اعتبر الأستاذ محمد العربي المساري، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، أن ملف الصحراء المغربية اكتسب صفة شاذة، بالنظر إلى الالتباسات التي أحاطت به لدى طرح المغرب لقضية تصفية الاستعمار في الصحراء على مستوى الأممالمتحدة، بعد أن استعصى الحوار الثنائي بين المغرب وإسبانيا حبيا وثنائيا منذ 1956، وقال المساري، في مداخلة له بمناسبة تنظيم مؤسسة علال الفاسي لندوة حول تطورات ملف الصحراء: واقع وآفاق بالرباط الجمعة 22 أكتوبر ،2004 إن المغرب عجز لأسباب عديدة، عن طرح الملف بشكل مريح، منذ وضع المسألة أمام الأممالمتحدة في أواسط الستينبات، وأضاف أن المغرب وجد نفسه أمام خصم عنيد هو الجزائر تحذوه رغبة واضحة في استعمال المساطر التي تتضمنها آليات الشرعية الدولية لأغراض كيدية، موضحا أن المغرب ما فتئ يجاري المنطق الأممي ورغم أنه يمارس سيادته على أقاليمه الجنوبية. ونحن نعيد نشرها لأهميتها ولما تمثله من خلفية تاريخية للمتتبع. وفي ما يلي نص مداخلة الأستاذ العربي المساري. حينما نتحدث عن الصحراء، بعد ما يقرب من ثلاثين سنة من جلاء المستعمر عنها، فإننا نتحدث عن مظهر من مظاهر ملف ينطوي في صلبه على مكونات، منحته صفة الاستمرار في أن يبقى مفتوحا كل هذه المدة. ويتعلق الأمر بنزاع اكتسب صفة شاذة، وهي أنه ملف كان في الأصل مطروحا في نطاق تصفية الاستعمار، واكتسب أبعادا خطيرة بالذات على إثر تصفية الاستعمار. مجاراة المغرب للقرارات الأممية وقد أحاطت به منذ نشأته في أواسط الستينيات التباسات خالطته لدى طرح المغرب لملف تصفية الاستعمار في الصحراء المغربية، على مستوى الأممالمتحدة، بعد أن استعصى الحوار الثنائي بين المغرب وإسبانيا بشأن تصفية الاستعمار حبيا وثنائيا، منذ .1956 وحينما يتطرق الحديث اليوم في المستوى الدولي إلى ملف الصحراء المغربية، فإن ذلك يتم في إطار التوصيات الأممية، الصادرة في الموضوع، كما آل أمرها في الوقت الراهن. وآخر الوثائق الأممية هو التقرير الذي قدمه الأمين العام وأصدر مجلس الأمن على ضوئه توصية بتاريخ 30 أبريل ,2004 التي وقع فيها تمديد للمينورسو حتى 31 أكتوبر حيث ينتظر أن يصدر المجلس توصية جديدة. ومعلوم أنه على إثر تقرير وتوصية أبريل الماضي كان المغرب قد أصدر بلاغا يوم 27 أبريل 2004 أكدت فيه وزارة الخارجية والتعاون الاستعداد الصادق والكامل للتفاوض بشأن وضع ذاتي ملائم وذي مصداقية ونهائي لفائدة كافة سكان الصحراء المغربية. أي لمواصلة العمل مع الأممالمتحدة من أجل حل ملائم. وما فتئ المغرب منذ ثلاثة عقود يؤكد حسن استعداده تجاه الأممالمتحدة، لأنه في الواقع لم يكن له بد من أن يفعل ذلك. فرغم أن تصفية الاستعمار قد تمت، ورغم أن المغرب يمارس سيادته على أقاليمه الجنوبية، بما يصاحب ذلك من صلاحيات ومظاهر إدارية وقانونية وسياسية واقتصادية، فإنه ما فتئ يجاري المنطق الأممي، آملا أن يتأتى طي الملف بكيفية نهائية، وفي إطار الشرعية الدولية. ويتمثل دور الأممالمتحدة، من خلال وجود المينورسو فوق أرضه. وهذا الجهاز يتمتع بحصانة لها مميزات خاصة، إذ أنها ليست مجرد بعثة أجنبية مرخص لها بالعمل في دائرة العلاقة بين الدولة المغربية وجهاز تابع للأمم المتحدة. فالهامش