يبدو أن قضية العاملات الموسميات المغربيات اللواتي يشتغلن داخل حقول الفراولة بمدينة هويلبا الإسبانية تتجه إلى مزيد من التعقيد، بعد تقديم عشرات العاملات في مزارع "دونانا 1998" شكاية جماعية إلى مصالح الحرس المدني الإسباني، يَتَبَرَّأْنَ فيها من شهادات زميلاتهنَّ في العمل بشأن تعرُّضهن لإيذاء جنسي من طرف ملاك المزارع، مؤكدات أن "ادعاءات المشتكيات باطلة وكاذبة وتفتقد إلى الوضوح"، مرجعات الهدف وراء إقدام "المغربيات على الاحتجاج هو الحصول على بطاقة الإقامة بإسبانيا". الشكاية "المُضادة" قامت بوضعها 131 عاملة مغربية، يشتغلُ مُعظمهن في حقول "هويلبا" بالجنوب الاسباني، جنباً إلى جنب مع العاملات المُشتكيات اللواتي تقدَّمْنَ بشكاية جماعية إلى الحرس المدني خلال الشهر الماضي، يَتَّهِمن فيها رُؤسائهنَّ بالاستغلال في العمل وبالتحرش الجنسي بهن داخل حقول "الفواكه الحمراء"، وقالت الشكاية المضادة رداً على هذه الاتهامات إن "الأمر غير صحيح". واتهمت الوثيقة ذاتها، بحسب ما نشرته وكالة "إيفي" الاسبانية، العاملات "المُحتجات" بتشويه سُمعتهنَّ والترويج لأكاذيب عبر وسائل الإعلام، موردةً أن "ادعاءات المغربيات اللواتي اشتكين برؤسائنا مُزيفة كلياً"، نافية في هذا الصدد وجود "أي سوء معاملة أو تحرش أو استغلال جنسي"، قبل أن تضيف أن "العاملات المشتكيات يضغطن للحصول على بطاقة الإقامة مع امتيازات أخرى". وتعيش أزيد من 500 عاملة مغربية في منطقة "هويلبا"، جنوب إسبانيا، حيث يشتغل مُعظمهن داخل حقول الفراولة مقابل مبلغ 40 يورو عن كل يوم عمل، علماً أن عليهن الاشتغال 7 ساعات يومياً مع نصف ساعة استراحة، ويوم واحد عطلة في الأسبوع، دون تغطية اجتماعية وفي بيئة تستقبل المهاجرين بالرفض والمضايقات. وفي وقت تشتكي فيه مئات العاملات المغربيات تعرضهن لاعتداءات داخل حقول "الفراولة" من طرف ملاك المزارع، الأمر الذي دفعهنَّ إلى الاحتجاج أمام مقر المحكمة التابعة لمدينة "هويلبا" من أجل إنصافهنَّ، خرجت عاملات أُخريات ينفين صحة ادعاءات المشتكيات؛ إذ أكَّدن في شكايتهن أنهن "يعشن حالة تذمر بسبب سلوك المحتجات لأن ذلك جلب لهنَّ المشاكل مع أسرهن في المغرب التي قد ترفض عودتهن الموسم المقبل إلى العمل في الحقول الإسبانية". وكان ملف العاملات الموسميات قد عَرَفَ منعطفاً خطيراً بعد احتجاز مئات العاملات المغربيات الموسميات (400 امرأة) في إحدى الضيعات وحَمْلهنَّ على متن حافلات في محاولة لتهجيرهن إلى المغرب، للحيلولة دون تقديم شكايات حول الأوضاع المزرية والاعتداءات التي يتعرضن لها، فيما فضَّلت أُخريات الانزواءَ والتزام الصَّمت مخافةً من مغبة الطرد والترحيل إلى المغرب. ولم تستبعد الشكاية وجود أطراف وجهات تحاول استغلال ملف العاملات بتحريضهن على تقديم الشكايات مقابل "الأوراق"، وقالت النسوة في وثيقة الشكاية إنهن "تلقين العرض نفسه، غير أنهن رفضن". كما عبرن عن استيائهن مما يُروج داخل وسائل الإعلام؛ ما قد يسبب لهن مشاكل مع أزواجهن حال عودتهن إلى المغرب. في مقابل ذلك، تستعدُّ جمعيات حقوقية وعمالية إسبانية للخروج في مسيرة حاشدة يوم الأحد المقبل، للتنديد بما تتعرض له "نساء الفراولة" من "اعتداءاتٍ جنسية وانتهاكات لحقوقهن الشغلية كالحرمان من الأجور، وحجز جواز السفر، والعمل لساعات طويلة، إضافةً إلى سوء المعاملة من طرف مُلاك الضيعات الفلاحية الإسبان". ودعا اتحاد عمال الأندلس الإسباني جميع مكونات المجتمع الإسباني إلى "المشاركة في هذه المسيرة لدعم عاملات الفراولة، اللواتي يَعِشن في ظل الحصار الذي يفرضه عليهن مُلاك المزارع منذ سنوات"، مع "المزيد من التعبئة من أجل الضغط على الحكومة الإسبانية لاتخاذ مزيد من الإجراءات في حق الموقوفين".