الأستاذ عبد المغيث بمنسعود طريدانو من مواليد الرباط سنة 1950 حاصل على شهادة دكتوراه السلك الثالث بمدينة غرونوبل الفرنسية سنة 1979 وعلى شهادة دكتوراه الدولة بالرباط سنة 1998 وهو الآن أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس الرباط له العديد من المقالات والمواضيع السياسية. من مؤلفاته: - Lonu et les mouvements national en Afrique (1979) - le Sahara marocain, une deconolisation pas comme les autres rabat 1991 وقد صدر له مؤخرا كتاب آخر حول قضية الصحراء بعنوان، "القضية الصحراوية من الاستفتاء إلى الحل الثالث" بالإضافة إلى أن ذ. عبد المغيث ناشط ثقافي وسياسي في عدد من المجلات والجرائد. يذهب الأستاذ والباحث عبد المغيث طريدانو إلى أن الأممالمتحدة في تعاملها مع قضية الصحراء المغربية ارتكبت عدة أخطاء وأن تعاملها كان تعاملا غامضا، كما أن حضور الجزائر بكل مناطق العالم كان سبب انتصار الموقف الجزائري أمام غياب الطرف المغربي بهذه المناطق والدول فضلا عن ضعف الدبلوماسية المغربية وقصورها عن أداء رسالتها والتعريف بقضية المغرب الترابية. من جهة أخرى يعتبر الأستاذ عبد المغيث طريدانو أن الولاياتالمتحدةالأمريكية بشأن دعمها ومساندتها لمنح الحكم الذاتي للصحراويين تحت السيادة المغربية تكون قد قدمت شيئا ذا بال بالنسبة للمغرب، مقابل مساعدة هذا الأخير لها في حربها ضد ما يسمى بالإرهاب أو في مساعدتها على دفع الفلسطينيين إلى القبول ببعض الحلول. والأستاذ عبد المغيث طريدانوا لا يفوته أن يذكر في هذا الحوار الشيق المفيد معه بمظاهر القصور التي ميزت تعامل الإدارة المغربية مع ملف الصحراء ومذكرا في الوقت نفسه ببعض الإيجابيات التي ميزت هذا التعامل وكانت عنصر قوة بالنسبة للموقف المغربي. صدر لكم أستاذنا مؤخرا كتاب حول قضية الصحراد المغربية بعنوان القضية الصحراوية من الاستفتاء إلى الحل الثالث ترى ما الفكرة الأساسية التي تتمحور حولها فصول الكتاب؟ بداية أشير إلى أن الكتاب حول الصحراء خرج إلى الوجود منذ سنة 1991، وفي هذا الكتاب اقترحت الحل السياسي وخاصة في خاتمته، وحينها انطلقت من أن تنظيم الاستفتاء مازال من المستحيلات، وانطلقت من آراء مسؤولين مغاربة وجزائريين ومن آراء الأمين العام للأمم المتحدة ديكويلار آنذاك، والكل في ذلك الوقت كان يقول بأن إجراء الاستفتاء من المستحيلات، لأن مقاربة الأممالمتحدة لملف الصحراء كانت فيها أخطاء كثيرة في البداية، بحيث عالجت المسألة وكأنها مسألة استعمار كلاسيكية، بحيث إن وضعية الصحراء لها خصوصية، فهذا الخطأ في مشروع التسوية لسنة 1988 الذي على أساسه اقترح مقترح الاستفتاء، تم تغييره بناء على ملاحظات مغربية وتطبيقه في شتنبر 1991، إذا يمكن القول استمرارا للتوجه الذي اعتمده الكتاب الأول، منذ 1991 وإلى صدور هذا الكتاب الثاني في الموضوع أن قضية الصحراء المغربية لم تعرف تغييرا حاسما إلا منذ دجنبر 1991 حيث كان الخلاف حول معايير تحديد الهوية، من هو الناخب، ومن هو الصحراوي وغير الصحراوي فإذا من 1991 إلى سنة 2000 لم يقع أي حدث مهم وأساس باستثناء حدث وساطة جيمس بيكر سنة 1997 التي تكرست نتيجة