امحمد بوستة: السبيل إلى حل ملف الصحراء المغربية يكمن في بلورة نظام الجهات نظمت مؤسسة علال الفاسي مساء الجمعة الماضي ( 22 أكتوبر 2004) ندوة حول تطورات ملف الصحراء: واقع وآفاق. وقد شهدت الندوة إلقاء عرضين لكل من الأستاذ محمد العربي المساري عضو اللجنة التنفيدية لحزب الاستقلال في موضوع واقع ملف الصحراء، والأستاذ امحمد بوستة عضو مجلس الرئاسة بالحزب نفسه في موضوع آفاق ملف الصحراء. وحضر الندوة جمهور غفير ومتيز و العديد من الشخصيات البارزة على الصعيد الوطني كمستشار صاحب الجلالة عباس الجيراري ورئيس رابطة العلماء بالمغرب الشيخ لاراباس، والأستاذ أبو بكر القادري. ملف الصحراء اكتسب صفة شاذة اعتبر محمد العربي المساري عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال أن ملف الصحراء المغربية اكتسب صفة شاذة، بالنظر إلى الالتباسات التي أحاطت به لدى طرح المغرب لقضية تصفية الاستعمار في الصحراء على مستوى الأممالمتحدة، بعد أن استعصى الحوار الثنائي بين المغرب وإسبانيا حبيا وثنائيا منذ 6591. ففي الأصل كانت القضية قضية تصفية استعمار لكن رغم التصفية في سنة 5791 بقي مطروحا في الأممالمتحدة بفعل المناورات الجزائرية. وقال المساري، في مداخلة له بالمناسبة إن المغرب عجز، لأسباب عديدة، عن طرح الملف بشكل مريح، منذ وضع المسألة أمام الأممالمتحدة في أواسط الستينات ، وأضاف أن المغرب وجد نفسه أمام خصم عنيد هو الجزائر تحذوه رغبة واضحة في استعمال المساطر التي تتضمنها آليات الشرعية الدولية لأغراض كيدية، وذلك منذ منتصف الستينات حتى يوم الإثنين الماضي. وذكر المساري بأن الحديث اليوم دوليا عن ملف الصحراء المغربية يتم التعاطي معه في إطار تراكم التوصيات الأممية، الصادرة في الموضوع، كما آل أمرها في الوقت الراهن. وأوضح المساري أن المغرب مافتئ يجاري المنطق الأممي رغم أن تصفية الاستعمار قد تمت، ورغم أن المغرب يمارس سيادته على أقاليمه الجنوبية، كل ذلك - يزيد المساري- أملا في أن يتأتى طي الملف بكيفية نهائية، وفي إطار الشرعية الدولية. ونقل المتحدث ذاته عن مصادر إلكترونية إشارتها إلى بعض مضامين التقرير الجديد للأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، ومن ذلك تمديد المينورسو لمدة ستة أشهر، علاوة على تسجيلها أن البحث عن اتفاق بين المغرب والبوليزاريو يزداد بعدا كل مرة . وذكر المساري أن التقرير الجديد أكد أنه لم يتم التوصل إلي موقف مشترك حتى حول تجاوز النقطة الميتة الراهنة التي يوجد فيها المسلسل السياسي، وأوضح- نقلا عن المصادر ذاتها- أن الهدف هو إتاحة الفرصة لشعب الصحراء المغربية لممارسة حق تقرير المصير، مع التزامه باستقصاء كل الفرص قصد التقدم نحو هذا الحل. وختم المساري مداخلته بالقول إن هناك الآن مباراة ديبلوماسية بين المغرب والجزائر، الرهان فيها على اكتساب مؤيدين لواحدة من الأطروحتين، هل الحل الواقعي المتفاوض عليه لترتيب الأوضاع في المغرب العربي، أم إطالة مصطنعة لعمر ملف أصبحت الأممالمتحدة تتأفف منه، من حيث الزمن الذي استغرقت معالجته ومن حيث تكلفته المالية ( أكثر 006 مليون دولار )، مستطردا نرى أن الجزائر قد استيقظ لديها الميل إلى إطالة عمر الملف، والمغرب المتمسك بحقوقه يريد إنهاءه، ولكل أسلحته. ضرورة تفويت صلاحيات من الحكومة إلى الجهات الصحراوية قدر الأستاذ امحمد بوستة عضو مجلس الرئاسة لحزب الاستقلال أن السبيل أن حل ملف الصحراء المغربية يكمن في بلورة نظام الجهات الذي سيضمن تفويت بعض الصلاحيات من الحكومة المركزية إلى الجهات المختصة، وقال بوستة أرى أن اعتماد النظام الجهوي بمبادرة من المغرب قد يتجاوب مع متطلباتنا الداخلية من أجل توطيد ديمقراطية القرب وإشراك السكان في شؤونهم ومن أجل التنمية بحميع معطياتها، وفي نفس الوقت يضيف -بوستة- يتجاوب مع المتطلبات الدولية لإنهاء قضية الصحراء المفتعلة وإغلاق الملف الدولي نهائيا. وأوضح بوستة أنه لإعطاء الصبغة الرسمية والعلنية لمقترحه ينبغي تفعيل وبلورة دسترة الجهة أو النظام الجهوي، وذلك بإجراء استفتاء بمجموع تراب المملكة وبمجموع السكان يكون تعبيرا واضحا عن إقامة النظام الجهوي وإبراز هيكلته ومراميه واختصاصاته، مشددا على ضرورة التنصيص على أن لكل جهة أن تضيف ماتراه