لمْ تعد العلاقات المغربية الإسرائيلية يكْتنفُها الغموضُ مع توالي التقارير الاستخباراتية والأمنية التي تكشفُ النقاب عن تزايُد حملات التطبيع بوتيرة متصاعدة بين البلدين، بالرغْم من نفْي الحكومة المغربية أيَّ علاقات رسمية مع الكيان؛ فقد أوردتْ دراسة إسرائيليّة أجراها معهد "ميتافيم" الصهيونيّ أنّ "العلاقات بين الدولة العبريّة والمغرب واسعة النطاق، وأنّ المصالح المُشتركة بين الدولتين تُشكّل الركيزة الأساسيّة لهذه العلاقات". المعهدُ الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية "ميتفيم"، وهو مركز أبحاث مقرّه في مدينة رامات غان القريبة من تل أبيب، أكّد، في دورية حديثة له حول العلاقات التي تجمع بين المغرب وإسرائيل، أن "التعاون بين البلدين واسع نسبياً في نطاقه والمصالح الكامنة فيه قوية ودائمة"، مضيفاً أن "الركائز الأساسية للتعاون هي أولاً وقبل كل شيء العلاقة اليهودية المغربية التي دامت أكثر من ألفي عام"، متوقفاً عند التعاون الأمني، الذي تبلور في أوائل الستينيات والمستمر حتى يومنا هذا". واستعرضت عينا ليفي، الباحثة الإسرائيلية التي أعدَّت المنشور البحثي، وهو واحد من سلسة أوراق بحثية تعنى بالعلاقات الإسرائيلية مع دول الجوار العربي وعن آفاق الإمكانات "غير المحققة" بين دول المنطقة، جوانبَ من هذا التعاون "الذي تعتبرُه مثمراً وبناء". وقالت ليفي إن "اليوم يعيشُ نحو مليون يهودي مغربي في إسرائيل ويقوم عشرات الآلاف من الإسرائيليين بزيارة المغرب كل عام للسياحة، التجارة، أو زيارة العائلة". وبالرغم من تواجد جالية كبيرة من المغاربة اليهود يتقلدون مناصب علْيا داخل مرافق الكيان الصهيوني، فإن الباحثة تقلل من الانفراج الحقيقي في العلاقات الدبلوماسية المعلنة وتقول "لا تزال بعيدة عن تحقيق إمكاناتها، وهي محدودة تحت السقف الزجاجي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويتأثر بأنشطة حركات المقاطعة في المغرب". وتوقفت الباحثة عند ما اعتبرته "انقساماً عربياً أمازيغياً داخل المجتمع المغربي"، مرجعة أسبابه إلى "العلاقات الإسرائيلية المغربية بالنظر إلى العلاقة التاريخية والثقافية بين اليهود والأمازيغ، إذ إنه في القرون الأولى تحولت العديد من القبائل الأمازيغية إلى الديانة اليهودية، حيث ترى العديد من القبائل الأمازيغية إلى يومنا هذا أن اليهودية جزء من التراث الأمازيغي". ولا يقف مسلسل التطبيع عند الجوانب السياسية والأمنية بل يشملُ أيضا القطاع السياحي الذي تعزَّز أكثر خلال العشرية الأخيرة، وتمثل ذلك في زيارة قرابة 45 ألف إسرائيلي سنوياً المغرب، فيما يصل عدد المغاربة الذين يزورون إسرائيل سنويا إلى 35 ألفا، بالرغم من تعقيدات الإجراءات الإدارية المتعلقة باستخراج تأشيرات السفر وفي ظل عدم وجود خطوط جوية مباشرة بين الرباط وتل أبيب. وبشأن التعاون الفني الثقافي، أبرزت الدراسة الإسرائيلية أن "الجانبين ينظمان مهرجانات سينمائية وموسيقية وثقافية، ويجريان أبحاثا دراسية، وفي يونيو 2018 وصل إسرائيل ثلاثة وفود مغربية وبعض ممثلي المجتمع المدني، ممن يديرون حوارات مع نظرائهم الإسرائيليين، وقامت وفود إسرائيلية بزيارة المغرب في السنوات الأخيرة للمشاركة في عدة فعاليات، مثل قمة المناخ الدولية في مراكش في نوفمبر 2016، وبطولة الجيدو في مارس بأكادير، واجتماع البرلمانيين لدول البحر المتوسط في الرباط في أكتوبر 2017.