لا يزال الانقسامُ هو العنوان الأبرز في تعامُلِ الأوروبيين مع أزمة اللاجئين، الذين باتوا يشكلون عبئاً كبيراً على الحكومات الأوروبية. ففي الوقت الذي تشْهدُ سواحل المتوسط موجة نزوح غير مسبوقة للمهاجرين غير الشرعيين، الذين يرغبون في الوصول إلى الجنوب الأوروبي، تأملُ الأطراف الأوروبية أن تتَّجه دول شمال إفريقيا، خاصة المغرب وتونس، إلى التعاون والتنسيق معها، من خلال تشييد ملاجئ آمنة لهؤلاء المهاجرين. وتبحثُ أوروبا عن وسائل جديدة لثني المهاجرين غير الشرعيين عن بلوغ القارة العجوز، إذ لم تُفلح التشريعات الجديدة، التي تبناها الاتحاد الأوروبي، في ثني آلاف المهاجرين عن ركوب المغامرة للوصول إلى أوروبا، وهو ما حذا بالمجلس الأوروبي إلى دعوة دول شمال إفريقيا إلى التعاون ومد اليد من أجل تجاوز واحدة من أشدّ الأزمات التي تشهدها دول أوروبا، دون أن يخفي امتعاضهُ من "رفضِ المغرب وتونس إقامة محطات إنزال ورقابة للمهاجرين الأفارقة المتدفقين على أوروبا". وكانت صحيفة "غارديان" البريطانية قد نقلت أنّ المجلس الأوروبي يدعم بقوة فكرة نصب ملاجئ خاصة بالمهاجرين الذين يستقرون في شمال إفريقيا، مضيفة في قصاصة لها أن "هذا الإجراء من شأنه أن يحدَّ من تحرك المهاجرين الذين باتوا يصلون إلى أوروبا بالآلاف، كما سيوفر لهم الحماية الضرورية، خاصة بالنسبة إلى الأطفال والنساء". ووفقاً لمنظمة الهجرة الدولية، فإن عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى أوروبا عبر البحر المتوسط قد انخفض إلى النصف في الأشهر الستة الأولى من هذه السنة. وتعتبر إسبانيا الأكثر تضرراً في المنطقة الأوروبية، وهو ما يدفعُ دول الاتحاد إلى الضغط على دول شمال إفريقيا من أجل تشكيل منصات آمنة في عدد من الموانئ الإفريقية المطلة على أوروبا. ويقترحُ الاتحاد الأوروبي إقامة ملاجئ للمهاجرين الأفارقة في عدد من موانئ شمال وغرب إفريقيا لتوقيف تدفق المهاجرين على دول مثل اليونان وإسبانيا وإيطاليا، والعمل على إعادة المهاجرين نحو بلدانهم الأصلية في القارة الإفريقية. وسبق للمغرب أن رفض بشكلٍ واضح وقطعي إقامة مراكز لإيواء المهاجرين الأفارقة كبديل للفكرة التي كانت إيطاليا قد اقترحتها، والمتمثلة في توزيع المهاجرين الذين يصلون إلى السواحل الأوروبية على الدول الأوروبية. وقال وزير الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، إن "مقترح الأوروبيين بتوفير ملاجئ للمهاجرين في المغرب يبقى حلاً سهلاً، وله نتائج عكسية". وكانت إسبانيا قد دعت الاتحاد الأوروبي إلى التفكير في عقد اتفاق مع المغرب على شاكلة الاتفاق الأوروبي التركي حول الهجرة. وأوضح وزير الأمن الإسباني أن هذا الاتفاق "أثمر تراجعا في عدد الوافدين على اليونان بنسبة 77 بالمائة خلال العام الماضي". وأشاد بما يقوم به المغرب بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية. وقال المسؤول الإسباني إن "المغرب يعمل منذ فترة طويلة بإخلاص دون أن يتلقى أي شيء في المقابل، وهو يطلب المساعدة لأنه لا يتوفر على الإمكانيات الاقتصادية الكافية للحصول على الوسائل الفنية المتقدمة، حتى يتمكن من السيطرة على الهجرة غير الشرعية بشكل أكثر كفاءة".