قال عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، في حفل اختتام لقاء "اليهود المغاربة: من أجل مغرَبَة متقاسَمة"، إن تنظيمه جاء كواجب تُجاه الجالية المغربية بالخارج التي من ضمنها الجالية اليهودية المغربية. ومن بين توصيات اللقاء حسب بوصوف التأسيس له عن طريق الاجتماع كل سنتين من أجل الاستماع إلى انتظارات اليهود المغاربة عبر العالم، وحتى يسهِموا باقتراحاتهم حول مختلف الأوراش الموجودة بالمغرب، إضافة إلى العمل على مجموعة من المشاريع الأساسية من أجل حفظ الذاكرة اليهودية ونقلها إلى الأجيال الصاعدة، وإنجاز مشاريع علمية واقتصادية من أجل المساهمة في بناء نموذج تنموي اقتصادي جديد بالمغرب. ومن بين توصيات "لقاء مراكش" أيضا حسب بوصوف نقل روح التسامح والتآخي والعيش المشترك التي عاشَها المؤتمِرون إلى البلدان التي يعيشون بها؛ حتى يكونوا آليات تقديم صورة حسنة حول المغرب والدفاع عن مصالحه، إلى جانب اللقاء في بلدان إقامة اليهود المغاربة كل سنتين وتطوير مشاريع مشتركة. ووضّح الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج أن اللقاء لا يريد أن تبقى الثقافة اليهودية المغربية حبيسة الذاكرة الجماعية التاريخية، بل يريد بناء ذاكرة جماعية منفتحة على المستقبل، تحمل الموروث التاريخي الموجود بصفة مشتركة بين اليهود والمسلمين، وتعيش بروحه في عالم اليوم الذي يعاني من التطرف، والإرهاب، والكراهية، والعنف، ويطرح سؤالا كبيرا هو احترام الآخرين. وشدّد بوصوف على أن الحديث عن "الخصوصية المغربية" في المؤتمر ليس تنميقا للكلمات أو ادعاء، بل هو حقيقة تاريخية وواقع معاش، يجب العمل على نقله عبر سياسة تواصلية كبيرة إستراتيجية تنفتح على العالم وتقدّم إليه المغرب الذي نعيش فيه. ونبّه المتحدّث إلى أهمية الحوار بين الديانتين اليهودية والمسلمة ودوره في التقريب بينها؛ لأن ما يجمعهما أكثر مما يفرقهما، مؤكّدا في السياق نفسه على واجب التعرف على اليهود عن طريق المراجع اليهودية؛ لأنه يجب علينا التعرف على الآخر كما يعرّفُ هو نفسَهُ لا عبر الأحكام المسبقة حوله، داعيا إلى أن يشمل التأطير الديني لمغاربة العالم اليهودَ أيضا. سيرج بيرديغو، الأمين العام لمجلس الجماعات اليهودية بالمغرب، شكر بدوره الحاضرين على حضورهم، واصفا أيام "لقاء مراكش" ب"الفنيّة المليئة بالأحاسيس". ووضّح بيرديغو في كلمته التي ألقاها في سياق اختتام أشغال الملتقى أن "لقاء مراكش" فرصة تعبّر فيها الطائفة اليهودية بالمغرب عن أفكارها وأعمالها وآمالها، مضيفا أن التحدي الذي يواجه الطائفة اليهودية بالمغرب ليس هو تجديد المقابر والبيَع، بل حضور الطائفة. بيرديغو، الذي قال إن "المنزل مفتوح"، دعا إلى مأسسة هذا اللقاء ودعوة كل القوى الحية اليهودية حتى تلتقي ويستمر التواصل، مستشهدا في ختام كلمته بقول أخبره به أحد رجال الدين اليهود القاطنين بالمهجر في عهد الملك الحسن الثاني؛ ومفاده أن قبور الصالحين التي يحملها المغرب تجعل منه أرضا مقدسة مثل أرض إسرائيل. من جهته ذكر جاكوب ليفي، حبر يهودي من أصل فاسي، أن الملك محمدا السادس يمكنه الافتخار ب"شعبه العزيز"؛ لكونه يعيش يوميا تقبلا للآخر الإثني والديني في واقع مجتمعي فريد، واصفا إياه ب"إبراهيم الكتاب المقدّس في هذا الجيل". وعرفت الجلسة الختامية تدخّلات متعدّدة ليهودٍ مغاربة عبّرت بعضها عن "الفرح" و"الحزم" الذي تولّد عن "لقاء مراكش"، ودعت إلى ضرورة الربط بين الكبار والشباب، والشباب اليهود والمسلمين عن طريق التركيز على الرياضة والتعليم والثقافة. كما انتقدت بعض المداخلات عدم إثارة المشاكل السياسية في اللقاء، معبّرة عن حاجتها إلى "تسهيل التنقل بين المغرب وإسرائيل لأن هذا سيمكّن من القدوم أكثر إلى المغرب". ووُشّح سيرج بيرديغو، بمبادرة فردية من بعض الحضور، بجائزة رمزية على شكل شمعدان، نظرا ل"تغييره تاريخ اليهود المغاربة بحفاظه على علاقة اليهود بإسرائيل مع المغرب"، قبل أن يتسلّم الجائزة ويقدّمها إلى عبد الله بوصوف؛ "لأنه هو من يستحقّ التكريم لعمله على تنظيم اللقاء".