أوضح الوجهُ البارز في حزب الأصالة والمعاصرة، عبد اللطيف وهبي، أنَّ "النقاش الذي يشهدهُ الحزب صحي رغم ارتفاعِ حرارته" لأنهُ سيرسمُ توجه الحزب وسيجيبُ عما إذا كان الحزب يستطيع أن يقاوم في انتخابات 2021، وعن علاقته بالأحزاب الأخرى". وهاجم وهبي من دبجوا البلاغ الأخير، قائلا إنهم "لم يفهموا بأنَّ الحزب تغيَّر، وهم ما زالوا غارقين ومتشبثين بكراسيهم، ويبحثون عن أجوبة لأسئلة لم يطرحها عليهم أحد". في هذا الحوار مع جريدة هسبريس، الذي ينشر في جزأين، يؤكد وهبي، باعتباره أحد أشد "المعارضين" للأمين العام الحالي للأصالة والمعاصرة، أن "قيادات "البام" الحالية لا تتمتع بالشرعية النضالية"، مضيفا "لا يمكن أن يكون هناك مُنظرون يقودون الصراع والنضال منذ 2007، وفي الأخير يأتي شخص له سبعة أيام في الحزب ويصبحُ قيادياً وبرلمانيا". وعلق على ذلك قائلا: "يؤلمني ذلك، وأتمنى أن يكون لبعض الأصدقاء موقف واضح مما يحدثُ، وأن يكونوا نزهاء مع أنفسهم، ومع هذا الحزب الذي قدم لهم الكثير". إليكم نص الحوار: انقلابي وشاردٌ، ولم يطور ذاته، ما الذي فعلته لبنشماس حتى يصفكَ بهذه الأوصاف؟ وكيف تعاملتَ مع الموضوع؟ تعاملتُ معه بصراحة وصدق ووضوح، كما تعاملتُ مع الأمين العام بدعمٍ كبيرٍ وصدقٍ وعقلية نقدية، وبدونِ تملُّقٍ وحسابات ذاتية أو ظرفية. كنت واضحاً، وكنتُ أدافعَ عنِ الحزب، وسأظلُّ أدافعُ عنه، ولهم الحق في أنْ يصفُوني بما يريدون. هم يتمسَّكون بكراسي المكتب السياسي بشكلٍ غير قانوني وشرعي، وأنا أقول إنَّ الحزب لا يستحقُّ أن نتعامل معهُ هكذا، وأن نحوله إلى مجرد كرسي نريدُ الجلوس عليه لحسابات ذاتية فقط. هل هذا الخلاف صحي؟ لماذا توجدُ دائماً في واجهة الصراع مع أمناء "البام"؟ أنا ما زلت أؤمنُ بالأصالة والمعاصرة كحزب كبير له تاريخ، وله مستقبل. أما علاقتي بالأمين العام، فهو لم يتفق معي فحسب، بل اتفق مع عدد من الأقاليم على أن ندعمهُ بشرط أن يحترمَ مجموعة من القواعد مستقبلاً، منها القطيعة مع ممارسات الماضي، وخلق ممارسات فُضلى في إطار التسيير وإدارة الحزب، وخلقُ علاقة جديدة تقومُ على الديمقراطية والتشاور في اتخاذِ القرارات الكبرى التي تهمُّ الحزب، وإبعاد بعض الأشخاص الذين سميتهم في الماضي إلياس العماري بصيغة الجمع. وهناك أسباب أخرى لا مجال لذكرها الآن. وقد التزمَ الأمين العام بذلك، بل قال في بيتي إنه سيديرُ الحزب بالتوافق الجماعي، فقبلنا الأمر وساندناه. لكن كل ما اتفقنا عليه تم التراجع عنهُ: لم يبت في طعون المكتب السياسي، واعتمد الأشخاص أنفسهم الذين كانوا في محيط إلياس العماري، أي أنه يكرر تجربة إلياس بشكل مثير للسؤال، التصرفات نفسها، القرارات الفردية، والانبطاح أمام قوى سياسية أخرى. وقد قلت إننا لن نقبلَ بهذا الموقف. أنا لم أتغير، فما زالت منطلقاتي هي هي، لكن الذي تغيَّرَ هو الأمين العام. يجبُ أن تكونَ لنا قيادة وطنية تتشاورُ مع الجميع، ولها برامج تحترمُ الأقاليم والجهات، وتعطيها الفرصة كي تعيد هيكلة نفسها. لكّنكم تسيرونَ عكس توجيهات الملك الذي دعا إلى الارتقاء بالعمل الحزبي؟ ما نقومُ به هو تنفيذ القرار الملكي لأنه إذا أردنا أن نخدمَ المواطن يجبُ أن نخدمَ الحزب أولاً، وأن نعيد هيكلته كي نكون عندَ حسن ظنِّ المواطن، وأن نتجاوز بعض التصرفات، وألا نترك بعض الانتهازيين يستغلونه ضد مصلحة المواطن. نريدُ أن نخلق مؤسسة سياسية ديمقراطية حداثية تتجه صوب المستقبل في خدمة المواطن. أما الشكل الذي عليه الآن فهو في خدمة كمشة صغيرة من الناس، الذين يبحثون عن بعضِ المصالح الظرفية، والمادية المثيرة للشفقة. هل الملك راضٍ عن الخلافات الموجودة في "البام"؟ جلالة الملك لا يدخل في التفاصيل. الملك يضعُ البرامج والعناوين الكبرى، وعلينا نحنُ أن نسيرَ في اتجاهها، وكي نسيرَ في اتجاهها علينا أن نهيكل وننظّمَ أنفسنا... السياسة هي الصراع من أجل البقاء والاستمرارية والدفاع عن الأفكار، ونحن الشكل الذي نرى أهداف جلالة الملك نقول إن المؤسسة التي بين أيدينا الآن يجب أن تتطور، وأن تتجاوز خلافاتها، وأن تقوم بنبذِ بعض تصرفات الماضي حتى تستطيع أن تنفذ قرارات جلالة الملك مستقبلاً. كنت من مساندي بنشماش، ما الذي تغيّر حتى تدعو إلى تغييره؟ لأن مساحة الديمقراطية كانت متواضعة. الآن، المناضلون لم يعدوا يريدون أي أحد وصيا عليهم. في الجهات يريدون أن يتخذوا قرارات تهمُّ الجهات في تحالفاتهم وتصوراتهم وبرامجهم، وفي اختيار النواب البرلمانيين، والتوجه العام للحزب، والدفاع عن مواقفه ومبادئه الكبرى، لذلك ليسَ هناكَ الآن تخبط، هناك تطور للحزب. وبقدر ما هناك تطور هناكَ نقاش. ما يقعُ الآن في الحزب ليسَ صراعاً، بل نقاشا نحو الأفضل؛ وهذا التطور سوف تلاحظونه، لأن الخطاب الذي كان في عهدِ العماري أو البكوري ليسَ هو النقاش الذي يوجدُ الآن. النقاش آنذاك كانَ حول المواقع، والنقاش الآن منصبٌ حول توجه الحزب، وإلى أين نريدُ أن نسير به، هل هذا الحزب يستطيع أن يقاوم في انتخابات 2021؟ ما هي العلاقة التي تربطنا مع الأحزاب الأخرى؟ أما الذين دبجوا البلاغ الأخير فهم لم يفهموا بأنَّ الحزب تغيَّر. هم ما زالوا غارقين ومتشبثين بكراسيهم، ويبحثون عن أجوبة لأسئلة لم يطرحها عليهم أحد. هل ما زالَ طيفُ إلياس حاضرا في الحزب؟ لا أبداً. لو كانَ طيفُ إلياس حاضراً لكانَ هؤلاء يسيرون في الطريق بشكل جماعي بدون أن يقوموا بزيغٍ. إلياس بعيد عن هذا الموضوع. وبالمناسبة، كلّمني بالأمس في الهاتف، وابتسمنا وضحكنا، لكننا لم نتكلم في السياسة. أنا أعرف إلياس جيداً، هو إنسانٌ ذكي. حينما كلمني في الهاتف لم يتكلم عن السياسة، وهذا يعني أنه خارج عن هذا الموضوع. فدعوا الرجل بعيداً احتراماً لهُ. هل ندمتم على رحيل إلياس؟ لا أبداً، نحنُ حزب ينظرُ إلى المستقبل ولا يتشبث بالماضي. نحنُ لسنا ماضويين، نحن ننظرُ إلى المستقبل، وهذا الخلاف سيعطينا قيادة وطنية في مستوى عالٍ، ستقودُ الحزب نحو الأفضل. هل تطمحُ إلى قيادة "التراكتور"؟ لماذا تحرمونني من ذلك؟ ألستُ قياديا في الحزب؟ لماذا حرامٌ عليَّ أن أكون قيادياً في الحزب؟ أنا تمسكتُ بالأمين العام رئيساً للحزب، وقلتُ له إننا سنذهبُ إلى المؤتمر وإذا حصلت على الأغلبية سأكون أول واحدٍ يخاطبك بصفتك أمينا عاما. الموضوع الآن ليس من سيكونُ أميناً عاماً للحزب، بل من سيقودُ الحزب إلى انتخابات 2021، التي ستكون معركة قوية وعنيفة في المجال السياسي. في 2021 هل سنكون أو لا نكون؟ هل ستستطيع هذه القيادة أن توصلنا إلى 2021؟ تعالَ نبحثُ في القيادة الموجودة في المكتب السياسي لنرى من منهم يحصلُ على الأصوات، ستُصدمُ. لماذا هذا الخلاف الآن؟ لماذا المشكل الآن؟ لأن هذه القيادة لا تتمتع بالشرعية النضالية. لا يمكن أن يكون هناك مُنظرون يقودون الصراع والنضال منذ 2007، وفي الأخير يأتي شخص له سبعة أيام في الحزب ويصبحُ قيادياً وبرلمانيا. لا يمكن أن يكون هناكَ قيادي في الحزب كانَ خلالَ الشهر السابق يقودُ حملة انتخابية مع الأحرار، ويصبحُ قياديا في "البام". يؤلمني ذلك، وأتمنى أن يكون لبعض الأصدقاء موقف واضح مما يحدثُ، وأن يكونوا نزهاء مع أنفسهم، ومع هذا الحزب الذي قدم لهم الكثير. وهنا لا بدَّ أن أُشيد باخشيشن، الذي هو شخصية وطنية تتجاوزُ ما يقال عنها. الرجل تحمل مسؤوليته التاريخية بهدوء وبأعصاب، وحتى عندما صدرَ البلاغ لم ينزعج ولم ينفعل واستمر في مهمته. هذا هو المناضل الحزبي.