تتجه الحكومة المغربية إلى خوض حرب ضد عدد من المقاولات الكبرى التي تشتغل في القطاع غير المنظم، من أجل خفض نسبة هذا القطاع الذي يؤثر على الاقتصاد الوطني ويضيع على خزينة الدولة موارد مالية جبائية هامة. وقد اتخذت الحكومة السابقة عدداً من الإجراءات والتدابير لمواجهة هذه الظاهرة، منها إقرار التزامات محاسبية مُبسطة، وسن قانون المقاول الذاتي، ومراجعة السلالم الضريبية، وتنظيم الباعة المتجولين، إلا أنها لم تأت بنتائج في المستوى المطلوب لدحر الظاهرة. وفي هذا الصدد، كشف مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي، عن قرار الحكومة التعامل بحزم وصرامة مع مقاولات كبيرة قال إنها تشتغل كقطاع غير منظم؛ إذ لا تؤدي الضرائب ولا تصرح بأجرائها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتتهرب من الجمارك. ولم تكشف حكومة سعد الدين العثماني عن تفاصيل هذه "الحرب" التي قررت خوضها ضد القطاع غير المهيكل، الذي استفحل بشكل كبير في السنوات الأخيرة، لكن قد يكون الأمر مرتبطاً بإجراءات وتدابير تحفيزية جديدة لفائدة المقاولات المتهربة من تطبيق القوانين، وببرامج لإدماج الباعة والأنشطة التجارية غير المهيكلة. وأوضح العلمي، في حديثه أمام البرلمان، أن القطاع غير المهيكل يضم كلا من المقاول الذاتي والمقاولة الصغرى. هذه الأخيرة قال إنها تتطلب المواكبة لكي تدخل إلى القطاع المنظم، فيما أشار إلى أن الشركات الكبرى تستوجب المواكبة والحرب أيضاً. ويرى الوزير العلمي أن محاربة الباعة المتجولين ليست حلاً، رغم إقراره بأن هذه الظاهرة تضر بالمستثمرين والتجار، وأشار في هذا الصدد إلى أن برنامج المقاول الذاتي هو حل من بين الحلول التي استطاعت استقطاب 66 ألف شخص إلى حد الساعة. لكن النواب البرلمانيين، خلال جلسة الأسئلة الشفوية يوم الاثنين في البرلمان، دعوا الحكومة إلى إيجاد حلول ناجعة، وأشاروا إلى أن هذا القطاع يؤثر على الاقتصاد الوطني عبر الإخلال بمبادئ التنافسية وعدم احترام الجودة والتهرب من تطبيق قوانين التشغيل؛ الأمر الذي يضرب في العمق العدالة الجبائية ويضيع على الدولة مداخيل مهمة. وبحسب الأرقام الرسمية المتوفرة، فإن القطاع غير المهيكل يُساهم في الاقتصاد الوطني ب12 في المائة من الناتج المحلي الخام، ويحقق رقم معاملات ب400 مليار درهم، ويضم 1.7 مليون وحدة، بزيادة 19 ألف وحدة سنوياً، تُشغل 2.4 مليون عامل. كما شدد نواب الأمة على ضرورة وضع استراتيجية واضحة الأهداف، وإحداث آلية تتبع لتهجير القطاع إلى الضفة المهيكلة، وفتح قنوات التواصل والتحسيس، وإحداث مناطق أنشطة اقتصادية بديلة، وهيكلة الأسواق الأسبوعية القروية، وقرن تنظيم الباعة المتجولين بالتسجيل في نظام المقاول الذاتي. وكان الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أكبر تجمع لأرباب العمل، قد دق ناقوس الخطر حول القطاع غير المنظم في المغرب؛ إذ كشف في تقرير نشر قبل شهر أن هذا القطاع يضيع على الدولة مداخيل جبائية تُقدر ب34 مليار درهم سنوياً، ودعا الحكومة إلى التحرك بشكل عاجل لتقليل آثاره على القطاع المنظم، وعلى الاقتصاد الوطني بصفة عامة.