اتفاقية هيوستن، فإذا الكتاب الجديد هو استمرار لتوجه الكتاب الأول وأقصد بالتوجه تكريسا لبحث مسبق ولتحليل مسبق حول مبادئ وأساسيات لتصفية الاستعمار، واقتصرت في ذلك على عقد التسعينات فقط لأنه في سنة 2000 ظهرت فكرة الحل الثالث وبالضبط في اجتماع برلين ووقع تكريسها في يونيو 2001، وهذا ما يفسر تسمية الكتاب ب: القضية الصحراوية من الاستفتاء إلى الحل الثالث، ومضمونه بالإضافة إلى ما سبق أن تطرقت إليه في الكتاب الأول، هناك مبدأ تقرير المصير ومسألة الوحدة الترابية بين الدول انطلاقا من تجربة الأممالمتحدة وانطلاقا من السوابق الدولية والتي تشبه الحالة المغربية، وانطلاقا من الوضعية الخاصة للمغرب بحيث أن هذا الأخير استكمل وحدته الترابية على أساس مراحل انطلقت منذ 1958 إلى 1959 إلى 1965 إلى 1973، وتطرقت كذلك إلى موقف الأممالمتحدة من الصحراء وذكرت بأن هناك ترددا في تعاملها مع القضية، وكذلك تطرقت لمنظمة الوحدة الإفريقية في تعاملها مع القضية، وقلت بأن هناك خطأ فادحا في سلوكها السياسي لما أدمجت بها ما يسمى بالجمهورية الصحراوية وتطرقت لموقف الدول العظمى، ولاحظت أن هناك في فترة الصراع شرق غرب لم تتبن الولاياتالمتحدة من جهة ولا الاتحاد السوفياتي آنذاك ولم تساند إحداهما بصفة واضحة البلد الذي يمكن أن يكون صديقا وحليفا لهما في هذا الصراع، مثلا الولاياتالمتحدة تساند المغرب والاتحاد السوفياتي تساند الجزائر، هذا لم يكن ولم يحصل ولم تكن هناك مساندة، رغم أنه في الثمانينات كان الحزب الحاكم في الولاياتالمتحدة الحزب الجمهوري الذي من المفروض أن تكون مواقفه قريبة من المغرب، فكانت هناك ولايتان لرولاند ريغن وواحدة لجورج بوش (مرحلة 92-80) هذا من جهة. وبعد انهيار جدار برلين سنة 1989، كان من المنتظر أن نقول بأن الولاياتالمتحدة ستساند المغرب، هذا أيضا لم يكن، حيث كان النظام الحاكم في الولاياتالمتحدة نظاما ديمقراطيا، أي في ولايتي بيل كلينتون، والحزب الديموقراطي لا يكن موقف المساندة للموقف المغربي، وفي الثمانينات بالنسبة للموقف الأمريكي وباستثناء موقف المساندة التقنية والتكنولوجية عندما كان المغربي يبني جدار الصحراء، كانت الولاياتالمتحدة قدمت مساعدة تكنولوجية للمغرب التي وضعت على طول الجدار بين الصحراء والحدود الجزائرية والصحراء والحدود الموريطانية. إذا موقف المنظمات الدولية والدول العظمى وموقف الجزائر في إطار وحدة المغرب العربي، وأيضا موقف الجزائر في إطار ما يسمى بالمسألة الحدودية، كلها قضايا كانت حاضرة في الكتاب. سبق لكم في إحدى مداخلاتكم أن وصفتم تعامل الأممالمتحدة مع ملف الصحراء المغربية بالغموض، فهلا ذكرتم من جديد بمظاهر هذا الغموض؟ من مظاهر هذا الغموض وللتذكير، فالأمين العام للأمم المتحدة السابق ديكويلار قد تبنى في إطار التقرير المقاييس لتحديد الهوية، وهي مقاييس إيجابية بحيث أخذت بعين الاعتبار المغاربة الصحراويين الذين لم يدمجوا في الاحصاء الذي قامت به إسبانيا في سنة 1974، فهذه المقاييس كان رد الجزائر وجبهة البوليزاريو بشأنها ردا سلبيا، ووقع التنديد بموقف الأمين العام للأمم المتحدة وعندما أتى بطرس غالي في يناير 1992 تناسى هذه المقاييس وهذا ما شكل مناسبة للبوليزاريو ليستغل هذا التذبذب وهذا الموقف غير الثابت وغير الواضح لوضع مقاييس ومطالب أخرى. وكان مثلا من جملة تلك المطالب هي انسحاب الإدارة المغربية والجيش المغربي من الصحراء قبل إجراء أي استفتاء، وهناك مطلب آخر هو المطالبة بالحوار المباشر بين المغرب من جهة والبوليزاريو من جهة أخرى رغم أن الوساطة التي بدأت في سنة 1986 تقول بحوار غير مباشر تحت وصاية الأمين العام للأمم المتحدة وبوساطة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة. ومن بعض التجاوزات الأخرى التي توضح غموض الموقف الأممي آنذاك أنه في سنة 1995 رفض بطرس غالي الأمين العام الأممي الشواهد الشفوية في تحديد الهوية، ونعلم أن الكتابة مسألة غير مهيمنة وغير سائدة، فالشواهد الشفوية إذا تلعب دورا أساسيا رغم أنه وقع قبول هذا المقترح المغربي في سنة 1997 في ظل وساطة جيمس بيكر، ولما تساءلت لماذا كان بطرس غالي يقوم بتلك المواقف، وقد ناقشت ذلك مع بعض المسؤولين في وزارة الخارجية المغربية، لم أجد إلا تصريحا للحسن الثاني الذي قال بأن بطرس غالي لم يستطع أن يكون الميكانيكي البارع لهذه المشكلة. فهذه جملة من التجاوزات وإلا فهناك تجاوزات وتذبذبات في المواقف الأخرى، كالموقف الغامض مثلا المتمثل في المقاربة التي تبنتها الأممالمتحدة في سنة 1988، في إطار مخطط التسوية عندما اعتبرت قضية الصحراء وكأنها تصفية استعمار عادية، وهذا يعني أنه لم يكن هناك اجتهاد في تصور خصوصية القضية، فقبل سنة 1975 ربما كان هذا ممكنا، لكن بعد 1975 تغيرت الوضعية القانونية للإقليم، والمغرب اعتبر أن القضية انتهت، إلا أنه قبل بالاستفتاء سنة1981 لأن المحيط الخارجي، وبالخصوص الجزائر وليبيا رفضا هذا الحل بدعوى أنه لم يقع الاستفتاء، على العلم بأن الجزائر لا يحق لها أن تعترض، لأن الحدث الذي وقع سنة 1975 إثر المسيرة الخضراء واتفاقية مدريد لا يمكن للجزائر أن تعطي لنفسها الحق في الرفض أو القبول، والطرف الذي له هذا الحق هو الأممالمتحدة، فهي وحدها التي يمكن أن تقول هذا النوع من التعامل لم يكن من مبادئ وأعراف الأممالمتحدة، ومع ذلك هذا لم يقع، بحيث وضع المغرب اتفاقية مدريد وسجلها لدى الأممالمتحدة. قدمت الولاياتالمتحدة لحظات قبيل لقاء العاهل المغربي الأمين العام للأمم المتحدة مشروع قرار يدعم مشروع اتفاق الإطار، وهو الأمر الذي خلق معارضة روسياوالجزائروإسبانيا، كيف تنظرون إلى هذا الأمر من وجهة نظركم؟ للتذكير فأولا هذا المقترح اتفق عليه الكل قبل أن تظهر أسطورة ما يسمى بالحل الرابع، حيث كان الاتفاق بين الأعضاء الخمسة ثم السبعة في ما بعد، وحتى إسبانيا في شخص سفيرها بالرباط سابقا الذي هو رئيس المخابرات الإسبانية نصح السلطات الإسبانية بأن تتبنى الطرح الثالث، فإسبانيا موقفها موقف ليس صارما ضد المغرب، موقفها يتمثل في أنها تدعو إلى تطبيق مخطط التسوية لسنة 1988 وإذا ما تبينت صعوبة أو استحالة تطبيقية ستحاول النظر في ما هو معروض أي في الحل الثالث. أما موقف الجزائر فأحب أن أشير إلى أن السلطات رفضت مشروع اتفاق الإطار منذ طرح في يونيو 1991، أما روسيا فأنا