أكد ناصر بوريطة وزير الخارجية والتعاون الدولي، أمس الأربعاء بمدينة مراكش، على أهمية الحوار الإفريقي الأوروبي حول الهجرة والتنمية الذي انطلق بمدينة الرباط سنة 2006 ، مبرزا أن ظاهرة الهجرة تحتاج إلى تفعيل شراكة إستراتيجية جديدة، لأنها مسألة دولية ولديها عواقب وخيمة وتداعياتها لا تقتصر على دول دون أخرى. وأضاف بوريطة في كلمة ألقاها خلال افتتاح المؤتمر الوزاري الخامس للحوار الأورو-إفريقي حول الهجرة والتنمية، المنظم تحت الرئاسة المشتركة للمغرب وبلجيكا، أن من بين 258 مليون مهاجر في العالم، 36 مليونا هم أفارقة، وأن أقل من 12 في المائة من إجمالي تدفقات الهجرة إلى أوروبا من إفريقيا. وأوضح بوريطة أن النسخة الخامسة من هذا المؤتمر تنعقد في ظرفية مختلفة، لأن مسألة الهجرة أخدت أبعادا جديدة ولم تعد مسألة مطروحة بحدة على المستويين الإقليمي والدولي، وفي الوقت الذي تجري الاستعدادات لاحتضان المغرب لمؤتمر الأممالمتحدة حول الهجرة خلال شهر دجنبر المقبل المقبل. وأكد بوريطة أن المغرب أصبح يعتمد على دبلوماسية حول الهجرة تطورت بفعل رؤية جلالة الملك محمد السادس وبفضل السياسة الوطنية للهجرة. وأوضح بوريطة في هذا السياق، أن توجهات جلالة الملك في أي موضوع، تقتضي خلق انسجام بين سياسة وطنية وتوجه خارجي، مشيرا إلى أن المغرب يتوفر اليوم على سياسة وطنية حول الهجرة من خلال تسجيل المهاجرين المقيمين فوق التراب المغربي عبر حملتين، وخلق إطار لاندماج المهاجرين المسجلين في المغرب، ومحاربة الهجرة السرية، وشبكات الاتجار بالبشر. وأضاف بوريطة أنه على المستوى الدولي، كانت لجلالة الملك خلال الرؤية نفسها، الريادة على مستوى الاتحاد الإفريقي في مجال الهجرة، حيث قدم تصورا لإفريقيا حول هذا الموضوع. وأشار بوريطة إلى أن كل ذلك يدل على أن هناك اعترافا بوجاهة السياسات الوطنية حول الهجرة، وكذلك الاعتراف بمصداقية العمل الذي يقوم به المغرب، ورؤية جلالة الملك على المستوى الخارجي بخصوص هذه القضية التي أصبحت مهيكلة للعلاقات الدولية، وتقديرا لدور المغرب الرائد وجهود تدبير الهجرة التي اعترف بها أخيرا، في القمة التاسعة والعشرين للاتحاد الإفريقي. ودعا بوريطة الدول الأوروبية والإفريقية إلى حوار هادئ ورصين حول الهجرة، باعتبارها الطريقة الوحيدة لدعم معايير التنقل الجديدة للمهاجرين، حتى يصبحون فاعلين مركزيين في الفضاء الأوروبي المركزي. وخلص بوريطة إلى أن "مسلسل الرباط" حول الهجرة والتنمية يحتاج إلى وضع سياسة جديدة في إطار المنتدى الدولي للهجرة والتنمية، مبرزا أن التضامن بين الدول الافريقية في هذا الإطار مبني على التعاون والإحساس بالمسؤولية، ويقتضي تفعيل شراكة قوية بينهم. من جانبه، أكد ديدي راندير وزير الخارجية البلجيكي، أن النسخة الخامسة من هذا المؤتمر تهدف إلى وضع "مسلسل الرباط" ضمن الإطار العالمي للهجرة، وتعزيز دوره في مراقبة تنفيذ خطة عمل "لافاليتا" المشتركة وضمان احترام الالتزامات التي تم اتخاذها من قبل شركاء "مسلسل الرباط" في قمة "لافاليتا" حول الهجرة في نوفمبر 2015 ، زيادة على التزامهم بمبادئ التضامن، الشراكة والمسؤولية المتقاسمة في التدبير المشترك لقضايا الهجرة في احترام تام لحقوق الإنسان. وأوضح الوزير البلجيكي أن خطة عمل مراكشالجديدة خلال الفترة الممتدة ما بين 2018 و 2020 ، ستشكل فرصة للدول الاوروبية والافريقية لتحسين التعامل مع ظاهرة الهجرة، وتبادل المعطيات والخبرات والتجارب للحد من هذه الظاهرة. وأشاد انجلي بونغو وزير الخارجية ببوركينافاصو، بالتزام المملكة المغربية بموضوع الهجرة، مؤكدا أن قضية الهجرة تقتضي تكتيف التعاون الدولي للحد منها، لأنها قضية كونية تؤثر على التنمية. ويؤكد انعقاد هذا الاجتماع الانخراط الإقليمي للمغرب في مجال الهجرة والتنمية، وفقا للتوجيهات الملكية السامية المتعلقة بالسياسة الوطنية للهجرة، التي تعتبر أنه يجب مقاربة إشكالية الهجرة بشكل شامل وإنساني وفي ظل احترام القانون الدولي وفي إطار تعاون متعدد الأطراف ومتجدد. وشكل "مسلسل الرباط"، الذي رأى النور في عاصمة المملكة التي احتضنت في يوليوز 2006 ، أول مؤتمر أورو-إفريقي حول الهجرة والتنمية، مبادرة طويلة الأمد، خلقت مستوى فريدا من التوافق والرؤية المشتركة للتدبير المتناغم والكفء لتدفقات الهجرة على طول مسارات الهجرة التي تربط وسط وغرب وشمال أفريقيا بأوروبا. وتم تنفيذ إجراءات ملموسة بدعم مالي من الاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير النظامية، وتهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، وتعزيز فرص الهجرة القانونية وتعزيز القدرات الإدارية واللوجستية، فضلا عن النظم القضائية والأمنية في البلدان الشريكة. يشار إلى أن "مسلسل الرباط"، الذي يروم خلق إطار للحوار والتشاور يتم في إطاره تنفيذ مبادرات ملموسة وعملية، هو مسلسل حكومي دولي، يضم 58 بلدا شريكا، والمفوضية الأوروبية ولجنة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، ترتكز شراكتهم على مجموعة من المبادئ، التي تعكس رغبة مشتركة في معالجة قضايا الهجرة بطريقة مرنة ومتوازنة، في إطار روح المسؤولية المشتركة. وكانت أشغال المؤتمر الوزاري للحوار الأورو -إفريقي حول الهجرة والتنمية انطلقت أمس الأربعاء بمراكش، بمشاركة وزراء الخارجية والداخلية لحوالي 60 بلدا. ويعرف هذا المؤتمر، المعروف أيضا ب"مسلسل الرباط"، مشاركة ممثلي منظماتأممية ودبلوماسيين دوليين، إلى جانب شركاء الحوار الأورو -إفريقي حول الهجرة والتنمية. وستتوج أشغال هذا المؤتمر، الذي سبقه أول أمس الثلاثاء، اجتماع على مستوى الموظفين رفيعي المستوى، بتبني إعلان مراكش ومخطط عمل مراكش.