ما زالت مفاجآت الولادة العسيرة لحكومة الأمين العام لحزب الإستقلال عباس الفاسي تحملها معها حقائق مثيرة، إذ بعد ثلاثة أشهر من خروجها إلى الوجود، بحلة سياسية وروح تكنوقراطية، كشف محمد اليازغي، الكاتب الأول السابق للإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، عن حلقة جديدة في هذا المسلسل أظهرت بأن ميلاد هذه الحكومة جاء بأيد ملكية، إثر تعثر المفاوضات. ففي مداخلة له أمام أعضاء المكتب السياسي، خلال أشغال المجلس الوطني السبت، أماط اليازغي اللثام عن فحوى إتصالات هاتفية دارت بينه وبين الملك محمد السادس، ونائب الكاتب الأول عبد الواحد الراضي، مضيرا إلى أنه دافع عن تمثيلية الحزب بسبع حقائب وزارية وازنة ونوعية استجابة لمطالب المجلس الوطني، ما اعتبره الملك مطلبا تعجيزيا لإفشال تشكيل الحكومة، وذلك في اتصال هاتفي مع عبد الواحد الراضي، الذي نقل لليازغي فحوى ما دار بينه وبين الملك. "" وأوضح اليازغي، الذي يتقلد حقيبة وزير دولة، حسب ما جاء في مقال تنشره الاثنين جريدة "المساء"، أنه قال للملك، في لقاء جمعهما، إن الأمر يتعلق ب "مفاوضات وليست هناك نية لإفشال مسلسل المفاوضات لتشكيل الحكومة". وبالنسبة إلى القطاعات التي كان يطالب بها الاتحاديون، أبرز الكاتب الأول السابق أن "حقيبتي وزارة المالية والتعليم لم تكونا في صلب اهتماماتنا، بيد أن لقاء جمع بين فتح الله ولعلو وإدريس جطو وعباس الفاسي، غير الوضع"، وزاد قائلا "لا يمكن أن أخرج من الحكومة بمعية فتح الله ولعلو، لأنه يجب أن يبقى أحدنا لمواصلة العمل الذي بدأه في وزارة المالية"، وهو مانقله ولعلو إلى الراضي الذي نقله بدوره إلى اليازغي، لكي يطرحه على أعضاء المكتب السياسي الذي وافقوا على المقترح. بعد ذلك، يشير اليازغي إلى أنه تلقى اتصالا هاتفيا من الملك، إثر انتهاء أشغال اجتماع المكتب السياسي للحركة الشعبية، الذي قرر فيه قياديي الحزب عدم المشاركة في الحكومة، حتى يؤكد له بأنه جرت إضافة حقيبتين إلى الاتحاد، "إلا أننا قبلنا واحدة، ويتعلق الأمر بوزارة التشغيل، فيما رفضنا الأخرى التي اقترحت علينا باسم من سيتولاها". وكان المجلس الوطني، الذي اختتم أشغال دورته التاسعة مساء السبت قرر عقد دورة مقبلة في 26 كانون الثاني (يناير) الجاري لتحديد طبيعة وهيكلة اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني المقبل. واقترح المكتب السياسي للحزب في بداية أشغال الدورة التاسعة للمجلس الوطني عقد المؤتمر الوطني المقبل في ربيع 2008. يشار إلى أن اليازغي أعلن عن قراره مغادرة موقعه ككاتب أول للحزب، وتجميد عضويته في المكتب السياسي في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وتتكون الحكومة الحالية من 34 وزيرا، من بينهم 15 من الحكومة السابقة و18 عضوا جديدا. وتضم هذه الحكومة عشرة أعضاء دون انتماء سياسي. ويشارك في الفريق الجديد أعضاء ينتمون لأربعة أحزاب سياسية بينهم وجوه يعتقد أن القصر الملكي فرضها على قيادات تلك الأحزاب في آخر لحظة. كما يشارك في هذه الحكومة سبع نساء، من أبرزهن نوال المتوكل البطلة الأولمبية المغربية في ألعاب القوى التي أسندت إليها وزارة الشبيبة والرياضة، والممثلة ثريا جبران التي أسندت إليها وزارة الثقافة، وأمينة بنخضراء التي أسندت لها وزارة الطاقة والمعادن.