يبدو أن مُقْترَح الأوروبيين بتوفير ملاجئ "آمنة" للمهاجرين السريين في بعض بلدان شمال إفريقيا، من بينها المغرب وتونس، لن يَجِدَ الطريق الأمْثَلْ نحو التنزيل، خاصةً مع إعلان المملكة بشكل رسمي رفْضها تشييد أي "مساكن" آمنة للمهاجرين المُنحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء الراغبين في الوصول إلى الضفة الأخرى، الذين يُفَضِّلُون الاستقرار في التراب المغربي آملاً في بلوغ الحلم الأوروبي. وفي هذا السياق، وخلال لقائه بالرباط بنظيره الإسباني، جوزيف بوريل، عبّر وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، عن رفض المملكة لأي إجراء من هذا القبيل. وبحسب ما نقلته وكالة "إيفي"، فإن "الرباط ترفضُ بشكل قطعي إقامة مراكز لإيواء المهاجرين الأفارقة كبديل للفكرة التي كانت إيطاليا قد اقترحتها، المتمثلة في توزيع المهاجرين الذين يصلون إلى السواحل الأوروبية على الدول الأوروبية". وقال الوزير المغربي إن "مقترح الأوروبيين بتوفير ملاجئ للمهاجرين في المغرب يبقى حلاً سهلاً، وله نتائج عكسية". وكانت صحيفة "غارديان" البريطانية قد نَقلتْ أنّ المجلس الأوروبي يدْعمُ بقوة فكرة تنْصيب ملاجئ خاصة بالمهاجرين الذين يستقرون في شمال إفريقيا، موردةً في قصاصة لها أن "هذا الإجراء من شأنه أن يحدَّ من تحرك المهاجرين الذين باتوا يصلون إلى أوروبا بالآلاف، كما سيوفر لهم الحماية الضرورية، خاصة بالنسبة للأطفال والنساء". ورغم محدودية الإمكانيات، ظلَّ المغرب حاضراً بقوة في تدبير ملف الهجرة السرية وتدفقات المهاجرين الأفارقة، ولم يفلح في الحد من هذه المعضلة العابرة للقارات؛ إذ تزايد عدد الوافدين من جنوب الصحراء إلى المملكة، وباتَ يشكِّلُ تدفق أفواج المُهاجرين غير الشرعيين الرّاغبين في العبور إلى الضفة الأخرى هاجساً حقيقياً للأوروبيين. رفض المغرب لمبادرة الأوروبيين كان متوقعاً، بحسب رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، الذي برر ذلك بكون "المغرب دولة لها سيادة ولا يمكنه القبول بمبادرة خارجية قد تنطوي على المس بسيادته، خاصة وأن تشييد ملاجئ آمنة لحماية المهاجرين قد يعني من الناحية الواقعية والعملية توطين مواطني دول أخرى بالمملكة، كما أن تدفق المهاجرين عملية مستمرة لا تتوقف". و"إذا كان المغرب قد اعتمد سياسة جديدة بشأن الهجرة واللجوء، فلأن ذلك يرجع إلى البعد الإنساني، وإلى خيار مراعاة حقوق المهاجرين المتواجدين بالمغرب لتسوية وضعيتهم، وليس لجعل أبواب المغرب مشرعة في وجه تدفقات متتالية لن يستطيع وضعه السوسيو-اقتصادي تحملها على المدى البعيد" يقول الحقوقي المغربي. وأورد الناشط الحقوقي ذاته أن "القرار المغربي بخصوص رفض المبادرة الأوروبية قرار سليم وموضوعي ومسؤول، ويروم مصلحة البلاد بالدرجة الأولى، مراعيا في ذلك المزاج العام السائد، ومستحضرا التحديات التي استحدثتها تجربة السياسة الجديدة للهجرة واللجوء". وطالب رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان الأوروبيين بأن "يحلوا مشاكلهم بأنفسهم، بدل تصديرها إلى دول جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط التي بالكاد تعالج قضاياها والمشاكل الجمة التي تتخبط فيها".