الذي تتحرك فيه المينورسو هو أكثر من ذلك الذي يتوفر لليونيسيف مثلا وباقي الوكالات الأممية. إن المغرب يمارس سيادته وفي الوقت نفسه يراعي الأممالمتحدة. وهذه الازدواجية أفرزتها التباسات تراكمت طيلة عقود. إذ عجز المغرب، لأسباب عديدة، عن طرح الملف بشكل مريح، منذ وضع المسألة أمام الأممالمتحدة في أواسط الستينيات. ومن تلك الأسباب أن المغرب وجد نفسه أمام خصم عنيد هو الجزائر تحذوه رغبة واضحة في استعمال المساطر التي تتضمنها آليات الشرعية الدولية لأغراض كيدية، وذلك منذ منتصف الستينيات حتى يوم الاثنين الماضي. إذ أن حيلا مسطرية تستعمل، برغبة واضحة، ليس في البحث عن معالجة مسؤولة، بل لمجرد الترويج لمواقف ومقولات تقارب أحيانا حد العبث والغوغائية. ومثل هذه الممارسة وقعت في حظيرة الأممالمتحدة في دجنبر ,1975 حينما وجدت الجمعية العامة للأمم المتحدة نفسها في مفارقة شاذة، إذ صادقت على التوصيتين A وB اللتين تتناولان النازلة نفسها، إحداهما تأخذ علما باتفاقية مدريد وأخرى تتجاهلها. وهذا ليس إلا سوء استغلال فاضح لآليات العمل الأممية، لغايات كيدية لا علاقة لها بروح المسؤولية. وبسبب هذه النزوة، وجد المغرب نفسه مدعوا لمواجهة ما يحاك ضده، وفي الوقت نفسه مدعوا إلى مجاراة المنطق والقاموس الأمميين، مجبورا على مراعاة موازين القوى، والظرفية الدولية المتقلبة. ومن خلال ذلك تعرض الملف إلى منزلقات أفرزت التباسات متنوعة الأشكال. وسأذكر في عجالة، بصفحة من تاريخ هذا الملف توضح ما أشرت إليه من عوامل أدت إلى تلك منزلقات. بالرجوع إلى المستندات الأممية، نجد أن المغرب كان قد استصدر بأغلبية مريحة في دورة سنة 1964 توصية للجمعية العامة تقضي بمناشدة إسبانيا، كي تقوم بتصفية الاستعمار في كل من إيفني والصحراء الإسبانية - هكذا وردت التسمية - وعبرت التوصية عن القلق الشديد من أن الحكومة الإسبانية بوصفها دولة حاكمة، لم تطبق بعد مقتضيات التصريح (1514 الخاص بتصفية الاستعمار). وصدرت تلك التوصية في 16 أكتوبر .1964 وفي السنة الموالية عادت الجمعية العامة إلى الموضوع، وكررت المقتضيات نفسها رابطة مرة أخرى بين إيفني والصحراء، وأضافت إلى ما سبق مطالبة إسبانيا بالدخول في المفاوضات التي تتعلق بالسيادة التي يثيرها الإقليمان. إلا أنها لم تنص على الطرف المعني بالمفاوضات المطلوبة. وكانت تلك التوصية قد صودق عليها في 16/12/.1965 وإذا كان المغرب لم يذكر بالاسم في توصية سنة ,1965 فإن ذلك كان هو الثمن الذي تم دفعه، لكي يقع تمرير نص شاركت الجزائر في احتضانه من بين 21 دولة. ذلك أن المغرب لم يكن في وسعه في دجنبر 1965 أن يصر على نص صريح وفي توصية سنة ,1964 رغبة منه في المهادنة وفي الحفاظ على تماسك الدول العربية والإفريقية التي احتضنت مشروع القرار. وكان مصدر الصعوبة أن الجزائر أخذت منذ ذلك الوقت تعمل على زحلقة النصوص الأممية الخاصة بالصحراء نحو مسار مليء بالالتباسات. إذ كان الوفد الجزائري ينضم إلى المبادرات الخاصة بالملف، حتى يكون حاضرا ليعمل على تمرير رأيه. وفي تلك الحرب الصامتة كانت الجزائر قد أخذت تعمل على تشجيع موريتانيا على المطالبة بدورها بالصحراء وأخذت تتقرب كثيرا من كل من إسبانيا