مرةً أخرى، تأبى موجة الحرائق إلا أن تجعل من صيف ساكنة الجنوب استثنائياًبكل المقاييس؛ فقد تعرّضت مناطق واسعة من جماعة تمنارت التابعة لإقليم طاطا لأضرارٍ بليغة، خاصة على مستوى دوارَيّ "تلمازيغ" و"أكرض"، اللذين شَهِدا حريقاً مُهْولا، مطلع الأسبوع، التهمتْ نيرانُه حوالي 60 ألف نخلة موزعة على الواحتين. وبحسب مصادر حقوقية عاينت الواقعة، التي خلفت حالة من الذعر والخوف وسط ساكنة إقليم طاطا، فإن "الحريق بدأ في التهام الواحات حوالي الساعة الثالثة صباحا من يوم الاثنين الماضي، حيث لُوحظَ تصاعد دخان كثيف وصعود لهيب النيران بواحة تلمازيغ البعيدة عن مركز جماعة تمنارت بحوالي كيلومترين تقريبا". وأشارت المصادر ذاتها إلى أن "الحرائق انتقلت بعد ذلك إلى واحة أكرض التي لم تسلم بدورها رغم قدوم سيارات الوقاية المدنية ومعها طائرات حربية لإخماد النيران؛ إذ تعرضت أزيد من 7000 نخلة للتلف، فيما أسباب الحريق مازالت مجهولةً". وأضافت أن "سرعة انتشار النيران والرياح القوية، إضافة إلى ضعف التجهيزات المستعملة للإطفاء، ووعرة المسالك، وغياب مسارات الولوج إلى الواحة، عوامل ساهمت في توسع نطاق الحريق الذي وصل إلى الحقول المجاورة"، موردة أن "هذه الحرائق نتجت عنها إغماءات واختناق 9 أشخاص، كما تعرضت ثلاثة منازل مجاورة للحقول للضرر، دون خسائر في الأرواح البشرية". وتشهدُ منطقة تمنارت، التابعة إداريا لعمالة طاطا ضمن التقسيم الجديد لجهة سوس ماسة، في السنوات الأخيرة، حرائق متكررة. وقال مبارك اوتشرفت، رئيس منتدى أفوس للديمقراطية وحقوق الإنسان بإقليم طاطا، إن "الظاهرة صارت موسمية وبشكل منتظم، خاصة وأن الأمر يتعلق بواحدة من أكبر الواحات بالمنطقة وتعتبر المورد الوحيد لعيش الساكنة، كما أنها تحتضن إرثاً ثقافياً وحضارياً". وفي هذا الصدد، أوضح الفاعل الحقوقي ذاته، في تصريح لهسبريس، أن "النيران أتت على أعداد كبيرة جدا من أشجار النخيل، إضافة إلى بعض المنازل السكنية القريبة، ويصعب حاليا تقييم الأضرار وحجم مساحات الحرائق التي تنتشر بسرعة بسبب الرياح"، وفق تعبيره. وأبرز المتحدث أن "الواحات أصبحت أرضاً جرداء بسبب الحرائق الكثيفة التي انتشرت على مدار يومين"، مورداً أن "هناك محاصيل من العنب والرمان تعرضت بدورها للإتلاف، بالإضافة إلى واحات النخيل". وأورد رئيس منتدى أفوس للديمقراطية وحقوق الإنسان بإقليم طاطا أن "منطقة تمنارت منكوبة وهي في حاجة إلى دعم الدولة والتفاتة حكومية عاجلة لإنقاذ الموقف، والتعبير عن التضامن الوطني مع المنطقة التي تفتقر إلى أبسط الشروط، بينها عدم وجود طبيب بالجماعة التي تقدر ساكنتها بحوالي 7000 نسمة، وتحتوي على 16 دوارا". ودعا أوتشرفت إلى ضرورة إيجاد حلول عملية فعالة بعيدا عن المقاربة الموسمية والظرفية من طرف المصالح المختصة والجهات المعنية، وتطمين الساكنة والفلاحين بدواوير تمنارت المتضررة"، راجياً من الدولة "تعويض المتضررين من الفلاحين، والعمل على خلق أوراش فلاحية لإنعاش فلاحة تمنارت، وإقامة مشاريع كبرى بالواحة لتشجيع الاستقرار وامتصاص البطالة ".