خلال الشهرين الأخيرين احتلت قضيتنا الوطنية مكانة خاصة في انشغالات الهيآت والمنظمات والمؤسسات المجتمعية والأحزاب السياسية، وهكذا في منتصف نوفمبر نظمت الهيأة الأكاديمية لأصدقاء الصحراء المغربية ندوة علمية في موضوع «نضال ملك وشعب من أجل الوحدة الترابية» شارك فيها الأستاذ زين العابدين الحسين والأستاذ نور الدين بلحداد، كما نظم في آخر الشهر حزب الوسط الاجتماعي ندوة بالدار البيضاء حول اقتراح جلالة الملك آلية التشاور لحل الخلاف بين المغرب والجزائر شارك فيها الاتحاد المغربي للديمقراطية وحزب الأمل وبعض الأساتذة الجامعيين، كما نظمت جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة عشية 6 دجنبر لقاءا علميا في نفس الموضوع، ويوم السبت 8 دجنبر نظمت مؤسسة الفقيه التطواني بسلا ندوة حول القضية الوطنية «الذاكرة التاريخية وقراءات في المسار» بمشاركة فعاليات سياسية وأكاديمية وجمعوية حضرها الأساتذة محمد اليازغي، عبد الفتاح البلعمشي، البشير الدخيل، موساوي العجلاوي والسيدة حسناء أبوزيد. أريد أن أقول إنّ الأفكار والاقتراحات التي تناولتها الندوات كانت موضوع اهتمام من طرف حزب الإصلاح والتنمية وجلها تطرقت له افتتاحيات أسبوعية الإصلاح والتنمية التي سنعيد نشر بعضها ابتداءا من هذا العدد. اجتماع جنيف تبعا للقول «تفاءلوا خيرا تجدوه» ينبئ بخير لأنه تم بمعية المغرب والجزائر وموريتانيا و(البوليزاريو) واسترسل إلى النهاية وتم الاتفاق على عقد اجتماع آخر في مارس أو أبريل 2019، وإن لم يتسرب أي شيء بالتحديد عن ما قيل، فيمكننا أن نقول إن الاجتماع في حد ذاته بادرة خير بعد طول انقطاع. بلادنا تقدمت في2007 بمقترح الحكم الذاتي، وكل الخطب الرسمية تجزم بأنه آخر تنازل للمملكة المغربية خصوصا وأن المنتظم الدولي نعته بالجدي ذى مصداقية. بالمقابل، الجزائر و(البوليزاريو) تتحدثان عن قرار المصير بالاستفتاء. يوم الخميس 28 يونيو 2018 منتخبون وبرلمانيون من جهة العيون جددوا للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة تشبثهم بمبادرة الحكم الذاتي، ويوم السبت30 يونيو 2018 منتخبو وأعيان وشيوخ القبائل الصحراوية بجهة الداخلة وادي الذهب جددوا التأكيد للمبعوث الأممي على أن مبادرة الحكم الذاتي تعد الحل الوحيد لمشكل الصحراء، هذا في الوقت الذي جدد فيه السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة يوم الاثنين11 يونيو على أن قضية الصحراء المغربية هي قضية وحدة ترابية وليس تصفية استعمار أمام اللجنة24 التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك. على كل حال الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه، الواجب هو ترتيب البيت من الداخل ومن طنجة إلى الكويرة، وهذا ما يستنتج من كل التدخلات. نحن الآن في العقد الرابع من المشكل، طلقنا كل السلبيات ويجب علينا تقوية الايجابيات في جنوب المغرب وفي شماله، لأن الرأي العام الدولي ينظر إليهما معا ويتأثر بهما معا. التشبث بالحكامة: التدبير الحكيم للقضايا السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية أولها تثبيت الديمقراطية الحقيقية بانتخابات حرة شفافة ونزيهة، احترام حقوق الإنسان قولا وفعلا، تحقيق القضاء العادل، الكل سواسية أمام الأحكام، الصغير والكبير، القوي والضعيف، والغني والفقير، التطبيق الصارم للمفهوم الجديد للسلطة، فتح مكاتب المسؤولين والاعتناء بالمواطنين والمواطنات وتكريمهم وعدم احتقارهم وتبخيس أمورهم، التعليم والتكوين والتشغيل والتطبيب أساس الاستقرار، يحق للمغرب أن يفتخر بما أنجزه في الأقاليم الصحراوية مند 1975 إلى اليوم، وهو لا يمن على أبنائه المومنين الوطنيين المخلصين، بل يذكر به المتنطعين، هل هكذا كانت الصحراء في عهد الاستعمار الاسباني..؟ لقد بنى المغرب الطرقات والمطارات والموانئ وتحلية المياه والكهرباء والفلاحة والصيد البحري والملاعب الرياضية والمساجد والمعامل والتجارة.. واهتم بالصناعة التقليدية الصحراوية والتقاليد والثقافة الصحراوية، والسكن والمحاكم والمستشفيات والمدارس ومعاهد التكوين، ومازال هنالك مشاريع وأوراش بقى على المغرب أن يبحث الكيفية التي ستمكن من أن يصل إلى الصحراوي العادي شيئا من هذه الثروة، وهذا موكول إلى سائر المكونات المجتمعية للأقاليم الصحراوية وليس للحكومة وحدها، لأن ما تجنيه الدولة من الصيد البحري والفوسفاط والمعادن تصرف أضعافه على المنطقة ومن واجبها أن تشعر به المؤسسات الدولية، كما يجب على الدولة أن تبين أن أبناء المنطقة الصحراويين المغاربة يشاركون بجدية في هذه الحركة التنموية في الصحراء، نفس الشيء بالنسبة للقضية الوطنية الأولى، يجب على الكفاءات الصحراوية أن تكون في الصفوف الأولى للدفاع عن القضية لأنهم أصحاب حق «وما ضاع حق من ورائه طالب»، عليهم أن يندمجوا للاندفاع التام في سائر القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تهم المنطقة بالصحراء، والحمد لله بعد43 سنة من رجوعها إلى الوطن الأم أنجبت المحامين والولاة والعمال والفقهاء والأطباء والتجار والمقاولين الكبار والفلاحين الماهرين والعلماء والصناع.. ومن يتجاهل هذا حق عليه القول «إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور».