تهديدٌ صريحٌ بصمَ عليه اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، الذي توعَّدَ الجزائر بالدخول معها في حربٍ بسبب "استغلالها الأوضاع الأمنية في ليبيا" وتجاوز جنود جزائريين الحدود الليبية؛ وهي تصريحات تأتي في وقت اختارتْ فيه الجزائر السيْرَ مع تيار ريح دولية تميلُ إلى إقرار الحل السياسي دون تدخلٍ خارجيٍّ في المنطقة. وكان حفتر قد اتهم، خلال لقائه مع أعيان محليين في ليبيا، الجيش الجزائري باستغلال وضع الحرب للدخول إلى الأراضي الليبية، مشيراً إلى أنه يراقب كل تحرك في التراب الليبي. وزعم أنه أوفد مبعوثاً عنه إلى السلطات الجزائرية لإبلاغها احتجاجه على ذلك، قائلاً إن السلطات الجزائرية اعتبرت ذلك فعلاً معزولاً ولن يتكرر. ونقلت وسائل إعلام جزائرية بأنَّ تصريحات حفتر "تشكل تحديا لجهود الوساطة التي تقوم بها الجزائر بين فرقاء الأزمة الليبية التي طال أمدها، حيث سعت الجزائر منذ اندلاع الأزمة في ليبيا إلى بذل جهود لحلها، كما استقبلت العاصمة الجزائر وفودا ليبية من جميع الأطراف للوصول إلى حل يرضي الجميع". مجاهد عبد العزيز، اللواء المتقاعد الجزائري، يقول، في تصريح لجريدة هسبريس، إن "حفتر لم يعدْ له ما يقدِّمه في ليبيا ويعيشُ بعيداً عن التطورات الحاصلة في العاصمة طرابلس. كما أنَّ الأمور تجاوزتهُ، خاصة أنه يتحكم في أجزاء بسيطة من الأراضي الليبية ولا يتوفر على رؤية واضحة"، وفق مجاهد الذي يضيف: "وهذا ما جعلهُ يتهجّم على الجزائر، كما لوْ أراد أن يقول بأنه يتحكم حتى في الأراضي البعيدة جغرافياً عن مقر إقامته في بنغازي". وأورد القائد السابق للقوات البرية في الجيش الشعبي الوطني أن الجزائر تؤمن بمبدأ الحياد والابتعاد عن بؤر التوتر ولا يمكنها أن تتدخل في شؤون الغير، ويورد قائلاً: "قواتنا لا يمكنها أن توجد خارج البلاد لاعتبارات عديدة؛ أهمها أن الدستور الجزائري يمنع الجيش من أي نشاط خارج حدود البلاد، وهذه عقيدة راسخة بالنسبة لنا". ويشير القائد العسكري السابق إلى أن "خليفة حفتر غير مسنود إلا ببعض العشائر المشتتة في الأرض الليبية. كما أنه لا يملك الاجماع وغير معترف به من قبل العديد من الحكومات والدول"، دون أن يستبعد وجود أطراف تحاول إقحام الجزائر في الملف الليبي لأغراض معينة" آثر عدم ذكرها. وبشأن مدى جدية تحذيرات حفتر الذي يستقر في مدينة بنغازي شرق ليبيا، يؤكد مجاهد عبد العزيز أن "الأمر يتعلق ببالونات هوائية لا تكتسي أيَّ خطرٍ على الاستقرار والأمن القومي الجزائري"، قبل أن يتابع: "قوات حفتر بعيدة جغرافياً، ولا يمكنه بلوغ الحدود الجزائرية؛ فالأمر شبه مستحيل.. وإذا ما وصل إلى هذه الحدود فسيكون الرد حينها مُناسباً". من جانبٍ آخر، يرى أكرم خريف، المحلل المختص في الشؤون الأمنية والعسكرية، أن تصريح حفتر لم يكنْ منتظراً في الجزائر وفاجأ العديدين، حيث إنه لم يكن مفهوماً من لدن الجزائريين والنظام الجزائري الذي يلح على عدم التدخل العسكري في الخارج، مشيرا إلى أنَّه في الوقت الحالي لا يمكن اعتبار هذه التصريحات تحملُ في طياتها نية جدية من شأنها إقرار رد رسمي عليها". ويقول الخبير العسكري، في تصريح لجريدة هسبريس، إن "الوضع الذي تشهده طرابلس حالياً يستفيد منه القائد حفتر ويحاول إظهار نفسه بأنه قادر على المسك بزمام الأمور"، مشيراً إلى أن "الهجوم على العاصمة الليبية قد يغير من موازين القوى ويدفع بالتالي الجنرال إلى خارج اللعبة الدائرة في الأراضي اللبيبة". وقال أكرم إن "وزير الخارجية الجزائري زارَ، في مناسبات عديدة، ليبيا والتقى بممثلي العشائر في أكثر من ثلاثين بلدة ودعا إلى التشبث بالحوار والجلوس على طاولة المفاوضات؛ لكن حفتر رفض هذا المقترح، وأعطى ظهره لأي مقترح قادم من الجزائر".