مناسبا لخصوصياتها من خلال إجراء استفتاء لكل جهة من الجهات ينتخب سكانها الهياكل التنظيمية الضرورية لتسيير شؤونها. واعتبر بوستة الذي تحدث عن الآفاق المستقبلية لقضية الصحراء، أن النزاع حول ملف الصحراء يظل مغربيا جزائريا وليس البتة مسألة تقرير مصير لشعب ما أو تصفية استعمار في أرض ما. وأكد بوستة أن الملف مثقل بالمغالطات والمفارقات، الأمر الذي وقف عليه جيمس بيكر في يونيو 1002 ودعاه إلى التأكيد على أن النزاع مغربي جزائري يتعين حله في إطار السيادة المغربية على ترابه، وأضاف أن المغرب منفتح على المقاربة السياسية التعاونية مع الجزائر مع التمسك بحقوقه الوطنية الثابتة في الصحراء وعدم القبول إلا بحل سياسي واقعي. وفي رده على أجوبة الحضور أكد امحمد بوستة أن التنمية الاقتصادية لايمكن أن تتم دون تركيز الجهود جهويا باتجاه تكريس اقتصاد وطني كنموذج إسبانيا، وقال ماذا سيضرنا لو كانت لنا حكومة في العيون للصحراويين وأخرى بتطوان للريفيين. يجب أن تعطى الأولوية للصحراويين في تسيير مناطقهم شددت العديد من المداخلات على هامش مناقشة عرضي الأستاذين امحمد بوستة و محمد العربي المساري على ضرورة إشراك المجمتع المدني في معالجة ملف الصحراء المغربية. ولفتت بعض التدخلات الانتباه إلى التهميش الذي طال الصحراويين طيلة المرحلة السابقة بشأن معالجة ملف الصحراء، وغياب التأطير الحقيقي لأبناء المنطقة الصحراوية سواء من لدن الأحزاب أوالإدارة. وفي هذا الصدد أشار الشيخ ماء العينين لاراباس رئيس رابطة العلماء بالمغرب إلى التضحيات الجسام التي قدمها الصحراويون لتحرير المناطق الصحراوية، لكنهم بالمقابل - يقول لاراباس- أول من يسأل وآخر من يعلم. ورأى الشيخ لاراباس أن ملف الصحراء قد تم اختزاله، وقد وقع بشأنه مؤامرات عديدة، واوضح أن الصحراويون سيبقون مجندين وراء توجهات جلالة الملك محمد السادس. وجاء كلمة الأستاذ عبد الإله بنكيران عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية خلال مناقشة عرضي الأستاذين امحمد بوستة ومحمد العربي المساري في سياق رده على بعض التدخلات التي أشارت إلى التهميش الذي طال الصحراويين بخصوص ملف الصحراء في المرحلة السابقة، إذ أكد أن الرهان يجب أن يتركز على المستقبل بدل الرجوع في الماضي. وقال الأستاذ بنكيران في هذا الصدد إن قضية الصحراء المغربية لم يستثن منها أبناء المنطقة الصحراوية وحدهم ولكن استثني منها كل المغاربة باعتبارها قضية لها خصوصية تعامل معها الملك الحسن الثاني رحمه الله بطريقته الخاصة، وأضاف أن الوقت الآن ليس وقتا للنبش في الماضي، وإنما المهم هو كيف نعالج المستقبل حتى لا نتخبط في مشاكل أخرى. وتابع الأستاذ بنكيران بالقول اعتقد أن المرحلة السابقة لنا بشأنها ملاحظات، لكننا لايجب أن نرتهن إليها وأوضح عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية أن الوضعية الحالية في عمومها إيجابية، فالصحراء- يقول بنكيران- محررة وخاضعة للسيادة المغربية، وسكانها ينعمون في أمن وأمان، كما أن وضعنا الدبلوماسي ليس سهلا ولكن بالمقابل ليس سيئا. ودعا بنكيران، على غرار ما ذهب إليه امحمد بوستة، إلى توليد أفكار دينامية تطرح بصدق وبشكل معقول، مطالبا في الآن ذاته بتجاوز عقلية خلق عدو مجاني لم يكن موجودا. وأشار الأستاذ بنكيران إلى أن الأشخاص الذين يعودون من البوليزاريو إلى أرض الوطن يجب أن نفرح بعودتهم، لأن رجوعهم هو رجوع إلى الأصل وإلى بلدهم.. ولابد أن يتسع صدرنا لهم كل ذلك لصالح مستقبلنا. ونبه الأستاذ بنكيران على أن الحكام الجزائريون يهابون المغرب، ولذلك فهم سيضلون يعاكسوننا حتى وإن حلت قضية الصحراء، لأنهم سيبحثون عن ملف آخر لاعتقادهم بأنهم إذا طبعوا العلاقة مع المغرب فإن هذا الأخير يبقى هو المستفيد. وختم بنكيران كلمته بالتأكيد على وجوب عدم تعامل المسؤولون بالأقليم الصحراوية مع المواطنين الصحراويين بالتوجس والاحتياط، وقال في هذا الإطار لابد أن يتعامل مع الصحراويين بالطريقة نفسها التي يتعامل بها مع غيرهم، ويجب أن تمنح لهم الثقة، ، وأن تعطى لهم الأولوية في تسيير مناطقهم. وتعميما للفائدة فإن جريدة >التجديد< ستعمل على نشر العرضين القيمين للأستاذين محمد بوستة ومحمد العربي المساري في أعداد مقبلة متابعة محمد أفزاز