مشاريع تنموية ترصد لها ميزانيات بالملايير، شعارات رسمية تبشر بمدن دون صفيح ومحاربة الفقر والهشاشة ما زالت أوهاما زائفة لا تمت إلى واقع الحال بأية صلة. مأساة العيش في دور الصفيح جحيم لا يلفح غير القاطنين به ممن اختار أو كتب عليه اتخاذها مأوى له، كما أن العيش الكريم حلم صعب المنال بالنسبة إلى هؤلاء السكان. سكان منطقة "امحيجر" رحلوا بعد ما تقرر مرور الطريق السيار من أمام المنازل التي كانوا يقطنون بها، ليستقر بهم المقام وسط مدينة الصخيرات ويصبحوا أبناء "الدوار الجديد" أشهر معاقل الجريمة والمخدرات. ظروف لا إنسانية يعيش في كنفها ساكنة هذا الدوار، بعد أن تاجر منتخبون غير مبالين بمأساتهم اليومية مقابل مقاعد تضمن لهم عقارات فخمة وأرصدة بالملايير على مقربة من مساكنهم العشوائية التي تحرق أصحابها صيفا وتغرقهم شتاء. نبيل، موظف وقاطن بإحدى براريك الدوار الجديد، يوضح أن المسؤولين يتلذذون بالتماطل والوعود الكاذبة؛ فهم ينتهزون هذه الأزمة للتحقيق مآربهم، فمنذ سنة 2009 ونحن ننتظر، يتحججون بعدم توفر الوعاء العقاري بالصخيرات علما أن نصف أراضيها فارغة، "لا نعلم من المسؤول عن هذا التماطل: هل هي وزارة الداخلية أم المجلس البلدي؟". الدوار الجديد.. كولومبياالصخيرات تجارة المخدرات المنتشرة في الدوار الجديد، بل هو معقل توزيعها، جعلت الأطفال والشباب ضحية لهذه البيئة الفاسدة التي وجدوها حاضنة لهم شهد كريم أن الأطفال الصغار ممن هم أقل من 12سنة لا يستطيعون بدء يومهم دون تدخين ما تيسر من لفافات الحشيش وتناول حبات "القرقوبي"، مؤكدا أن مخازن لكل أنواع المخدرات تتوفر هنا من أكستازي وكوكايين وشيرا. أبناء الصخيرات مقصيون من الاشتغال بالمدينة غالبية أبناء هذا الدوار من ذوي السوابق العدلية؛ ومنهم من كانت مدته الحبسية التي لا تتجاوز الشهرين سببا في إقصائه كليا من كل أنواع مناصب الشغل، بذريعة أنهم مجرمون ولا يستحقون فرصة أخرى للاندماج في الحياة الاجتماعية. يقول عبد السلام: "هذا الحي الصناعي الموجود خلف هذا الدوار من أكبر الأحياء الصناعية بالمغرب، يستقطب أرباب العمل فيه يدا عاملة من جنوب المملكة ومن كل المدن الأخرى، وشباب يضيع في براثن الإجرام والبطالة غصبا، فلا بديل له عن ذلك". فاطمة ربة بيت مكوّن من 8 أفراد يسكنون بغرفة مساحتها صغيرة جدا،، اقول والدموع تنهمر منه عينيها: "هد البيت منو كوزينة، منو طواليط، منو بيت النعاس وكلشي... تقهرنا فهاد العذاب.. شوفو من حالنا الله يرحم الوالدين". أسرة فاطمة وغيرها من أسر التي تقطن ببراريك الدوار الجديد سئمت الانتظار والوعود الزائفة، وتطالب اليوم بالانتقال من السكن العشوائي الصفيحي إلى السكن العشوائي الإسمنتي؛ غير أنه "حتى البقع القليلة تسلم بالوجهيات وبمساحات متفاوتة، كل شيء هنا يتخبط في العشوائية، والحياة تفتقر لأبسط مقومات العيش الكريم"، يقول نبيل. *صحافية متدربة