كان لافتاً أن يُخصص الملك محمد السادس فصلاً مهما من خطابه أمام أعضاء مجلسي البرلمان، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة، للحديث عن مشروع قانون الخدمة العسكرية، الذي ما زال يثير جدلا واسعا داخل الأوساط السياسية والمدنية في البلاد. وتطرق الملك إلى مشروع قانون الخدمة العسكرية، الذي سيناقشه البرلمان، قائلا إن "الخدمة العسكرية تقوي روح الانتماء للوطن، كما تمكن من الحصول على تكوين وتدريب يفتح فرص الاندماج المهني والاجتماعي أمام المجندين الذين يبرزون مؤهلاتهم، وروح المسؤولية والالتزام". وأكد الملك محمد السادس في خطابه على أن جميع المغاربة المعنيين، دون استثناء، سواسية في أداء الخدمة العسكرية، بمختلف فئاتهم وانتماءاتهم الاجتماعية وشواهدهم ومستوياتهم التعليمية. وفِي هذا السياق، أكد المحلل السياسي والباحث في جامعة شيربوك الكندية، هشام معتضد، أن الاهتمام، الذي أولاه الملك محمد السادس في خطابه أمام أعضاء مجلسي البرلمان لمشروع قانون الخدمة العسكرية، له دلالات سياسية ذات أبعاد اجتماعية ومستقبلية مرتبطة بالتركيبة المجتمعية لمستقبل البلاد. وأضاف معتضد أن الملك قدم التصور الذي سينهجه المغرب لتقوية روح الانتماء إلى الوطن من خلال المكاسب التي يمكن للشباب اكتسابها بعد خوضهم مسؤولية الخدمة العسكرية، مشيرا إلى أن الملك شدد على أهمية الخدمة العسكرية من خلال القيم المجتمعية التي يجب على المغاربة الحفاظ عليها، وتقويتها لتماسك اجتماعي قادر على مواجهة التحديات الراهنة. وأوضح معتضد أنه بالرجوع إلى آليات تهدف إلى تحصين البنية المجتمعية وتكريس مكتسباتها بين جميع الفئات، خاصة الشباب منهم، سيتمكن المغرب من حماية هويته الثقافية في عالم تشوبه عدة مخاطر يمكنها تهديد الأمن القومي. وتوقف معتضد، في تصريحه لهسبريس، عند تأكيد الملك في خطابه على مبدأ المساواة في أداء الخدمة العسكرية، والذي يأتي من باب الإنصاف الاجتماعي والعدالة القانونية، وخاصة لطمأنة فئات مجتمعية أبدت تخوفها في هذا الإطار، وتنبيه أخرى من عدم الهروب أو الالتفاف على مقتضيات القانون لعدم القيام بالخدمة العسكرية. وأوضح أنه "بالإضافة إلى محور القيم المجتمعية والمسؤولية الإنسانية، هناك امتيازات مهنية وتكوينية يمكن للشباب المغربي الاستفادة منها أثناء خوضهم الخدمة العسكرية من خلال المشاركة في ورشات تأطيرية وتوجيهية تساعدهم في مسارتهم المهنية والشخصية". وأضاف أن "اختيار إدراج قانون الخدمة العسكرية في خطاب افتتاح السنة التشريعية إشارة سياسية ذات أهمية بالغة إلى جميع المنخرطين في الحقل التشريعي لإعطاء هذا المشروع المكانة الأخلاقية والمجتمعية، التي تتماشى وتطلعات هيئات المجتمع المغربي بكل مكوناته وأطيافه السياسية". وختم معتضد تصريحه قائلا: "إذا كان هذا المشروع يهدف إلى تقوية روح الانتماء إلى الوطن، فإن على المسؤولين الساهرين على مناقشته وتقديم صيغته النهائية أن يبادروا بالاستماع إلى تطلعات الفئة المستهدفة لإنجاح هذا الواجب الوطني، في إطار مقاربة تشاركية تجعل المنخرطين قيمة مضافة وإيجابية للدينامية الوطنية".