هنا أتساءل لماذا إبان زيارة وزير خارجيتها إلى المغرب ساندت اتفاق الإطار ثم تراجعت عنه بهذه السرعة، وأيضا بالنسبة لموقف أمريكا ومعها الأممالمتحدة فأنا أتساءل أيضا لماذا قبلوا بإدراج مقترح التقسيم في تقرير كوفي عنان في فبراير 2002. مع العلم أن أمريكا هي صاحبة المبادرة عن طريق بيكر وسوندت في هذا الطرح، وهنا أذكر بأن زيارة بوتفليقة الرئيس الجزائري إلى أمريكا كانت في بداية نونبر وكانت هناك اتفاقية جزائرية أمريكية لاقتناء الجزائر أسلحة أمريكية ثقيلة الحجم، وهنا أظن أن الولاياتالمتحدة اضطرت أن تقبل مساندة ولو ظرفية ومؤقتة للجزائر بإدماج هذا المقترح (الحل الرابع) وهنا لنا أن نتساءل هل يحق للأمم المتحدة أن تدمج في التقرير الواحد حلين متناقضين؟ وخصوصا أنه بعد أسابيع قبلت تبني الطرح الثالث، وقالت في تقرير يونيو أن هذا الطرح الثالث هو آخر حل وفرصة أخيرة لتجاوز الصراع وذلك في الفقرة 60 من التقرير. هل يمكن أن نعتبر هذا المشروع الذي تحدثم عنه هبة أمريكية للمغرب ونتيجة من نتائج الزيارة الملكية لأمريكا؟ لابد من وضع هذا الطرح في بعده الإيجابي وفي محيط العالم العربي، وهنا أتصور بأن الولاياتالمتحدة تعطي أو تمنح شيئا من ناحية، مقابل شيء آخر لها في الشرق الأوسط، لأن السعودية والمغرب والأردن ومصر دول تساعد الولاياتالمتحدة في محاربة ما يسمى بالإرهاب أو في الضغط مثلا على الفلسطينيين أو الدفع بهم نحو قبول بعض الحلول، وهذا شيء سلبي، بحيث لو لم تكن هناك مشاكل عربية عربية لكان الموقف العربي من الشرق الأوسط أكثر حرية، ولكانت الولاياتالمتحدة أقل ضغطا على هذه الدول. وما رأيكم في تهديد جيمس بيكر بالاستقالة ما لم يقبل اتفاق الإطار ويعمل به؟ هنا أذكر بسؤال طرحته من ذي قبل، من يحرر التقرير، لأن تحرير التقرير له دور في ما يخص تقديم هذا المقترح أو تأخير آخر أو إلغاؤه أصلا. فهل هو الأمين العام نفسه وهو الوحيد، هل بعض الموظفين السامون بالأممالمتحدة الذين يستطيعون تمرير مقترح وإلغاء آخر، بحيث إذا كان الموظفون السامون يتوفرون على هذه الأهلية فهنا يمكن أن يحصل ذلك ونقول إن لهؤلاء علاقة تعاطف مع الجزائر، أو أن الجزائريين الموجودين بها لهم مسؤولية في أن يمرروا موقفا ما أو تصورا ما أو تدريجا ما للتقرير، فبيكر بناءا على ما سبق يمكن أن نقول قد كانت عليه ضغوطات رغم أن الأممالمتحدة مضطرة لدمج جميع المقترحات في التقرير التي جاءت من كل الأطراف ما بين تاريخ صدور تقرير ما وتاريخ صدور التقرير الذي يليه. ولكن رغم مسؤولية احترام المقترحات التي تتوصل بها الأممالمتحدة في هذه الفترة، هل لهذه الأخيرة الحق في أن تدمج الاقتراحات كيفما كان مضمونها وبرغم التعارض البين فيها وبرغم أن الأممالمتحدة كانت قبل أسابيع قليلة قبلت بالحل الثالث؟ فإذا بالنسبة لجيمس بيكر وحول الطرح الثالث في يونيو 2001 قال بأنه طلب من الأطراف أن تناقش هذا الحل، وقال لا يمكن أن نرجع إلى الأسباب وإلى الخلافات، وهو ما يعني أنه كانت له مقاربة جد إيجابية وأنه كان مستعدا لأن يضغط بشكل معنوي على الأطراف للقبول بالاقتراح، فهذا التهديد بالاستقالة يندرج في التصور القاضي بضرورة الحسم نهائيا في القضية. من المنتظر أن ينظر مجلس الأمن غدا في قضية الصحراء، هل تتوقعون أن تستجيب الأممالمتحدة للقرار الأمريكي بتمديد فترة ولاية المينورسو؟ أم أن الأطراف ستخضع فعلا للاتفاق الإطار؟ أشير بداية إلى أن الأممالمتحدة امتنعت عن فرض أي اقتراح وهذا من بين الأسباب التي دفعت بالجزائر وجبهة البوليزاريو إلى التسويف والمماطلة، وكان من المفروض أن تكون للأمم المتحدة صرامة وشجاعة كافيتان للدفع بالأطراف نحو قبول تطبيق مقرراتها، فهناك إذا وبفعل هذا التقليد إذا ما انطلقنا منه يصعب إجبار أي دولة بالانصياع، باستثناء تقرير يونيو 2001 حيث أجانت الأممالمتحدةالجزائر لأول مرة، عندما انتقدت هذه الأخيرة الطرح الثالث في يونيو 2001 وكان ذلك في نفس التقرير، وهو أمر إيجابي وجديد في تصرف الأممالمتحدة ومقاربتها لقضية الصحراء. ولكن مع ما سبق، وإذا أخذنا بعين الاعتبار الإجماع الذي حصل بين الدول العظمى حول الموقف إلى حد ما وانطلقنا منه، وأيضا إجماع المجموعة الدولية باستثناء إسبانياوروسيا وهذا جديد وموقف غير واضح وغير صارم، من الممكن أن توجد صياغة تصب في اتجاه ضرورة الحل الثالث. من المقترحات التي جاءت في تقرير 19 فبراير 2002 أنه في حالة ما إذا لم يكن هنا حل يرضي الأطراف ستعمد الأممالمتحدة إلي سجن قواتها من المنطقة، في نظركم كيف ترون الأمر وكيف سيكون موقف الجزائر؟ أنا أستبعد هذا، وأؤكد مرة أخرى أن الحل السياسي وأقصد الحل الثالث هو الحل وهو الممكن لأسباب عدة تجدها في الكتاب وهذا يشترط شرطين أساسيين: أولا هو أن الأممالمتحدة وأمريكا من جهة عليهما أن يتبنيا الموقف الصلب اتجاه الأطراف التي ترفض هذا الموقف وثانيا هو حل المعادلة السياسية الداخلية. وفي تصوري فما دام الفريق العسكري هو المهيمن في الساحة السياسية وفي الشأن الداخلي بالجزائر فإني لا أظن أن هذه الأخيرة ستستعد للاستجابة لهذا الطرح، لأنه منذ 1975 كانت الجزائر تستعمل الصحراء كورقة ضغط على المغرب، ومنذ 8 أكتوبر (انتفاضة الجزائر العاصمة 1988) وبالخصوص دجنبر 1991 أي بعد انهاء المسلسل الانتخابي في الجزائر، بدأت الجزائر في استعمال هذه القضية كورقة داخلية وهذا ما يفسر تحفظي في أنه في عدم تو فر هذين الشرطين وأقصد صرامة وصلابة الأممالمتحدةوالولاياتالمتحدة في الدفع بالأطراف إلى قبول الحل الثالث وإيجاد حل سياسي داخلي، أي تقدم الديموقراطية بالجزائر والخروج من دائرة الحكم العسكري بها، أقول إن هناك صعوبة في الأمر وإذا ما اضطرت الأممالمتحدة إلى الانسحاب من الصحراء فستعرف المنطقة في تصوري مصدرا جديدا للتوتر، لأن الطرف الآخر عندما يصل إلى الباب المسدود مثله مثل الحيوان الشرس المجروح وتكون به سكرات الموت فإنه ينتفض بطريقة همجية غير متصورة. الظاهر أستاذنا أن القضية الصحراوية وإلى عهد قريب جدا كانت مناقشتها حكرا على فئة معينة لا تتعدى السلطة إلى درجة أنها كانت من الطابوهات التي تحرم مناقشتها. لماذا ذلك في نظركم؟ يجب كما يقول المثل الفرنسي أن نعطي لسيزار مالسيزار فطبعا كانت هناك عدة أخطاء في تعامل الإدارة المغربية مع ملف الصحراء أذكر منها باختصار منها ما يلي: أولا: هناك ما أسميه بالأخطاء السياسية الظرفية، وهي ما بين 1958 و1959 بحيث إن المغرب ولأسباب محلية وظرفية، لم تجرأ إدارته في معالجة القضية رغم وجود جيش التحرير بالمنطقة. ونفس الموقف التمسناه بين 1969 و1973 لظروف تاريخية بحيث في 1969 و1970 كان تقارب بين المغرب والجزائر بعد اجتماع إيفران وتلمسان. وفي سنة 1971 و1973 عرف المغرب انقلابات. وأحداث 3 مارس 1973 وكل ذلك جعل الدولة في حالة هشة مما جعلها في حالة غير مؤهلة سياسيا واستراتيجيا وجغرافيا لأن تخوض معركة تصفية الاستعمار واسترجاع الصحراء نظرا لهذه الخصوصيات. إذن كانت تلك الفترة صعبة، في تاريخ المغرب خاصة وأنها الفترة التي ستؤسس لما بعدها، وأيضا كان الأولى بالنسبة للإدارة والأحزاب أن تنكب على ملف الصحراء ولكن لم يكن هناك رد مما يعني سيادة نوع البرودة في التعامل مع هذا الملف. وكان هناك خطأ آخر بعد سنة 1975 وبالضبط بين سنتي 1965 و1966 بحيث كان هناك قرار للجمعية العامة قد وضع إيفني والصحراء المغربية في نفس الخانة، وكان هذا القرار للجمعية يطالب إسبانيا بالدخول في حوار مع المغرب، لكن في سنة 1966 وقع فصل بين المنطقتين بحيث جاء القرار الجديد 1966يطالب إسبانيا بالدخول في حوار مع المغرب بخصوص إفني فقط وجعلت مسألة الصحراء وكأنها تصفية استعمار، وتدخل في نطاق ما يسمى باللائحة التي تضعها لجنة تصفية الاستعمار وهنا نتساءل لماذا جارى المغرب هذا القرار في تبنيه من قبل الجمعية العامة ولم يعمل على معارضته. وهناك خطأ آخر وقع في ما بعد وهو ما يؤكد أن الدبلوماسية المغربية لم تكن عموما في المستوى المطلوب، وأقصد بذلك المقاربة الأمنية التي اعتمدتها الدولة خلال مرحلة إدريس البصري وزير الداخلية الأسبق بالإضافة إلى أن المغرب لم تكن له الإمكانات الكافية للتواجد في كل مناطق العالم على خلاف الجزائر تماما التي كانت تنتصر في كثير من المواقف ليس لصواب موقفها أبدا، ولكن فقط بسبب غياب من يشرح الموقف المغربي، بالإضافة طبعا إلى أن المغرب في إطار الصراع شرق غرب كان يصنف على أنه بلد رجعي والجزائر بلد تقدمي وبالتالي فالطرح الجزائري صحيح والطرح المغربي باطل، فكل هذه العناصر جعلت الموقف المغربي ضعيفا في المحافل الدولية. ولكن يجب الاعتراف للمغرب ببعض الانتصارات كالمسيرة الخضراء التي كانت معجزة القرن لأن المغرب لم يكن بإمكانه الدخول في حرب عسكرية مع إسبانيا لأسباب معروفة، ولم يكن ليقبل بالطرح الدبلوماسي لأن الدبلوماسية لم تعطه حقه، فاضطر أن يتبنى صيغة بين الدبلوماسي والعسكري، خاصة وأن المسيرة تزامنت مع فراغ سياسي في إسبانيا حين كان الجنرال فرانكو في سكرات الموت. وثانيا التقارب المغربي الليبي بين 1982 و1984 وهذا له ميزة أساسية هي وقف ليبيا تزويد جبهة البوليزاريو بالسلاح مع العلم أن ليبيا كانت تزود البوليزاريو بكميات هائلة من السلاح وهذا كان يخلق مشاكل عسكرية بالنسبة للمغرب بشكل كبير لأن البوليزاريو كان يتوفر على أنواع عالية من الآليات العسكرية وكان يقوم بعمليات عسكرية دون الدخول في معارك عسكرية مباشرة مع المغرب وكان بذلك يحدث خسائر في الجيش المغربي. حاوره عبد الرحمان الخالدي