وموريتانيا لتطويق المغرب، الذي أخذ، منذ ذلك الوقت، يقبل نصوصا أممية تتم المصادقة عليها بالتوافق، لأن المغرب لم يكن في وسعه أن يجلب التأييد الفعال لوجهة نظره. كان معزولا في المنطقة، وإلى حد ما في العالم العربي، بينما كان رفاقه في إفريقيا قد أصبحوا هم المعتدلون الذين لهم صوت خافت، وأخذ بوجه عام يفقد حماس بعض مؤيديه. ففي هذه الفترة بلغت عزلة المغرب أوجها، بسبب تزوير الانتخابات، ثم حالة الاستثناء، واكتملت الصورة بقضية بن بركة. وكانت توصية 1964 آخر توصية قوية وصريحة، لأنه في السنة التالية كانت الأوضاع الداخلية بالمغرب قد أحدثت تفاعلات جد سلبية بالنسبة لصورة المغرب ومركزه، في حين كانت صورة الجزائر ومركزها في تألق متزايد. وبدأت ديبلوماسيتنا تكتفي بقرارت أممية تحتوي على إشارات ضمنية، ولم تستطع أن تدرأ تسرب مقولات معمية أخرى مثل الأطراف المعنية. وكان مندوب الجزائر في الأممالمتحدة السيد بوعطورة قد ألقى في دورة سنة 1966 خطابا مسهبا ذكر فيه على الخصوص أن الجزائر لها حدود مشتركة مع الإقليم ولهذا فإن التطور السياسي في الصحراء الإسبانية لا يمكن للجزائر أن تكون غير مبالية بشأنه، خاصة وأنه يمكن أن يكون مضرا بشعوب المنطقة. وكان التعبير عن ذلك الموقف الجزائري يتم في سياق تحركات نشيطة تمت في تلك السنة بين نواكشوطوالجزائرومدريد، التي كان وزير خارجيتها إذ ذاك كاستييلا مسرورا غاية السرور وهو يسمع في زيارته إلى العاصمة الموريتانية المطالبة بالصحراء. وفي الجزائر، كان يتردد أن هذا البلد مهتم بالصحراء مثل اهتمام المغرب بتيندوف. وهذه هي عبارة السيد بوتفليقة لدى استقباله لوزير خارجية موريتانيا. التشويش الجزائري وهكذا، فمنذ الستينيات أخذ التشويش الجزائري المصحوب دائما بتصريحات معسولة، على غرار الرسائل البوتفليقية الحالية، يمثل انشغالا كبيرا للمغرب، الذي كان يحارب في جبهتين. إسبانيا من الناحية التقنية كانت هي الخصم. ولكنه خصم ضعيف، لأنه مدان بحكم منطق تصفية الاستعمار المهيمن على الأممالمتحدة إذ ذاك. وفي الجبهة الثانية كان يواجه الجزائر المستترة وراء الشعارات، والتي يبلغ كيدها أقصى الدرجات. وبسبب الأوضاع المعقدة التي وجد المغرب نفسه فيها، تولى بنفسه في يونيو 1966 طرح مقاربة جديدة لمعالجة مسألة تصفية الاستعمار بالصحراء، إذ أعلن المندوب الدائم المرحوم الداي ولد سيدي بابا في اجتماع خاص عقدته في أديس أبابا الجنة تصفية الاستعمار، أن المغرب يطلب من إسبانيا أن تمنح الاستقلال للأقاليم الصحراوية. وقامت تلك المقاربة على تصور مفاده أن الاستقلال سيؤدي تلقائيا إلى الوحدة كما وقع في الشمال. وأصبح الخطاب المغربي في مستوى الأممالمتحدة منذ ذلك الوقت خاضعا لهذا التوجه، واعترته اختراقات شتى أدت إلى تحميل التوصيات الأممية المتعلقة بالصحراء سنة بعد أخرى، مفاهيم دخيلة، تجرعها المغرب طيلة الستينيات والسبعينيات، بمنطق قبول أخف الأضرار، إلى أن تمكن من أن يغير مجرى الأحداث فيما بعد، في صيف .1974 وهنا يمكن أن أفتح قوسا لأذكر بأن موقف المغرب تقوى في منتصف السبعينيات بفضل الالتفاف الوطني الذي حدث، والذي دعمه حزب الاستقلال بقوة وإيمان، تحت شعار ارتباط مسلسل تحرير الأرض بتحرير