لا بديلَ أمام المغرب إلا تشييد ملاجئ "آمنة"، يستقرُّ فيها المهاجرون المتدفقون على أوروبا من سواحل المملكة؛ ذلك ما تطمحُ إليه عواصمُ الاتحاد الأوربي، لكنَّ المغرب يرفضُ إجراءً من هذا القبيل، فهو "غير مستعد للسماح لجزء من ترابه أن يتحوَّل إلى ملجأ يُقيمُ فيه المهاجرون الأفارقة لتحديد ما إذا كان مسموحاً لهم بالدخول إلى أوربا من عدمه"، حسب وزير الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة. وأورد المسؤول الحكومي المغربي، في ردّه على سؤال للصحافة الألمانية حول ما إذا كانت الرباط مستعدة لتشييد مراكز إيواء، بأن "المغرب غير مستعد لتقديم أي جزء من أراضيه كمنطقة احتجاز للمهاجرين، لأنه بوجه عامٍ ضد كل أشكال هذه المراكز"، مضيفاً في حديثه لصحيفة "دي فيت" الصادرة اليوم أن الأمر يتعلق ب"جزء أساسي من سياستنا للهجرة وموقف سيادي وطني". وتراهنُ المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، على مساعدة دول شمال إفريقيا لوقف موجة المهاجرين التي لم تنفع معها تشريعات الاتحاد الأوربي المعتمدة، وهو ما دفعها إلى "التفكير في إبرام اتفاق مع شركائها في الاتحاد الأوروبي، يعتمد على استضافة دول أخرى المهاجرين الذين ترفضهم ألمانيا إلى حين النظر في طلبات اللجوء الخاصة بهم". ويعدُّ المغرب من بين الدول المرشحة للعب هذا الدور، خاصة مع تزايد عدد المهاجرين الوافدين من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وارتفاع عدد الوفيات في صفوفهم. لكنّ بوريطة يرفضُ مقترح تشييد هذه المراكز التي "تأتي بنتائج عكسية"، وفق تعبيره، مورداً: "العروض المالية التي تقترحها بروكسيل لن تغير رأينا في الموضوع". وزاد وزير الخارجية المغربي: "من السهل للغاية القول إن هذه فرصة للمغرب"، في إشارة منه إلى الدعم الذي رصدته بروكسيل للمغرب في إطار الحد من تدفق المهاجرين. وتأتي تصريحات بوريطة في وقت لم تبد أي من بلدان شمال إفريقيا الأخرى التي تلقت هي الأخرى المقترح الأوروبي نفسه اهتمامًا أيضًا، بما فيها تونس والجزائر، إذ ترفض الجارة الشرقية بالمرة تشييد هذه الملاجئ، بل إنها تعتمد على مقاربة أمنية توصف ب"الضيقة" بعد قرارها طرد مهاجرين من ترابها. وبالنسبة للوزير المغربي فإن الاتحاد الأوروبي يجعل من مشكل الهجرة أكبر مما هو عليه في الواقع، ويتابعُ: "تشمل الهجرة 3٪ من السكان، 80٪ منهم قانونيون"، كما يقول: "لذلك نحن نتحدث عن 20 ٪ من تلك 3 ٪"؛ ووفقه فإن السياق السياسي الأوروبي "يضخم المشكلة". في الوقت نفسه ينتقد بوريطة الاتحاد الأوروبي بسبب موقفه "الغامض" تجاه المغرب، متسائلا: "هل نحن شريك حقيقي أم مجرد جار يمثل منبعاً للخوف والتوجس؟"، ومضيفاً أن "المغرب يلعب دوراً هاماً في قضايا الهجرة واللجوء، وسيكون من غير المناسب أن تطلب من البلد المساعدة في مكافحة الإرهاب، بينما تعامله كمجرد "شيء""، وفق تعبير وزير الخارجية المغربي.