إحياء لذكرى الراحلة ليلى علوي، المصورة المغربية التي توفيت في تفجير إرهابي ببوركينا فاصو، يحتضن متحف "إيف سان لوران" بمدينة مراكش معرضا فوتوغرافيا لها بعنوان "المغاربة". ويحتوي هذا المعرض على صور التقطت في العديد من المدن والقرى المغربية مثل الصويرة، ومراكش، وآيت هاني، ومرزوكة، وخملية، وبومية، وتونفيت، ومولاي عبد سلام، وطنجة، وملوسة. ويتضمَّنُ المعرض صورا لمواطنين مغاربة بألبستهم الاعتيادية. والتقطت ليلى علوي بورتريهات سلسلتها المعنونَة ب"المغاربة"، حسب مطوية المعرض، بين سنوات 2010 و2014، في استوديو متحرّك كان يتنقَّل معها في رحلتها البرية داخل تراب المملكة، "بتقنية طلب الوقوف في وضعية التصوير من الموديلات، مع خلفية محايدة سوداء تجعل المواجهة واضحة بين الشخص وعين الكاميرا"، حسب ما كتبه غيوم دو سارد، القيِّمُ على المعرض كنز بصري يحوي معرض الفنانة الفوتوغرافية ليلى علوي كنزا بصريا يضم صور مغاربة ومغربيات من مختلف الأعمار والانتماءات الجغرافية التي تؤكد، ولا تنفي، الانتماء الأكبر لرقعة جغرافية بكل ما تعنيه من تمثّلات وقيم تنعكس في الاختيارات الجمالية والسلوكية لقاطنيها. في يمين المعرض تستقبلُ المرتادينَ صورةُ امرأة ريفية تلتحف إزارا تتجاور فيه الخطوطُ السوداء والحمراء والبيضاء، وترتدي قبعة من "الدُّوم" توحي أوّلَ الأمر بكونها "جبلية"، ويعتلي قُبَّعتها غطاء تتحجّب به فيبدي أكثرَ تجاعيدَ مُحيَّاها المائل إلى السمرة. يجاورُ المرأةَ الريفية شيخ عجوز بِ"رَزَّته" الصفراء، التي يعتليها قِبّ جلبابه الداخلي الأسود الذي "يغشاه" جلباب سماوِيُّ اللون، تخفي عُقَدَه عصا الرجل التي يسند رأسه عليها في وقت التقاط صورته، ويتكّئ عليها في ما عدا ذلك. رجل مغربي آخر أكثر "معاصرة" يقف بجانب الصورتين السابقتين بشاربه الأسود، وقميص لا يلائم مقاسه ويختفي جزء منه في سرواله، ويمسك بيُمناهُ سيجارة يدل رمادها على مدة توقفه عن تدخينها من أجل "تأبيد" وقفتِهِ. ذاكرة مغربية يحضر في معرض "المغاربة" مغاربةٌ يرتدون جلابيب ممتلئة دالة على برد المناطق التي نسجت فيها وموقعها الجبلي، ومغاربة يرتدون جلابيب "مدنية أكثر" بالمناطقِ المعتدِلِ جوُّها صيفا وشتاء، ومغاربة آخرون يرتدون قمصانا نسيجها رفيع يدُلُّ على حر المنطقة التي يقطنونها. المغاربة الذين التقطت ليلى صورَهم، بابتسامتهم الخفيفة أو زمجرتهم التي تعكس عدم استئناس بعدسة آلة تصوير الفنانة، تؤثث وقفاتهم عمائم بيضاء وصفراء وسوداء وقبعات مزركشة، وحتى كوفيات فلسطينية يقون بها رؤوسَهُم قيظَ الشمس، وآلاتٌ موسيقية مثل الغمبري، والكمان، والطبل، والقبقب، التي تجر كل منها، بدورها، أصولا واختيارات سمعية وذوقية. ويُستشفّ من هذه الصور، التي "استرقتها" ليلى علوي من خِضمّ الحياة اليومية لمن صوَّرَتهُم، التغيراتُ التي طالت لباس المغربي والمغربيّة، وبالتالي التحولات التي لحقته، فمن جلباب رجل مسن يطل من جيده قميص، إلى جلباب خشن يرتديه شاب عشريني ويبدو أسفله قميص رياضي فاقع لونُه، فجلباب رسومُهُ شديدة الحمرة ترتديه شابة ثلاثينية، وبذلة رياضية لإحدى الماركات العالمية يرتديها شاب من أقاصي المغرب. معرض "المغاربة" ذاكرة تُجمِّعُ بعضا من مظاهِرِ "مغربيتنا" وتجلياتها على اختلافاتنا وتغيراتنا؛ فقد تضمن صور ألبسة أطلسية نسوية مغرقة في العراقة والقدم، وصور "ملاحف" ونُقُب مغربية لم تعد حاضرة إلا في المتاحف أو على أجساد بعض النسوة اللواتي جاوزن الستين، وصور رجال نُحِتت قسوةُ الأيام والوطن على تقاسيم وجوههم وألبستهم البالية، وصور أطفال يرتدون ما ارتداه أسلافهم دون أن تمثِّل ألبستهم حقيقة ما مثّلَتهُ في يوم من الأيام من انتماء "نقيّ متفرد"؛ لأن الأيام غير الأيام، ولأننا لسنا بدعا من الناس.