هي هواية قد تبدو غريبة إلى حد ما بالنسبة إلى بعض من يسمع عنها، خصوصا أن "المشي" هو حركة جسدية يمارسها المغاربة يوميا؛ لكن جمعية الرحالة لهواة المشي بطنجة تحاول أن تؤسس لمفهوم جديد يتمثل في نشر ما يعتبره أعضاؤها "ثقافة المشي"، بما تتطلبه من استعدادات قبلية وبما تتركه على النفس لاحقا من أثرٍ إيجابي يتعدّاها إلى المجتمع. عن فكرة تأسيس الجمعية، يقول رئيسها محمد زهير حمان: "كنا نمارس هاته الهواية منذ أزيد من 10 سنوات في إطار مجموعات من الأصدقاء.. وكانت تراودنا، حينها، فكرة جمع هؤلاء المشاة في جمعية خاصة برياضة المشي والترحال". وبتاريخ 11 يناير 2014 التقى أعضاء المكتب المؤسس للجمعية، إذ إن "هؤلاء الأصدقاء كانت لكل فرد منهم رؤيته وطريقته في ممارسة رياضة المشي والترحال؛ لكن الجمعية وحدت الأهداف والرؤى، وجعلتنا نمارس رياضة المشي لنستفيد نحن كأفراد ونفيد المجتمع عموما عبر تسطير مجموعة من الأهداف النبيلة"، يوضح زهير. وعن أهداف تأسيس الجمعية أوضح المتحدث، في تصريح لهسبريس، أن فكرة تأسيس جمعية لها هدف واحد ووحيد وواضح وهو "المشي"، موضحا أكثر بقوله: "قد يبدو الأمر غريبا ومضحكا لدى الكثيرين؛ لأن المشي قد لا يحتاج إلى جمعية خاصة به"، يشدد زهير حمان الذي يستطرد بالقول إن "للمشي في جمعيتنا آثارا كبيرة ومتعددة تعود بالنفع على الفرد والمجتمع، بدنيا ونفسيا وثقافيا وبيئيا". أضاف جمعية الرحالة لهواة المشي بطنجة موضّحا فكرة الجمعية وفلسفتها أن "الجمعية تهدف إلى نشر ثقافة المشي وجعلها فكرة تسري بين الشباب والأطفال وعموم الناس، لما لذلك من آثار نفسية اجتماعية، بل وحتى ثقافية كالمساهمة في الحفاظ على البيئة وبعض المآثر التاريخية التي قد يلاقيها المشّاء في طريقه". ويفنّد المتحدث فكرة أن توفّر معدات المشي تمنح الإنسان صفة "رحالة" أو "مشّاء"، موضحا في هذا الصدد: "هذا الأمر غير كاف، فأهم شيء هو أن يكون للشخص الممارس نفسية المشاء، خصوصا إذا تحدثنا عن المشي الطويل لأيام متواصلة وفي مختلف التضاريس والأجواء". وفي هذا الصدد، يضيف زهير أنه على المشاء أن يكون "ذا نفسية صبورة متحدية لا تأبى بالصعاب ولا تنهزم للعثرات والعراقيل. أما لوجيستيكيا فلا بد طبعا من توفر المعدات المناسبة لممارسة هذه الهواية، ومن أهمها حذاء مناسب للمسار المتخذ (جبلي، رملي، طريق معبدة...)، فالحذاء يشكل 75% من نجاح مسار المشاء، إضافة إلى توفير لباس مناسب مع بعض الأغراض الأخرى كالعصا وحقيبة الظهر وبعض الأواني الخفيفة". وعن الرحلات التي نظمتها الجمعية، أضاف زهير أن هذه الأخيرة نظمت منذ تأسيسها العديد من الرحلات متباينة المُدد، مسلطا الضوء على رحلة اعتبرها متميزة "كانت خلال أواخر يوليوز الماضي بالتراب الإسباني، حيث سافرنا من غرناطة إلى مالقا مشياً، في مدة 7 أيام تحت شمس أندلسية حارقة". ويواصل زهير كلامه حول هذه الرحلة: "مررنا من خلالها على أمكنة حبلى بعبق التاريخ الأندلسي، نمنا في الغابة وبجانب السدود وفي شواطئ Costa del sol، كما تقشفنا في المصاريف لإتمام الرحلة.. لقد كانت تجربة غنية في حياتنا ومسارنا، وهنا أدعو الجميع إلى ممارسة رياضة هي في متناول الكل ولا يمارسها الجلّ، هي رياضة للفقراء والأغنياء، هي رياضة للمريض والسليم، هي رياضة وهواية تجعلك تكتشف فضاءات لن يصل إليها غير المشاء، فضاءات تزورها بأرخص الأثمان، تتعرف على أشخاص وتجارب... ومن منبر هسبريس الأغرّ نؤكد شعارنا ونقول: ما فاز إلا المشاة".