قالت الممثلة المسرحية المغربية إلهام واعزيز إن المسرح المغربي "فن يتطور تدريجيا" و"غني" بألوانه ورؤاه الفنية القريبة من اهتمامات المتلقي. وأضافت واعزيز، في تصريح صحافي بالقاهرة، أن الإبداع المسرحي المغربي بدأ يرسخ حضوره بشكل لافت على الساحة الفنية العربية، سواء تعلق الأمر بالإنتاج وما يقدمه الجيل الجديد من أعمال مسرحية متميزة، أو ارتبط بقيمة البحث الأكاديمي المسرحي وتجذر الكتابة المسرحية المغربية. ورأت أن تطور الفن المسرحي المغربي، "ينبع من كونه لم يعد يكتفي باجترار أدوات التشخيص المستهلكة، بل يعمل على إذكاء مجال الابتكار والتجديد، واعتماد تقنيات بارعة، وهو ما بدأ يتجسد تدريجيا فوق الركح وعلى مستوى الكتابة الدرامية". وسجلت أن التجارب المسرحية المغربية، مقارنة بنظيرتها العربية، "ثرية" إن من حيث الأداء والتشخيص الدرامي أو من حيث صناعة الفرجة، مبرزة أن المسرح المغربي "لا يصنع تميزه وحضوره النوعي من محض الفرجة الأدائية ولكن من التشخيص والتنوع وتوقيع الفرجة المتكاملة". وأشارت إلى أن الفن المسرحي الوطني يحظى بموقع ريادي على مستوى الوطن العربي، لأن المسرحيين المغاربة نجحوا في السنين الأخيرة في توقيع أعمال متميزة استطاعت أن تعزز مستوى الانجذاب الفرجوي ودرجة التلقي لدى الجمهور. وأبرزت أن الفرق المسرحية الوطنية استطاعت في محافل مسرحية عربية عديدة أن تؤكد حضورها النوعي باستمرار، بإحرازها جوائز تقديرية رفيعة، وهو ما يؤكد بشكل لا يدع مجالا للشك أن "الركح المغربي بات يتجذر بشكل ملفت في الساحة الفنية العربية نظير إبداعات جيل جديد من المسرحيين". وذكرت واعزيز، خريجة المعهد البلدي بالدار البيضاء، أن صناعة الفرجة المسرحية في المغرب تعتمد بشكل كبير على حرية الإبداع وتميز النصوص المسرحية التي تلامس قضايا ومواضيع راهنية عدة، مضيفة: "ليست هناك أية رقابة على النصوص المسرحية، نحن مثلا في فرقتنا (فضاء القرية للإبداع) المحدثة عام 2005، نقدم، على مستوى الكوميديا، مسرحا يصلح لكل زمان ومكان". لكن إذا كان المسرح المغربي، تؤكد الممثلة المغربية، يحظى بموقع ريادي على الساحة العربية، بفضل وجود كتاب وممثلين مميزين، فإن ذلك "لا يعفينا من القول بأن هذا المسرح في حاجة إلى دفعة قوية ليسجل حضورا أكبر في المشهد المسرحي الدولي، وحصد مزيد من الجوائز في مختلف التظاهرات المسرحية". وفي هذا السياق، شددت الممثلة المغربية على ضرورة تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في الفن المسرحي وعدم الاعتماد فقط على دعم القطاع العام (الوزارة الوصية)، مشيرة إلى أن هناك تجارب مسرحية عربية تعتمد على إنتاج القطاع الخاص، وقد تخطت حدود بلدان المشرق العربي، وخاصة المسرح المصري الذي يشرف عليه مسرحيون بارزون يعملون على تأطير وتكوين جيل من المسرحيين في بلدان عربية. كما يتعين على الوزارة الوصية، تضيف واعزيز، إعادة النظر في مسألة منح الدعم للفرق المسرحية، مشيرة، بهذا الخصوص، إلى أن تقديم منح الدعم قبل إنتاج وعرض أي عمل مسرحي، "لا يحفز هذه الفرق على إنتاج أكبر عدد من الأعمال المسرحية، واستقطاب الجمهور من عدمه، مادامت قد توصلت مسبقا بالدعم قبل العرض". من جهة أخرى، دعت الممثلة المغربية إلى تسويق الأعمال المسرحية الوطنية خارج المغرب والتعريف بها في مختلف التظاهرات الثقافية والفنية، وحتى الاقتصادية، وتوفير مجالات دعاية أوفر للترويج للإنتاج المسرحي المغربي. كما شددت على أهمية تنظيم ورشات تكوينية مستمرة لمهنيي المسرح، وكذا الانفتاح على تجارب مسرحية عالمية عبر دورات تكوينية وحلقات دراسية لممثلين ومخرجين وكتاب، وتبادل الخبرات بين الفرق المسرحية. وبخصوص واقع الممثل المسرحي المغربي، سجلت واعزيز أنه بالرغم من بعض المكتسبات الاجتماعية والمهنية التي تحققت لفائدة المهنيين، ومنها التغطية الصحية، إلا إن الممثل المسرحي "مازال يعاني من قلة الاشتغال بسبب نقص الأعمال المسرحية"، مشددة على أهمية مبادرة "توطين" العروض المسرحية بمختلف مسارح المملكة، التي أطلقتها الوزارة الوصية لتشجيع كل فرقة مسرحية على إنتاج أعمال مسرحية جديدة وعرضها بمنطقة تواجدها. لكن هذه المبادرة، وإن كانت "فكرة جيدة"، تضيف واعزيز، إلا أنها "لا ترقى إلى طموح مهني القطاع باعتبار أن هذا العدد من الأعمال المسرحية غير كاف ولا يلبي انتظارات المهنيين". وعن مشاريعها الفنية المقبلة، أكدت إلهام واعزيز، المتواجدة في القاهرة منذ حوالي سنة، أنها تعيش فترة "استراحة" استعدادا لأعمال فنية جديدة، لاسيما في المسرح، معتبرة هذه الفترة "وقفة تأمل وتفكير من أجل توقيع حضور نوعي في أعمال جديدة". وأشارت إلى أنها تسعى، بعد تجربة امتدت لنحو 19 سنة في مجال المسرح والتلفزيون، إلى الخروج من لبوس الصورة النمطية التي اعتاد الجمهور المغربي أن يراها عليها، وخوض تجربة مسرحية من نوع آخر لم تكشف عن مضمونها. يشار إلى أن الفنانة واعزيز، التي ترأس الجمعية المغربية للفنون المحدثة سنة 2006، شاركت طيلة تجربتها المسرحية في نحو 14 عملا مسرحيا، كان أولها "رجل من الشمس" عام 1999 وهي آنذاك طالبة بالمعهد البلدي بالدار البيضاء، ومسرحية "حمان في سوق النسا" عام 2001، وكذا مسرحيتي "مكتب الحلول" و"واش عندك شي شهود" مع الفنان المسرحي مصطفى الداسوكين. كما شاركت مع فرقة "فضاء القرية للإبداع" في مسرحيات عدة؛ منها "راس الخيط"، و"سبع الليل"، و"عينك ميزانك"، و"ذاكرة أسماء"، و"جيل الشو". *و.م.ع