اختبار الرياضيات علوم تجريبية 2018 نموذجا مقدمة عند تحليلنا لاختبار مادة الرياضيات في البكالوريا علوم تجريبية لهذه السنة (2018) في المقال السابق المنشور في جريدة هسبريس الإلكترونية بتاريخ (الأربعاء 13 يونيو 2018 - 10:06)، تعرضنا لتحليل مضمون كل تمرين على حدة، وتحدثنا عن أهمية وأبعاد وامتدادات الأسئلة والتمارين إلخ... أما بالنسبة لسهولة أو صعوبة الأسئلة فقد أكدنا في المقال السابق أن معظم الأسئلة كانت عادية وفي متناول التلميذ، وقلنا إن التمارين كانت مرتبة بشكل تدريجي من الأسهل إلى الأقل سهولة وليس الأصعب أو المستحيل... إلا أن ما يمكن أن يشكل جديدا في اختبار هذه السنة هو تَعَمُّد أن لا تكون جميع الأسئلة على شكل هبة cadeau أي هناك أسئلة تتطلب مجهودا وتفكيرا مع الكف عن تقديم النتيجة المنتظرة في عدد مهم من الأسئلة... لكن دون أن يكون لذلك تأثير على الأسئلة الموالية. لمواجهة الاختبار يجب أن تكون لديك خطة: إذا كان العامل المشترك لاختبارات البكالوريا السابقة في مادة الرياضيات هو بعث رسائل تلو أخرى إلى جميع الفاعلين التربويين من أجل الدفع في اتجاه تطوير تدريس مادة الرياضيات والاهتمام بكل التفاصيل والتأويلات الممكنة للمفاهيم الرياضية وتوظيفها بطرق ذكية لحل مسائل رياضية هادفة تجعل التلميذ يعيش متعة اللعب بالذكاء والتحدي لحل هذه المسائل واكتساب مهارات يمكن أن تكون سندا له في المستقبل لمواجهة القضايا والمشكلات التي تطرح في العمل المستقبلي لهذا التلميذ وفي الحياة التي يعيشها بشكل عام... إذا كان الحال هكذا بالنسبة لاختبارات مادة الرياضيات منذ هبوب رياح التغيير سنة 2015 فإن رسائل هذه السنة ارتقت في مضمونها وانتقلت من تطوير المفاهيم الرياضية إلى تطوير إستراتيجيات العمل لدى التلميذ والأستاذ وكأن الرسالة تقول: "لمواجهة اختبار الرياضيات لا يكفي أن يكون التلميذ متمكنا من المفاهيم والرياضية وتوظيفها من أجل حل بعض المسائل الرياضية المتعلقة بهذه المفاهيم، بل يجب عليه أن يكون قادرا على وضع إستراتيجية من أجل الحصول على أكبر قدر من النقط دون إهدار للوقت"... وهي كذلك رسالة إلى الأستاذ ليضع هذا المطلب ضمن أولوياته من أجل تدريب تلاميذه على مواجهة اختبارات الرياضيات بنجاح وتفوق. تصنيف التلاميذ حسب طبيعة أوراق التحرير: انطلاقا من الإفادات التي تلقيناها من عدد من السادة الأساتذة الذين قاموا بعملية التصحيح أو السادة المفتشين الذين واكبوا هذه العملية بعدد من المدن المغربية يمكن تصنيف التلاميذ حسب أوراق التحرير المصححة كما يلي: الصنف الأول: ويتكون من أوراق تحرير إما شبه فارغة أو مكتوبة لكنها غير منظمة، يسودها التخديش والعشوائية، مضمونها شبه سطحي ومتناقض في أغلب الأحيان، إضافة إلى غياب أي صياغة منطقية للأجوبة هذه الأوراق تعبر عن تلاميذ غير مهتمين وغير مبالين بدراستهم ومستقبلهم.. هم موجودون في أقسامنا، والكل يعرفهم ويعاني من كسلهم وسلوكياتهم، لا يحملون هما للحاضر أو للمستقبل، يعانون من سوء التربية، تربوا على "الفشوش" الخاوي، غالبيتهم من أبناء الطبقة المتوسطة (بورطابل واعر ومولاي مكلخ) . والجدير بالذكر أن هذا النوع من الأوراق يهم بالخصوص البكالوريا العادية باللغة العربية، سواء بالنسبة للمترشحين الرسميين أو الأحرار، ويقل عددهم بكثير عندما يتعلق الأمر بالبكالوريا الدولية خيار فرنسية. الصنف الثاني: هي أوراق تحرير نسبيا منظمة، وتحتوي على صياغة للأجوبة وكل ما يتطلب الأمر، إلا أن أصحابها لم يكن بمقدورهم الحصول على نقط عالية بحيث إن هذه النقط تدور حول المعدل بين 8 و12 نقطة على عشرين. الصنف الثالث: هي أوراق تحرير تحترم معايير الجودة، واستطاعت الحصول على نقط غالبيتها فوق 14 على 20. دور الإعداد الجيد وتبني إستراتيجية المواجهة على نتائج التلاميذ: انطلاقا من الملاحظات سالفة الذكر، يمكن تصنيف التلاميذ المترشحين للبكالوريا الى ثلاثة أصناف: