قال طلحة جبريل، الصحافي والأستاذ بمعاهد للإعلام والاتصال، إن "الأخبار الزائفة، أو ما يُعرف ب Fake News، كانت متداولة منذ القدم، لكن ظهرت بشكل ملفت وكبير خلال الانتخابات الأمريكية لسنة 2016، حين تم استهداف 50 مليون ناخب أمريكي، عبر ترويج أخبار زائفة ومصنوعة تهدف إلى التأثير وتوجيه الأمريكيين ضد هيلاري كلنتون لصالح دونالد ترامب، الذي فاز دون أن يكون من المتوقع أن يحقق ذلك". جبريل الذي أطر ندوة بعنوان "مواقع التواصل الاجتماعي والأخبار الزائفة"، بمناسبة تنظيم الملتقى الجهوي الأول للإعلام والتواصل بخريبكة تحت شعار "إعلام مهني رافعة للتنمية"، أشار إلى أن "ترويج الأخبار الزائفة عبر شبكات التواصل الاجتماعي يساهم في تراجع الوعي السياسي، ويؤدي إلى العزوف السياسي أيضا، ويسفر عن تقليل دور النخب في العالم الثالث عموما، وفي إفريقيا على وجه التحديد". وعن طريقة خلق الأخبار الزائفة بشكل منظم ومقصود، قال جبريل إن "الطريقة بسيطة، تبدأ بالاتفاق مع شخص في دولة بعيدة، ويتم إعطاؤه خبرا مزيفا ما من أجل نشره في جريدة أو موقع ذي مصداقية بتلك البلاد، فيتم نقل الخبر إلى إحدى الوكالات، وبالتالي ينتشر عبر العالم، فتلتقطه الجهة التي ستستفيد منه لتعيد نشره بآلاف أو ملايين الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة "فيسبوك" و"تويتر"، مع إضافة بعض التوابل كي يحقق الهدف منه". وذكّر طلحة جبريل، خلال الملتقى المنظم من طرف "نادي الصحافة والإعلام الإلكتروني بخريبكة"، بأن "العمل السياسي والنقابي والجمعوي وغيره كان يعتمد على التواصل المباشر في الفترات السابقة، والآن أصبح كلُّ حامل لوحة مفاتيح يتوقع أنه يمارس التواصل من أجل الوعي، لكن في الحقيقة يمارس في الغالب التواصل الوهمي والافتراضي، خاصة أن الوقت الذي يمضيه الناس على مواقع التواصل الاجتماعي يتراوح بين 4 و5 ساعات في اليوم، إما من أجل التواصل أو التعلم أو الترفيه أو الدردشة". وصنّف جبريل مستويات الأخبار إلى ما أسماها "الطوابق الخمسة"، مشيرا إلى أنه "في الطابق الأول تكون المعلومة عبارة عن شائعة، وفي الطابق الثاني يُمكن الحديث عن أخبار، لكنها غير مؤكدة، وفي الطابق الثالث تصبح المعلومة أو الخبر موثقا عبر الإعلام والصحافة، وفي الطابق الرابع تتراكم المعلومات الصحيحة إلى درجة تحقق النضج وحصول المعرفة، في حين نصل في الطابق الخامس إلى ما يُمكن اعتباره تحضرا". وأورد طلحة جبريل، ضمن مشاركته في الملتقى المنظم يومي الجمعة والسبت، أن "18 مليون صفحة "فيسبوك"، بأسماء حقيقية وأخرى مستعارة، تنشر كمّا هائلا من المعلومات المكتوبة والمسموعة والمرئية، لكن منسوب الدقة فيها يكون ضعيفا جدا"، مضيفا أن "فكرة الصحافي المواطن جاءت لخلق جيش من الصحافيين، وجعلِ أي شخص يحمل هاتفا أو حاسوبا يكتب ما يريد ومتى يريد، لكن تبيّن بأن الصحافي المهني ينقل المعلومة بدقة، فيما الصحافي المواطن ينشر أخبارا زائفة ومعلومات لا قيمة لها معرفيا، وجدالا ونكتا وطرائف وتصفية للحسابات وهجوما على أشخاص وغير ذلك". ولكي لا يُعتبر الخبر زائفا، أكّد جبريل على "ضرورة ارتباطه بواحد من ستة مصادر، هي المصادر التقليدية الصادرة عن وكالات الأنباء، أو شخص محدد بالاسم والصفة، أو شخص غير محدّد، لكن الصحافي يعرفه جيدا، كأن يكون مصدرًا من مؤسسة ما، أو البلاغات والرسائل والخطابات، أو شهود عيان حقيقيين، أو الصحافي نفسه، سواء كان مصورا أو محررا"، مشيرا إلى أن "ما يخرج عن هذا الإطار يُعتبر خبرا زائفا ووباءً حقيقيا وجبت محاربته عمليا ومهنيا عبر التكوين الميداني وليس النظري". يُشار إلى أن الندوة تأتي في سياق ملتقًى جهويّ استُهلّ مساء الجمعة بحفل على شرف المشاركين، تم خلاله تكريم الصحافي طلحة جبريل، ومحمد الحجام، عضو المجلس الوطني للصحافة ومدير نشر "ملفات تادلة"، وتقي الله أبا حازم، رئيس نادي الصحراء للإعلام والتواصل بالعيون، ومحمد الرايس، كاتب وإعلامي، وعبد الكريم الشافعي، ابن المنطقة الذي يعمل وكيلا عاما لدى محكمة الاستئناف بمدينة أكادير. وأشار نور الدين ثلاج، رئيس نادي الصحافة والإعلام الإلكتروني بمدينة خريبكة، إلى أن "الملتقى الجهوي الأول للإعلام والتواصل يهدف إلى مدّ جسور التواصل بين الجسم الإعلامي بمختلف ربوع المملكة وكل حاملِي هَمّ الرقي بصاحبة الجلالة، من أجل تدارس المعيقات والمشاكل التي تقف أمام رجال ونساء الإعلام لتأدية مهامهم النبيلة بكل تجرد ونكران للذات". يُذكر أنه إلى جانب ندوة الأخبار الزائفة التي أطرت من طرف طلحة جبريل، تم تنظيم ندوة ثانية حول "صناعة الرأي العام من خلال مواقع التواصل الاجتماعي"، وتضمنت مداخلة لعبد الوهاب الرامي، الأستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، بعنوان "الصحافة الإلكترونية وأخلاقيات المهنة"، ومداخلة لعبد الصمد خشيع، المحامي بهيئة خريبكة والمدير المسؤول عن مجلة "البدلة"، حول "المقاربة الزجرية في جرائم الصحافة والإعلام"، ومداخلة للَمِينة أهل الخطاط، وهي طالبة بسلك الدكتوراه بكلية الآداب عبد المالك السعدي بتطوان، حول موضوع "تجربة الإعلام الجهوي في الصحراء في الترافع عن قضايا وانشغالات المجتمع: التطلعات والتحديات".