رغم تحذيرات الوكالة الأوروبية لمراقبة وحماية الحدود من ارتفاع أعداد المهاجرين المغاربة بطرق سرية، ما زالت طريق "الفردوس الأوروبي" تَجذب العديد من "الحراكة" المغاربة الذين يأملون في الوصول إلى إيطاليا وإسبانيا أو غيرهما من بلدان القارة العجوز. ففي الوقت الذي تناسلتْ فيه محاولات الإنقاذ قبالة السواحل الاسبانية، من المرتقب أن تتحوَّل السواحل المغربية إلى "محطات" مُغرية ينطلق منها المهاجرون لبلوغ الضفة الأخرى، خاصة مع اقتراب عطلة الصيف. وتحاول السلطات الاسبانية، بمعية منظمات حقوقية دولية، صدَّ قوارب المهاجرين قبل وصولها إلى المياه الاسبانية. وقد تمكنت فرق الإنقاذ البحري، أول أمس، من إنقاذ أكثر من 230 مهاجرا خلال عمليات مختلفة قبالة سواحل جنوب البلاد، تم خلالها أيضا اعتراض ستة قوارب. وقبل أسبوع، تمكنت السلطات الإسبانية من إنقاذ 101 شخصا كانوا على متن ثلاثة قوارب بالقرب من جزيرة "البوران"، جنوب غربي البحر الأبيض المتوسط، كما أنقذت القوات البحرية قاربا صغيرا كان يقل 46 شخصا من منطقة جنوب الصحراء الإفريقية الكبرى، كانوا في طريقهم إلى شواطئ مدينة قادس الإسبانية. ويتابع الأوروبيون بقلق كبير توافد قوارب الهجرة على دول الاتحاد الأوروبي، خاصة إسبانيا وإيطاليا. وقد دعت المفوضية الأوروبية إلى الزيادة في الموازنة الأوروبية المخصصة لأزمة المهاجرين بنحو ثلاث مرات، إضافة إلى تأمين الحدود الخارجية للاتحاد. وتريد المفوضية رصد 34,9 مليار يورو لمواجهة تحديات موجات الهجرة، في الفترة من 2021 إلى 2027، تخصص أكثر من ستين في المئة من هذه الأموال (21,3 مليار يورو) لحماية الحدود. وفي هذا السياق، قال محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الانسان: "سجلنا ارتفاعا في عدد المهاجرين المغاربة منذ الأسابيع الأولى للسنة الحالية؛ وذلك نتيجة الاحتجاجات التي تعرِفها بعض المناطق بشمال المغرب وفي مدينة جرادة، وهو ما يدْفع الشباب الذي يكْتوي بنيران البطالة وانسداد الأفق إلى ركُوب البحر والبحث عن فرص عمل خارج بلدهم"، مضيفا أن "الأمر لم يَعُد مقتصراً على الشباب، وإنما أصبح المراهقون أيضاً يزاحمون المرشحين للهجرة على ركوب البحر". وأبرز بنعيسى، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المهاجرين المغاربة يتصيَّدون الفرص من أجل الوصول إلى الضفة الأخرى، خاصةً مع اقتراب فصل الصيف الذي يشهد رواجاً على مستوى نقل المهاجرين عبر قوارب الصيد؛ إذ يمتد شريط تنقل هؤلاء من ساحل الناظور إلى العرائش مروراً بثغري سبتة ومليلية"، مورداً أن "تكديس الهاجرين المغاربة دخل قوارب الموت تسبب في حدوث فواجع، كان آخرها غرق العشرات من المرشحين الذين حاولوا العبور إلى التراب الإسباني". وأمام تشديد السلطات الأوروبية إجراءاتها لمنع تدفق المهاجرين، خاصة أولئك الذين ينْطلقون من الأراضي الليبية، أكد بنعيسى أن المرشحين للهجرة "لم يعد لديهم من خيار آخر سوى الانطلاق من السواحل المغربية بهدف الوصول إلى أوروبا". ودعا بنعيسى إلى تجاوز المقاربة الأمنية المعتمدة لحل هذه الظاهرة التي باتت تؤرِق بال الأوروبيين، وطالب الحكومة المغربية، بالتنسيق مع دول الاتحاد الأوروبي والوكالة الأوروبية، بالعمل على مراقبة الحدود من خلال توفير بدائل اقتصادية واجتماعية للشباب، مؤكدًا في هذا الصدد أن "عدد طالبي اللجوء في دول الاتحاد ارتفع مقارنة بالسنوات الماضية بسبب الحراك الاجتماعي الذي شهدته منطقة الريف ومدينة جرادة".