عزت صحيفة "النهار" اللبنانية، صدور عددها، اليوم الخميس، بصفحات بيضاء، إلى كونه يمثل "صرخة" ضد الأوضاع التي تعرفها البلاد. وقالت رئيسة تحرير "النهار" نايلة تويني، في مؤتمر صحفي بمقر الصحيفة وسط بيروت، إن "صرختنا اليوم جاءت لنقول إن الوضع لم يعد يحتمل، وصفحات النهار هي صفحات الشعب، وهدفنا دعوة المسؤولين إلى صرخة ضمير". وصدرت صحفية "النهار" العريقة اليوم بسبع صفحات بيضاء، ما فتح العديد من التساؤلات فى أوساط الصحافة اللبنانية والعربية بمصير هذه الصحيفة واسعة الانتشار في العالم العربي. وتابعت نيلة توني أن "الجريدة تعبت من كتابة الحجج والوعود المتكررة للقوى السياسية "، مضيفة "نتفرج على لعبة تقاسم الحصص وسننتظر لنرى اليوم الأبيض". وأوضحت أن صدور الصحيفة بهذا الشكل هو "لحظة تعبير مختلفة عن الشعور الأخلاقي العميق بالمسؤولية كمؤسسة اعلامية تجاه وضع البلد الكارثي"، مشيرة إلى أن اليومية اللبنانية منذ تأسيسها " كان لها دور دائم في التغيير خلال مراحل سياسية معينة" . ونفت تويني بشدة ما ذهب إليه البعض حول احتمال توقف الصحيفة عن الصدور، وقالت: "نحن مستمرون ورقيا وإلكترونيا رغم ما يمر به البلد من أزمات". ولم تكتف الصحيفة التي تأسست عام 1933، بإصدار نسختها الورقية بصفحات بيضاء، بل فعلت الأمر ذاته على موقعها الالكتروني وحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي. وتعاني صحيفة " النهار" ، التي لعبت خلال عقود دورا بارزا في الحياة السياسية اللبنانية، منذ سنوات من أزمة مالية كبرى، داخل وسط يشهد فيه قطاع الصحافة في لبنان أزمة متمادية ترتبط بشكل أساسي بتوقف التمويل الداخلي والعربي إلى حد كبير، فضلا عن ازدهار الصحافة الرقمية وتراجع عائدات الاعلانات، ما دفع مؤسسات عدة بينها صحف ودور نشر عريقة الى الإغلاق أو الاستغناء عن صحافيين وموظفين . ويزيد الجمود السياسي والاقتصادي الذي يتخبط فيه لبنان منذ سنوات، من أزمة الصحافة، على الرغم من التسوية السياسية التي أدت الى انتخاب ميشال عون رئيسا للبلاد في أكتوبر 2016، وسعد الحريري رئيسا للحكومة الذي لم يتمكن منذ أشهر من تشكيل حكومة جديدة. ويقف عدم تشكيل الحكومة حائلا أمام حصول لبنان على منح وقروض بمليارات الدولارات تعهد بها المجتمع الدولي دعما للوضع الاقتصادي بالبلاد ، كما يثير الخشية من تدهور أكبر قدر ينعكس أيضا على الليرة اللبنانية. وفي لبنان، ذي الموارد المحدودة، لا يمكن تشكيل الحكومة من دون توافق القوى السياسية الكبرى، إذ يقوم النظام السياسي على أساس تقاسم الحصص والمناصب بين الطوائف والمجموعات السياسية.