المواطن، أي بتسهيل نجاح المسلسل الديموقراطي. وتبين حينئذ أن الورقة الراجحة هي الوحدة الوطنية حول أهداف واضحة. لقد أثقل الملف بأدبيات أممية تضمنت كثيرا من الحشو، ولكنها أصبحت مرجعا لا يمكن تلافيه. فمنذ مباشرة المسألة في لجنة تصفية الاستعمار إلى الإحالة على لاهاي. ومن المسيرة إلى اتفاقية مدريد. ومن الأطوار التي قطعها الملف ما بين الأممالمتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية حتى نيروبي. ومنذ أوائل التسعينيات حتى اليوم، حيث اشتغل ثلاثة أمناء عامون للأمم المتحدة بهذا الملف، كما انهمك عليه لمدة سبعة أعوام مبعوث خاص هو السيد جيمس بيكر، بعد كل ذلك ها هو الملف يكاد يعود إلى المربع الأصلي، لكن على خلفية الأدبيات التي تراكمت طيلة التسعينيات. وظل الطابع البارز للملف هو توطيد المغرب لموقعه داخليا، وذلك دون القطع مع الاعتبارات الخارجية، بغية إظهار التعاون مع المحافل الدولية. وحينما تولى مجلس الأمن ملف الصحراء، ظهرت خطة سلام اقترحها الأمين العام دي كويليار، وبدأت تلك الخطة باتفاق على وقف إطلاق النار، دخل حيز التنفيذ في 6 شتنبر ,1991 بإشراف لجنة مراقبة من قبل الأممالمتحدة، تعطي دوريا تقارير عن مدى الالتزام به من لدن كل من المغرب والبوليزاريو. وقامت بعثة الأممالمتحدة لتنظيم الاستفتاء (المينورسو) بإعداد لوائح للناخبين، وقع عليها خلاف، إلى أن أوقف الجهاز المكلف بها أعماله في 31 دجنبر 2003 وتم نقل الوثائق التي أنجزها إلى جنيف. وتوجد في العيون شرطة تابعة للجهاز المذكور. كما أن منظمة الوحدة الإفريقية التي حل محلها الآن الاتحاد الإفريقي، تقوم بتتبع العمل الذي تقوم به الأممالمتحدة ويتم باستمرار النص على دورها في التقارير الدورية التي يصدرها الأمين العام. وتبعا لصعوبة تطبيق الخطة عين الأمين العام بقصد البحث عن مخرج سياسي مقبول، ودائما في دائرة منطق التوصيات المتراكمة لمجلس الأمن بشأن الاستفتاء، مبعوثا شخصيا في مارس 1997 هو وزير الخارجية الأمريكي السابق جيمس بيكر الذي استقال وحل محله منذ يونيو الماضي السيد ألفارو دي صوطو. وفي مفهوم ومنطوق مجموع تلك التوصيات أن الطرفين المعنيين هما المملكة المغربية، والبوليزاريو، اللذين تنص عليهما تقارير الأمين العام، إلى جانب البلدان المجاورة. الطور الحالي للملف وأما الطور الحالي للملف، فإنه يرجع إلى تقرير الأمين العام بتاريخ 23 ماي 2003 المتضمن لما أطلق عليه اسم خطة السلام من أجل تقرير المصير. وهي الوثيقة التي صاغها المبعوث الشخصي السابق جيمس بيكر بمساعدة خبير دستوري، كما ورد التقرير الأخير للأمين العام. وهذه الخطة في رأيه نهج عادل ومتوازن من شأنه أن يتيح لسكانالصحراء المغربية الأصليين بعد فترة حكم ذاتي انتقالية فرصة لتقرير مستقبلهم بأنفسهم. وفي التوصية رقم 1495 التي أصدرها مجلس الأمن بتاريخ 31 يوليوز 2003 صادق المجلس بالإجماع على تلك الخطة، موضحا أنه يؤيدها بموجب المادة السادسة من ميثاق الأممالمتحدة. أي أنها تسوية سياسية يجب أن تكون ثمرة اتفاق بين الطرفين المعنيين، وليس كما تردد من قبل بشأن صياغة خطة غير قابلة للتفاوض، وهو أمر تصدى إليه المغرب بقوة، وتمكن من إيقافه. ثم أصدر مجلس الأمن