مَازالتْ منطقة بني أنْصار التّابعة لإقليم الناظور تَسْتهوي "أطفالَ المملكة" مِمَّنْ اسْتبدَّ بهمُ حُلْمُ العبورِ إلى أوروبا حيث أصبحتْ تشكِّلُ نقطة تجمُّع عدد من "الأطفال المهاجرين"؛ فقد أعلنت مصادر حقوقية أن "السلطات الأمنية أوْقفتْ مطلع الأسبوع حوالي 100 طفل قاصر كانوا يحاولون العبور إلى مليلية في محطات زمنية مختلفة". ويعيشُ هؤلاء الأطفال وضعاً صعباً داخل أزقة المدينة الواقعة شمال المغرب؛ إذ تعترضهم مشاكل في المبيت والأكل والاعتداءات الجنسية، وأغلبهم يتعرضون لمضايقات من طرف عصابات منظمة تستغلُّهم لربح الأموال والمتاجرة في معاناتهم. وأظهر شريط فيديو جرى تصويره داخل مليلية طفلين في سنّ المراهقة أكدا أنهما وصلا إلى الثغر عبر "مجاري المياه" الرّابطة بينها وبين مدينة بني أنصار. وتعتبر الفترة الحالية من السنة من أفضل الفترات التي تساعد المرشحين للهجرة السرية على عبور البحر، سواء من ناحية الأجواء المناخية وهدوء البحر، أو من ناحية انشغال أطقم مراقبة الحدود بعملية استقبال المهاجرين العائدين إلى أسرهم لقضاء عطلة الصيف. وذكرت مصادر حقوقية أن "السلطات الأمنية عملت على عسكرة الموانئ في سبتة ومليلة لمنع عبور القاصرين المغاربة، وهذا ما يجعلهم عرضة للخطر"، وقالت: "بعيداً عن تثبيط هؤلاء الأطفال، فإنهم يواجهون مخاطر أكبر في ركوب شاحنات الموت لبلوغ شبه الجزيرة الإيبيرية"، مضيفة أنه "خلال سنة 2017 فقد أكثر من 520 شخصًا حياتهم في البحر المتوسط، 140 منهم حاولوا الوصول إلى إسبانيا". وفي هذا السياق، سجل عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، أن "ضبط هذا الكمّ الهائل من الأطفال دفعة واحدة وفي نقطة واحدة، وهي ببني أنصار، يعني أن هؤلاء الأطفال أصبحوا ينسقون في ما بينهم بشكل كبير، ومن شبه المؤكد أنهم من مناطق مختلفة، مما قد يحتمل وجود شبكة تهجير سرية تنشط في العديد من مدن المغرب، وتستقطب أعدادا هائلة". ولم يستبعد الفاعل الحقوقي تعرض هؤلاء الأطفال لانتهاكات خطيرة، ربما قد تصل حد الاغتصاب، "لكن لا أحد يستطيع حمايتهم أو الدفاع عنهم، خاصة وأن تجمعاتهم تكون في مناطق بعيدة عن الأعين، كما أن المآسي التي يتعرضون إليها في عرض البحر لا تصل كلها إلى الرأي العام"، مضيفا: "نحن أمام معضلة حقيقية، ضحيتها أطفال استبد بهم حلم الهروب إلى أوروبا". ويرفضُ الحقوقي ذاته التعامل الأمني مع هذه الحالات الشاذة، معتبرا أن "الحملات الأمنية لوحدها تبقى غير كفيلة بالتصدي للظاهرة، خاصة على المدى البعيد؛ إذ لن يكون لهذه الحملات الأمنية أي أثر على الإطلاق، فنحن أمام نزعة سوسيو-سيكولوجية تتربص بالأجيال الصاعدة تربصا ليس له نظير، نتيجة عوامل متشابكة، بين انسداد الأفق، وارتفاع منسوب الإدراك والفهم لدى هؤلاء الفتية". وتابع الخضري قائلا: "هؤلاء تجدهم يتحسرون وتصيبهم الغيرة والحنق حين ينظرون إلى أبناء الجاليات المغربية العائدين من الخارج، وكيف أن الرفاه الاجتماعي يظهر على محياهم وعلى نمط عيشهم، مما يجعل الحياة في الوطن الأم في نظرهم سوداوية وغير قابلة للتحمل في ظل الشعور بالإحباط المزمن مما يقدمه وطنهم". وختم المتحدث تصريحه بمطالبة الدولة المغربية ب "الاعتراف بظاهرة هجرة الأطفال أو القاصرين ودراستها من كافة الجوانب النفسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والبحث عن حلول حقوقية ناجعة من أجل حماية الأطفال المغاربة من مخاطر الهجرة السرية".