الآن، وبعد أن لعب كل منتخب مباراته الأولى، حان وقت التقييم الأول لهذه النسخة من كأس العالم. ومن البداية، يمكنني أن أقول بوضوح: كأس العالم هذه ممتعة فعلا. كرة القدم منضبطة وعادلة، لا توجد أخطاء تثير الاشمئزاز. وحتى الآن، يعمل نظام حكم الفيديو (فار) بشكل جيد، بالرغم من أنني كنت سأحكم بالقرار العكسي في مشهدين أو ثلاثة مشاهد. ولكن، حتى الآن، يؤدي نظام (فار) مهمته بشكل رائع. إنها بطولة تشهد مستويات جيدة. وهذا أيضا لأننا نرى المنتخبات التي تدعى بالفرق الصغيرة تقدم مفاجآت جيدة. لن أقول إن أحد المنتخبات الصغيرة سيتوج بلقب كأس العالم في هذه النسخة؛ ولكن يمكن الاعتماد على هذه المنتخبات لمواصلة تقديم مفاجآتها أمام المنتخبات المرشحة للقب. هذا يدل على أن كرة القدم الدولية تتقارب بشكل هائل مع بعضها البعض، وأن الحركة الرياضية في تزايد. إضافة لهذا، يتحسن تنظيم الفريق الصغيرة بشكل متزايد. ولهذا، يواجه بعض المرشحين المشاكل. ما أعجبني بشكل خاص هو وجود كرة قدم سريعة الإيقاع حتى من هذه الفرق التي لم نتوقع هذا منها. هذا يعني التحول السريع من الدفاع إلى الهجوم وهي طريقة الأداء التي عانى المنتخب الألماني حامل اللقب العالمي في مواجهتها خلال مباراته مع المكسيك. توقعت هذا من المكسيك، ولكن فرقا أخرى تثق في هذا الأسلوب. وحتى المنتخب البنمي لجأ إلى تجربته أمام بلجيكا. كأس العالم هذه أظهرت أيضا مدى أهمية الضربات الثابتة في كرة القدم. يجب ممارستها بشكل أكبر. الضربات الثابتة يمكنها أن تفيد الفرق الكبيرة بشكل خاص ومساعدتها في الارتقاء إلى مستوى الترشيحات. عندما يلجأ فريق إلى الدفاع بعمق داخل منطقة الجزاء، لا يمكن صناعة فرص تهديف عديدة. الضربات الثابتة سلاح يمكنه حسم مباريات. فكروا فقط فيما فعله هاري كين في المباراة أمام المنتخب التونسي أو ما فعله البرتغالي كريستيانو رونالدو أمام إسبانيا. يبدو هذا كتوجه بازغ. ولنتحدث عن رونالدو: بالنسبة إلي، أرى أن البطولة بدأت بشكل جيد من خلال مباراة إسبانيا والبرتغال. بالرغم من اهتزاز شباكه ثلاث مرات، كان المنتخب الإسباني هو الأكثر إقناعا من بين جميع المنتخبات المرشحة. لم يكن دفاع الفريق بالسوء الذي كان متوقعا. أحد الأهداف جاء من خطأ لحارس المرمى. والهدفان الآخران جاءا من ضربة جزاء وضربة حرة. وبمعنى آخر، جاءا من ضربات ثابتة. وفي الهجوم، قدّم الإسبان أعلى مستويات اللعب. وبعد الصدمة التي تلقاها الفريق بأهداف المنتخب المنافس، أظهر الفريق شخصيته. ومن بين الفرق صاحبة الأسماء الكبيرة، أثار المنتخب الإنجليزي إعجابي وسعادتي، حتى وإن لم أضعه ضمن دائرة المرشحين. ولكن أسلوب لعبهم كان مقنعا. وعندما يدور الحديث عن وحدة الفريق، فإن المنتخب الأيسلندي كان بارزا. لم أر في حياتي فريقا مثل المنتخب الأيسلندي يقدم هذا الأداء الجماعي المنضبط بخطة واضحة للغاية، ويحافظ على هذا طيلة المباراة أمام الأرجنتين. ولكن المنتخب الأرجنتيني ارتكب أخطاء أخرى أيضا. كانوا يحاولون دائما الهجوم من الوسط، كما اعتمد أداء الفريق بشكل هائل على ليونيل ميسي. هذا ليس جيدا للفريق، ولكنه ليس جيدا أيضا لميسي الذي ظل محاصرا بأربعة أو خمسة لاعبين من أيسلندا بشكل منتظم. ومثل المغناطيس، كان زملاؤه بالفريق يبحثون عنه دائما وهي خطة واضحة للغاية. والمنتخب الأرجنتيني أيضا عانى بعض المشاكل في الدفاع. ما أنجزه كريستيانو رونالدو بأهدافه الثلاثة كان رائعا ومثيرا، حتى وإن كانت نتيجة أخطاء حارس المرمى، مثلما يذكر دائما حيث جاءت من ضربة جزاء وضربة حرة. والأكثر من هذا، يمكن إدراك أنه يحظى باتصال أفضل مع زملائه من نظيره لدى ميسي. ميسي هو اللاعب الذي يبحث عنه زملائه من أجل إلقاء أو تحويل المسؤولية عليه؛ ولكنني لا أرى التماسك مع زملائه. وفي البرتغال، المسألة مختلفة تماما. رونالدو هو الشخص القيادي الذي ينظم ويوجه الآخرين. ومع الركلة الحرة التي سددها قبل نهاية المباراة، برهن رونالدو على إمكاناته الفردية الفريدة. ويتسم ميسي ورونالدو بأنهما لاعبان من طراز عالمي، ولكن لا يمكن مقارنتهما من حيث طريقة لعبهما. ميسي يزدهر في مراوغاته بالكرة كما يبدو ساحرا أكثر من رونالدو. ويفوز رونالدو من خلال قوة تصويباته. يبدو أكثر من ميسي هدوءا. بالنسبة إليّ، المنتخب الأرجنتيني من أكثر الفرق المهددة بالخروج المبكر من دور المجموعات من بين الفرق الكبيرة. يخوض البطولة ضمن مجموعة قوية تضم معه أيضا منتخبي كرواتيا ونيجيريا. وبالرغم من التعادل 1 / 1 مع سويسرا، سيعبر المنتخب البرازيلي دور المجموعات. وإذا استعاد المنتخب الألماني مستواه المعهود دائما في المباراتين المقبلتين أمام منتخبي السويد وكوريا الجنوبية، سيقترب كثيرا من بلوغ دور الستة عشر. *ينشر بالاتفاق مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)