التوصية رقم 1541 الصادرة بتاريخ 29 أبريل 2004 التي تحث على مواصلة البحث عن حل سياسي ونهائي تقبله جميع الأطراف. ومعلوم أن خطة بيكر الأخيرة جاءت بعد تلك التي سبق للمبعوث الأمريكي أن اقترحها في 2001 والمتضمنة لما عرف في حينه باتفاق الإطار الذي قبله المغرب. وذكر الأمين العام في تقريره في أبريل الماضي بأنه قد تلا ذلك اقتراح التقسيم الذي أيدته الجزائر والبوليزاريو. وذكر كذلك بأن خطة التسوية الأصلية التي بدأ الأمين العام دي كويليار التحرك في إطارها سنة 1988 لم يكن الطرفان- كما جاء في الفقرة 8 من تقرير أبريل - يرغبان في التعاون بشأنها مع الأممالمتحدة بصورة كاملة، أو التفاوض بشأن تسوية سياسية دائمة ومتفق عليها، على الرغم من ادعائهما عكس ذلك. ويمكن تلخيص المواقف المعبر عنها حتى الآن كما يلي: مشروع بيكر المصادق عليه من قبل مجلس الأمن بالإجماع: الدعوة إلى إقامة نظام حكم ذاتي يعقبه استفتاء لتقرير المصير، بعد أربع أو خمس سنوات، ويكون السؤال المطروح في الاستفتاء هو الاختيار ما بين الحكم الذاتي والاستقلال. ويمكن أن نضيف إلى ما سبق، ملاحظتين وردتا في تقرير الأمين العام في أبريل الماضي. إذ سجل من جهة أن اقتراح المغرب بشأن الحل النهائي، له تبعات وخيمة بالنسبة لتقرير المصير. (الفقرة 5 ) ومن جهة أخرى ذكر الأمين العام أن المغرب لا يقبل خطة التسوية التي كان موافقا عليها طيلة سنوات عدة. ( الفقرة 36) موقف المغرب: التفاوض يكون حول اعتبار الحكم الذاتي هو الوضع النهائي، ولا تقبل المرحلة الانتقالية. وقد تضمنت رسالة الخارجية المغربية بتاريخ 9 أبريل 2004 اعتراضات منها أن الخلاف على من له الحق في المشاركة في الاستفتاء قد أدى إلى استحالة تطبيق الخطة الأصلية، وهذه المسألة الخلافية يعود إليها المشروع من جديد دون أن يوجد لها حلا. وأكد المغرب أنه يقبل أن يكون الحل في شكل حكم ذاتي حيث ينتظر من المملكة المغربية أن تمنح قدرا من نقل السلطة إلى جميع سكان الإقليم الحاليين والسابقين، نقلا حقيقيا وجوهريا ومتطابقا مع المعايير الدولية. موقف الجزائر: في الرسالة التي وجهها الرئيس بوتفليقة إلى الأممالمتحدة بتاريخ 3 غشت 2004 جدد القول إن بلاده ليست معنية إلا بتطبيق تقرير المصير، وإن الخلاف قائم بين المغرب بوصفه دولة محتلة وبين الشعب الصحراوي. وجاء في تلك الرسالة أن تصريحات المغرب بشأن دور الجزائر في المسألة هو لتبرير المماطلة في تطبيق القرارات الدولية. وكانت الخارجية الجزائرية قد نشرت بلاغا قبل ذلك رفضت فيه بغضب التصريحات التي أدلت بها شخصيات حكومية أجنبية ترجع الأمر إلي خلاف بين الجزائر والمغرب. وكان المقصود هو التصريحات التي توالت في تلك الأيام من لدن القيادة السياسية الجديدة في إسبانيا، وقبلها الرئيس شيراك، فضلا عن التصريحات المتكررة لكل من كولن باول ومساعده ويليام بيرنز، عدة مرات آخرها أول أمس. موقف البوليزاريو: عبر عنه في مذكرة رسمية وفد ناميبيا في الأممالمتحدة، وقد تضمنت الوثيقة المعطيات المتعلقة بالملف من زاوية جد متحاملة على المغرب، وأضيف إلى ذلك مطالبة البوليزاريو للجمعية العامة للأمم المتحدة بقبول الجمهورية الصحراوية كعضو في المنظمة إذا لم يقبل المغرب صراحة