فِيمَا لازالتْ الحُكُومة المغربيّة عاجزةً عن تقديمِ مُعطيات ملمُوسةٍ بشأن ما تتعرَّضُ له نِساءُ الفراولة العاملاتِ في الجنوب الإسباني، يُواصلُ أفرادُ الحَرَسِ المدني الاسْتِمَاعَ إلى شهادات مغربيات يَشْتَغِلْنَ كموسميات في ضيعات "ألمونتي"، الواقعة جنوب إسبانيا، بعد تقديمهنَّ شكايات بشأن تعرضهنَّ لاعتداءاتٍ جنسية وانتهاكات "الحرمان من الأجور، وحجز جواز السفر، والعمل لساعات طويلة، إضافةً إلى سوء المعاملة من طرف مُلاك الضيعات الفلاحية الإسبان". وتعيش أزيد من 500 عاملة مغربية في منطقة "هويلفا"، الواقعة في الجنوب الإسباني، حيث يشتغل مُعظمهن داخل حقول الفراولة مقابل مبلغ 40 أورو عن كل يوم عمل، علماً أن عليهن الاشتغال 7 ساعات يومياً مع نصف ساعة استراحة، ويوم واحد عطلة في الأسبوع، دون تغطية اجتماعية وفي بيئة تستقبل المهاجرين بالرفض والمضايقات. وقبل أقلِّ من أسبوع، انْفَجَرت فضيحة تعرُّض عاملات موسميات للتحرُّش والاعتداء الجنسي من قَبَلِ رُؤسائهنَّ في الضيعات، والذينَ فضّلوا في البداية عَدَمَ الرد على الاتّهامات الخَطِيرَة التي حَمَلَتْهَا "نسوة الفراولة" إلى رَدَهَاتِ محاكم مدريد، قبل أن يَخْرُجوا بتصريحاتٍ صادمةٍ، يردُّون فيها على "صكِّ الاتهام" الثَّقيل الذي يُلاحِقُهُمْ، نَقَلَتْهَا عدد من وسائل الإعلام الإسباني. وفي هذا الصدد يَقولُ أحد مُلاك الضيعات الفلاحية المُنتجة للفراولة؛ في تصريح نقله موقع "EL ESPAÑOL"، إن "مُلاك المزارع لا يَحْتَرمونَ العاملات ويَصفونهن ب"العاهرات"". وقال آخر: "لقد أتين وهنَّ يعرفن ما يردن تحقيقه؛ هدفهن تحقيق أكبر قدر من المكاسب"، وتابع آخر: "هذه السنة تفجرت القضية بقيام بعض النساء المغربيات بالحديث إلى الصحافة، في حين أن الصمت كان السائد السنوات الماضية، إذ كانت تفضل الموسميات الرضوخ لنزوات المتحرشين والسكوت، من أجل الحفاظ على لقمة عيشهن وضمان عودتهن للعمل في الموسم المقبل". وقال آخر ضِمْنَ ما نَقَلَهُ أحد رؤساء المزارع في منطقة "هويلفا" للمنبر الإسباني ذاته: "لقد جَلَبُوا لنا هذه السنة عاهرات من أكادير". "كانوا يُرددون هذه العبارات حوالي 40 مرة في اليوم"، يصرح المتحدث ذاته، الذي اشتكى من "تضرر قطاع الفراولة في هويلفا من نيران الفضيحة، بعد انتشار حوادث الاعتداء الجنسي التي يرتكبها البعض في مزارعهم". ويضيف مزارع آخر في تصريح لجريدة EL ESPAÑOL: "هذا ليس عدلاً. أنا أعامل النساء وبقية العاملين لدي كما ينبغي. لم يسبق لي أن واجهت مشاكل من قبل. يبدو أننا خلال هذا العام سنكون أمام عدد من كبير من الضحايا، وسينتهي عهد الإفلات من العقاب الذي كان سائداً في ما يتعلق بحوادث الاغتصاب والإجهاض التي وقعت منذ سنوات". من جهة أخرى، استنكر عدد من ملاك الضيعات الفلاحية هذه التصريحات، معتبرين إياها محاولة للهروب من الحقيقة الثابتة والمتمثلة في كون عدد كبير من الفلاحات يتعرضن بالفعل للاستغلال الجنسي من طرف أرباب العمل. وقال مالك ضيعة في هذا الصدد: "نعرف جيداً أن هناك من يقيم ليالي ماجنة مع العاملات في حقوله..بعضهن يقبلن بمقابل مادي، وأخريات خوفاً من العطالة، خاصةً أن جلهن أرامل أو مطلقات أو يعلن أطفالا". وكان ملف العاملات الموسميات عَرَفَ منعطفاً خطيراً بعد احتجاز مئات العاملات المغربيات الموسميات (400 امرأة) في إحدى الضيعات وحَمْلهنَّ على متن حافلات في محاولة لتهجيرهن إلى المغرب، للحيلولة دون تقديم شكايات حول الأوضاع المزرية والاعتداءات التي يتعرضن لها؛ فيما فضَّلت أُخريات الانزواءَ إلى الصَّمت مخافةً من مغبة الطرد والترحيل إلى المغرب. وتشتغل في حقول جني الفراولة في إسبانيا آلاف العاملات المغربيات في الفترة الممتدة من شهر أبريل ويونيو من كل عام، وتشترط الجهات المشغلة أن تكون العاملة المغربية "فلاحة لديها تجربة مهنية في جني الفواكه الحمراء، ولديها القدرة البدنية على ممارسة هذا العمل، كما يتعين أن تكون متزوجة ولديها أطفال"؛ ذلك حتى يتم التأكد من عودتها إلى بلادها بعد انتهاء موسم الجني.