخاص على خلفية حادثة سير عادية، عبر حملة تشهير ممنهجة اقتحمت الخصوصيات الفردية للشخص الموقوف، بل تجاوزتها عبر نشر صور وفيديوهات في مواقع إلكترونية عدة". وشددت الرابطة على أن "نشر بعض المعطيات الشخصية ووثائق العمل يثبت التشهير الممنهج، وتصوير بعض رجال الأمن كأنهم قاموا بعمل غير مسبوق في مدينة مراكش السياحية، التي من المفروض أن يتلقى رجال الأمن والنيابة العامة فيها تكوينا خاصا حول التعامل مع كافة الفئات والقناعات في إطار احترام القانون وتطبيقه على الجميع، مع احترام التزامات المغرب الدولية بشأن حقوق الأشخاص الموقوفين، لكن ما شاهدناه يوازي ممارسات الجماعات المتطرفة العنيفة".