خطة التسوية. وهذا ما تهدف إليه الجزائر من وراء تجدد تحركها لاكتساب اعترافات على غرار ما أقدمت عليه فينزويلة وجنوب إفريقيا. ووجهت جبهة البوليزاريو مذكرة إلى الأمين العام طالبت فيها بالضغط على المغرب بقصد فرض الإذعان للقرارات الدولية. المواقف الدولية: صرح المسؤولون الأمريكيون مرارا، وكذلك فرنسا، وبريطانيا، ومنذ شهور إسبانيا، بأن حجر الأساس في ترتيب تسوية سياسية وواقعية، هو التفاهم بين المغرب والجزائر. وتزيد ظروف ما بعد 11 شتنبر من ترجيح هذه المقاربة، إذ تساور دول المركز مخاوف من إقامة كيان هش يكون بؤرة يمكنها أن تقع بسهولة في أيدي مغامرين. ولا أحد يتساهل بشأن احتمال بن لادن وطالبان في المنطقة، وقبالة كنارياس. وقد جاء خطاب جلالة الملك في الجمعية العامة مركزا على التحذير من البلقنة والإرهاب الدولي. ولتدارك الأمر دخلت إسبانيا على الخط، للدفع نحو تسوية سياسية واقعية بين المغرب والجزائر. وأمام ضغط المواعيد، راودت إسبانيا كلا من فرنسا وأمريكا، من أجل ترجيح المقاربة الواقعية السياسية. وقال وزير الخارجية الإسباني في طنجة يوم 11 أكتوبر 2004 إن الاستفتاء آلية تقنية، وما ينبغي التفكير فيه هو حل سياسي، بدلا من تقنية تقليدية. وأوضح موراتينوس أن البحث يجري على أساس التمديد للمينورسو، وإعطاء صلاحيات موسعة للمبعوث الأممي الجديد، للبحث عن تحريك التفاوض السياسي في ظل الشرعية الدولية، مما يعني أن مشروع بيكر الذي اعتمده مجلس الأمن هو الإطار، لكن مع تعديله، إذ قال موراتينوس إن ذلك المشروع ليس مقدسا. ولم يخف أن فكرته هذه لا تجد فقط القبول. ولم يكن مطمئنا إلى أن مجلس الأمن سيأخذ بها. وأتصور أنه قد لا تقوم الولاياتالمتحدة بدعم المبادرة الإسبانية الفرنسية، بغية التمهيد للاستفراد بالملف، الذي لا أستبعد أن يكون انسحاب بيكر منه تمهيدا لكي تتولاه الخارجية الأمريكية بدلا من الأممالمتحدة. تقرير جديد لكوفي عنان وقد تسربت إلي الصحافة في هذا المساء، بعض مضامين التقرير الجديد للسيد كوفي عنان، وهو حسب ما التقطته من الانترنيت منذ حوالي ساعة، يقترح تمديد المينورسو لمدة ستة شهور. ويسجل أن البحث عن اتفاق بين المغرب والبوليزاريو كل مرة يزداد بعدا. ويذكر أنه لم يتم التوصل إلى موقف مشترك حتى حول تجاوز النقطة الميتة الراهنة التي يوجد فيها المسلسل السياسي. ويوضح أن الهدف هو إتاحة الفرصة لشعبالصحراء المغربية لممارسة حق تقرير المصير، مع التزامه باستقصاء كل الفرص قصد التقدم نحو هذا الحل. يمكن القول إن هناك الآن مباراة ديبلوماسية بين المغرب والجزائر، الرهان فيها على اكتساب مؤيدين لواحدة من الأطروحتين، هل الحل الواقعي المتفاوض عليه لترتيب الأوضاع في المغرب العربي، أم إطالة مصطنعة لعمر ملف أصبحت الأممالمتحدة تتأفف منه، من حيث الزمن الذي استغرقت معالجته ومن حيث تكلفته المالية أكثر من (600 مليون دولار ) . ونرى أن الجزائر قد استيقظ لديها الميل إلى إطالة عمر الملف، والمغرب المتمسك بحقوقه يريد إنهاءه. ولكل أسلحته، ولكل وسائله، وواضح أن هناك تفهما متزايدا من قبل المجتمع الدولي، للطبيعة المصطنعة لهذا الملف، الذي هو نزاع سياسي يتطلب تسوية سياسية وواقعية. إعداد محمد أفزاز