في خطوة تكرس التقارب الموريتاني مع جبهة البوليساريو الانفصالية، ستفتتح السلطات الموريتانية والجزائرية أول شريط حدودي يربط مخيمات تندوف بمدينة الزويرات الموريتانية؛ إذ أعطى الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، موافقته الرسمية على الاتفاق الحكومي بين البلدين القاضي بإحداث الشريط. وجرى تفاهم الحكومتين الجزائرية والموريتانية حول الشريط منذ نونبر من سنة 2017، بعد أن وقع وزيرا الداخلية الجزائري نور الدين بدوي، والموريتاني أحمد ولد عبد الله، بنواكشوط، على اتفاق يفضي إلى إنشاء الشريط الحدودي في انتظار موافقة قيادة البلدين. وتهدف الاتفاقية إلى "تسهيل تنقل الأشخاص والبضائع، وفك العزلة عن ساكنة المناطق الحدودية، وتكثيف المبادلات التجارية"، في إشارة إلى تعميق طبيعة الدعم الميداني الذي تعطيه موريتانيا لعناصر البوليساريو، عبر تسهيل ولوج إلى الأراضي الموريتانية المتاخمة للمغرب. وكانت علاقات الجبهة الوهمية بموريتانيا قد اتخذت منحى خطيرا في الأشهر القليلة الماضية، بعد لقاءات الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، مع العديد من قيادات البوليساريو، في نهاية شهر فبراير، ل"تثمين العلاقات وتحويلها إلى معطيات ملموسة على الأرض". وفي هذا الصدد، يرى خالد الشكراوي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن "الحركة ما بين مخيمات جبهة البوليساريو والتراب الموريتاني دائمة وسلسة، نظرا للعلاقات الاجتماعية التي تربط السكان فيما بينهم"، مشيرا إلى أن "هناك علاقات اقتصادية قوية تربط تندوف بموريتانيا، تتثمل أساسا في بيع قيادات البوليساريو للمساعدات الإنسانية الدولية للحصول على إرادات مالية مهمة". وقال الشكراوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن "السوق الموريتانية تُشَكِّلُ محطة مهمة لهذه القيادات، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالصرف النقدي الذي يربط المجال الموريتاني بالجزائري، فضلا عن العديد من الأمور الأخرى غير الشرعية، لكن الجميع يُغْمِضُ عينيه عليها"، معتبرا "ارتباط الاتفاقية بمنطقة تندوف حاملة لعدة تداعيات مستقبلية، وعلى المغرب أخد الحيطة والحذر منها". وزاد الشكراوي أن "المهم في هذا الإطار، هو أنه لا يجب أن يُنْظَرَ إلى موريتانيا كدولة صغيرة وتابعة، لأن وضعها الجيو استراتيجي، تَغَيَّرَ بشكل كبير في السنوات الأخيرة في ما يتعلق بمنطقة الساحل والصحراء، وبدأت تلعب أدوارا طلائعية داخله، وتريد أن تلعب الدور نفسه على مستوى الدول المغاربية". وأردف المتحدث أن "موريتانيا عامل أساسي في العلاقات المغربية الجزائرية؛ إذ تسعى إلى حفظ بعض التوازنات التي تعنيها بالأساس، أو اللعب على التناقضات المغربية الجزائرية، للحصول على موقع معين في الساحة"، موضحا أن المملكة عليها أن تغير تصورها للجارة الجنوبية التي لم تعد ذلك الأخ الأصغر داخل أروقة البلدان المغاربية.