أمام صمت السلطات، أبت ساكنة بلدية حد السوالم إلا أن تنقل معركتها ضد معمل خاص ب"الزفت"، تنبعث منه روائح كريهة تتسبب في اختناقات عديدة للمواطنين وتقض مضجعهم، إلى مقر عمالة برشيد، حيث خاضت وقفة احتجاجية للتنديد بهذا الوضع. وصدحت حناجر العشرات من المواطنين الذين حجوا من بلدية حد السوالم إلى مدينة برشيد بشعارات تطالب السلطات العاملية بالتدخل لإغلاق المصنع الذي يتسبب لهم في أمراض تنفسية خطيرة، ويقض مضجعهم، مشددين على أنهم يرفضون العيش ورائحة "الزفت" تخنقهم. "كيف تعيش فالسوالم، وريحت الزفت خانقة بنادم"، "هذا عيب، هذا عار..هاد الزفت رَآه خطر"، "اللجان مشات وجهات..والحالة هي هي"، من بين الشعارات التي رفعها ممثلو المجتمع المدني ببلدية حد السوالم، المنضوون تحت لواء التنسيقية المحلية للمجتمع المدني، مطالبين عامل برشيد بالخروج من مكتبه لإنقاذ الساكنة من هذا التلوث. محمد فرجي، عضو التنسيقية، أكد لجريدة هسبريس الإلكترونية أن احتجاجهم اليوم أمام عمالة برشيد بعد سلسلة احتجاجات بحد السوالم يعد "رسالة إلى المسؤول الأول بالإقليم من أجل إيقاف الضرر، لأنه يمس الصحة والبيئة والاقتصاد ويشكل خطرا على المنطقة". وشدد فرجي ضمن تصريحه على أن منشأة "الزفت" جعلت العديد من المواطنين القاطنين بحد السوالم "يفكرون في المغادرة، لما نتج عن المصنع من أضرار صحية، ناهيك عن تراجع العقار بشكل مهول بسبب رفض المواطنين الاستقرار في أماكن تعرف تلوثا". وأوضح المتحدث نفسه أن التنسيقية سبق أن عقدت لقاءات مع السلطات المحلية، فخرجت لجنة لمعاينة المنشأة، ليتم عقب ذلك إصدار توصيات، وزاد مستدركا: "لكننا لا نعرف مآلها..على هذه السلطات فتح تحقيق في الموضوع"، مردفا: "مطلب إغلاق مصنع "الزفت" لا يعني أننا ضد الاستثمار كما يروج لذلك البعض، لكن لا يمكن القبول باستثمار على حساب صحتنا". من جهته، عبر الصديق بوعصيد عن تذمره مما آلِ إليه الوضع، خاصة أنه حل بمدينة حد السوالم بحثا عن بيئة نقية بسب الحساسية التي تعاني منها ابنته، مؤكدا أن التلوث الذي تعرفه المنطقة يدفعه حاليا إلى البحث عن مكان آخر بعيدا عن هذا المصنع. وأوضح المتحدث نفسه أن العديد من الناس الذين قصدوا المنطقة للسبب نفسه باتوا يفكرون في ظل تنامي الوضع وعدم تدخل السلطات في الهجرة والبحث عن أماكن أفضل. وحمل المحتجون المسؤولية لعامل برشيد "عما يمكن أن ينجم عن استمرار هذه المنشأة في خنق السكان وتلويث بيئتهم وضرب اقتصاد المنطقة"، مطالبين بضرورة التدخل العاجل من أجل إنقاذ المنطقة التي أضحت تعاني وضعا كارثيا، وموجهين نداء إلى المنتخبين بتحمل مسؤولياتهم في الدفاع عن مصالح المواطنين الصحية والبيئية والاقتصادية. وسبق أن حلت لجنة إقليمية ببلدية حد السوالم، حيث عقدت لقاء مع بعض الفاعلين بالمنطقة، إلى جانب السلطات المحلية، في شخص باشا المدينة، وكذا مسؤولي المصنع الذي أثار غضب الساكنة، فتقرر رفع توصية إلى عامل إقليمبرشيد تتعلق بوقف نشاط المصنع، إلا أنه لازال يتمادى في تلويث المكان والتسبب في أضرار صحية للمواطنين. وعبرت التنسيقية عن رفضها "استهتار مالكي ومسؤولي المنشأة الصناعية بالأمن الصحي والبيئي للساكنة، وافتقارهم إلى الحس الإنساني والوطني بتغليب المقاربة الربحية على حساب صحة وبيئة المواطنين".