كان حقا اعتبار شهر أكتوبر لهذه السنة المناسبة التي أيقضت العقل المغربي لطرح سؤال عميق ومهم يتمثل في الأسباب الظاهرة والخفية التي دفعت حكومة السيد العثماني لاتخاذ قرار متسرع وغير محسوب العواقب بترسيم التوقيت المؤسساتي المغربي وذلك بالإبقاء على التوقيت الربيعي في عز الخريف. في نظرنا ليس هذا هو السؤال المهم في هذا وبالذات وإن كانت الدفوعات التي تقدم بها المواطنون المغاربة باختلاف مشاربهم وأعمارهم تظل ذات صلابة حقيقية من أمن و نقل و مطاعم التلاميذ والطلبة وتطبيب وجودة تعليم ومؤسسات الإيواء وملاعب رياضية وفوق كل ذلك توفير فرص الشغل للشباب المغربي عبر تشجيع الإستثمار الوطني قبل الخارجي وتوفير السكن اللائق. يبدو أن الظروف المناسبة لترسيم التوقيت الصيفي هو الأهم من التوقيت نفسه. إن السؤال الأهم بالنسبة لنا هو مدى استجابة النموذج الإقتصادي المغربي لمطلبات وحاجيات الساكنة المغربية. ولو كان بالإيجاب لما اهتم أحد بالتوقيت المعتمد لأن معظم المواطنين منشغلون بعملهم ودروسهم وكتبهم التي تضمن لهم العيش الكريم والسكن الهادئ والموارد الكافية والإستغلال الأنسب للوقت صيفا كان أو خريفا أو شتاء أو ربيعا. لا فرق ما دام الكل منشغل بالأهم. السؤال الأكثر أهمية بالنسبة لنا هو هل دقت ساعة التغيير بالمغرب والتي مفادها أن هذه المسرحية التي لا تغري غير لاعبيها والمتمثلة في جهاز تنفيذي ليس فقط غير كفئ ولكن خصوصا غير آبه بالأصوات والحناجر التي ارتفعت في أرض وسماء المغرب معلنة عن أحقيتها بوضع أحسن ومستقبل أفيد في ظل تسلسل الضربات الموجعة التي يتلقاها واحدة تلو الأخرى دون رحمة ولا شفقة. الساعة ليست ساعة هذه الحكومة. لقد وقع خطأ ما جعل العديد من المسؤولين بالمغرب يظنون أنهم الأنسب لهذه الساعة الحاسمة رغم أن وطننا يعج بكفاأت عالية في مجالات شتى تبقى في حالة شرود وتهميش غير مسبوقين في زمن تهافت الدول المتقدمة في إغراء شبابنا المتنور وتبحث الأمم المتحضرة في دعم الرأسمال البشري وتوفير الشروط الموضوعية واللازمة لتحقيق تنمية شاملة عمادها نساء ورجال نالوا حظهم من التربية والتعليم والتكوين والتجربة المناسبة. أما السؤال الثالث ذو أهمية قصوى في ساعة كهذه هو متى سنعي حتمية الرجوع إلى الأصل والعودة إلى التدبير الداخلي وذلك بالإعتماد على الموارد الذاتية في بناء مغرب قوي ومستقل. لعل أبرز استفزاز لكل المغاربة منذ ثمانيات القرن الماضي هو تفاقم أزمة المديونية الخارجية والداخلية ببلادنا. فسؤال تمويل الإقتصاد المغربي جوهري ولا يحتمل التأجيل إلى ساعة أخرى. مهم جدا أن نضحي من أجل الوطن ولكن أن يبقى الوطن مستقلا عن الخارج كيفما كان الوضع الذي تسببت فيه عقولنا وخبرتنا وأفكارنا وطريقة تدبيرنا أهون من إملاأت القوى الخارجية التي لا تهمها أولا وأخيرا سوى مصالحها. فالوقت قد حان لجعل مصلحة كل المغاربة فوق كل اعتبار وبناء مستقبلنا بأيدينا وذلك بإعطاء القيمة الحقيقية لبعضنا البعض والتضامن فيما بيننا وإرساء سياسات وإعداد قرارات مبنية على الإنسان كحجر أساس لغد أفضل قوامه تعليم جيد للجميع والقطع مع اعتماد مستوات مختلفة للتعليم خصوصا الأساسي. إن المغرب يحتاج لكل سواعده وعقوله للدفاع عن مصالحه كل حسب نبوغه وموقعه ولذلك لا يسعنا إلا توفير فرص الدراسة الجيدة للجميع لأننا نعيش في زمن المنظومة وكل واحد يعمل في تناغم وتنسيق تام حتى يحق لنا في ساعة المستقبل ساعة صيفية عنوانها الأبدي حصاد النتائج المرجوة. *أستاذ التعليم العالي المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير جامعة القاضي عياض مراكش