الصنف الأول يتكون من التلاميذ الذين لا يبذلون أي مجهود يذكر، ويتقدمون لاجتياز اختبارات البكالوريا بدون استعداد حقيقي ودون إستراتيجية، ويكون مستواهم في الغالب ضعيفا حتى قبل وصولهم إلى مستوى البكالوريا، معظمهم يعول على الحظ والغش والدعوات الصالحة. الصنف الثاني هم التلاميذ المتوسطون الذين يعملون بشكل عادي، ولا يكلفون أنفسهم الكثير من الجهد.. وبالرغم من استعانة معظم هؤلاء بالدروس الإضافية التي تنجز في الغالب بضغط من الآباء؛ فإن الأبناء لا يستفيدون منها لسبب بسيط هو أنهم لا يبذلون الجهد المطلوب للتمكن من ذلك، فالأستاذ الذي ينجز الدروس الاضافية هو الذي يقترح التمارين وهو الذي ينجزها وهو الذي يصححها وكأنه يُدَرِّس نفسه. أما الصنف الثالث، فهم التلاميذ المجدون. ماذا حدث، إذن، بخصوص اختبار الرياضيات لهذه السنة؟ في المقال المشار إليه أعلاه، سبق أن وصفنا اختبار الرياضيات في البكالوريا لهذه السنة، الدورة الأولى، بالسهل الممتنع؛ لأنه يطرح أسئلة عادية إلا أنها تتطلب مجهودا وتفكيرا واستراتيجية للعمل. ومنه فإن هذا الاختبار قطع نسبيا مع الحظ والأفكار الجاهزة والنمطية القاتلة، وهذه أهم الملاحظات التي يمكن أن نقدمها في شأن هذا الاختبار: أولا: تقليص هامش المناورة بالنسبة لنوعية التلاميذ الذين يعولون على الغش بالاعتماد على التلاميذ الآخرين، حيث إن هؤلاء الآخرين لن يتمكنوا من تقديم أي "مساعدة"؛ لأن الاختبار ليس بتلك السهولة المعتادة ولا تمكن التلميذ، ولو كان مجتهدا، من الانتهاء مبكرا والتفرغ لتوزيع الصدقات على الكسالى.. أضف إلى ذلك تجند الكل لمحاربة الغش، والنتيجة أن مجتمع الكسالى حصل على ما يستحقه من النقط الضعيفة أو الرديئة.. ثانيا: بالنسبة لنوعية التلاميذ الذين يتمتعون بطاقة ودوافع قوية للعمل والجد والاجتهاد ويتمتعون برؤية مستقبلية يطبعها الطموح والرغبة في تحقيق الذات فيمكن تقسيم هذا النوع من التلاميذ إلى فئتين بخصوص التعامل مع الاختبار بصفة عامة والتعامل مع الأسئلة ذات الطابع الخاص، حيث لاحظ الأساتذة ما يلي: الفئة الأولى تشمل أولئك التلاميذ الذين بالرغم من بذلهم لمجهودات مهمة فإنهم وظفوا إخطية في تعاملهم مع الاختبار، وهكذا وبالرغم من توفقهم معظمهم في ربح رهان أسئلة التمارين الثلاثة الأولى، لكن عند وصولهم إلى الأسئلة التي تتطلب نوعا خاصا من التفكير (خصوصا الأسئلة المتعلقة بحساب النهايات في المسألة) تعاملوا معها بنوع من العناد والإصرار ولم يفكروا في تجاوزها والمرور إلى الأسئلة الموالية... وهكذا كلما مر الوقت دون توصلهم اإى الجواب كلما ضعفت معنوياتهم وزاد نصيبهم من الضغط النفسي؛ وهو ما جعلهم يضَيِّعون الكثير من الوقت دون التَّمَكُّن من الإجابة عن العديد من الأسئلة علما أنها بسيطة. الفئة الثانية هي تلك الفئة من التلاميذ التي أتت وفي جعبتها خطة لمواجهة الاختبار وكل الطوارئ المحتملة خطة عنكبوتية وليست خطية، وتتمثل في الاطلاع منذ البداية على الاختبار، ثم إنجاز التمارين والأسئلة بشكل تصاعدي انطلاقا من الأكثر بساطة ثم التفرغ بعد ذلك للأسئلة الأكثر صعوبة وهكذا إلى أن تتم السيطرة على معظم الأسئلة والتمارين بشكل تدريجي وترك مهمة التنظيم للمنطق والعقل حتى يتغلبا على المشكلة دون انفعالات أو تعصب أو تأثيرات نفسية سلبية.. قراءة في نتائج البكالوريا للمسالك العلمية للدورة الاعتيادية لسنة 2018 : بلغ عدد المرشحين بالمسالك العلمية هذه السنة 187 ألفا و138 مرشحا، وكانت نسبة النجاح 57,36%؛ وهي نسبة مرتفعة نسبيا بالمقارنة مع السنة الماضية والتي وصلت إلى 52,78%. أما بخصوص المسالك الدولية فقد خلقت المفاجأة للسنة الثانية على التوالي، حيث بلغت نسبة النجاح السنة الماضية إلى 97,09% وهذه السنة إلى 96%، وأعلى معدل لهذه السنة هو 19,44 حقّقه التلميذ نايت علي ناصر بمجموعة مدارس la Fontaine الخصوصية بمدينة مراكش. *مفتش ممتاز لمادة الرياضيات سابقا