تشكّل المتلاشيات مصدر قلق داخل المؤسسات التعليمية، كما خارجها، مؤرقة بال المعنيين بتسييرها؛ تؤثر سلبا على جمالية المرفق من جهة، وتحتلّ حيّزا مهما من الفضاء التعليمي من جهة ثانية، مما يدفع المسؤولين عادة إلى الإسراع بالتخلص منها بطريقة أو بأخرى. أما في مدينة بنجرير فقد تحولت المتلاشيات ببعض المؤسسات التعليمية إلى عملة مطلوبة بعدما أقدم رشيد لمزابي، أستاذ اللغة الإنجليزية بثانوية عبد الله إبراهيم التأهيلية، على إعادة إحياء المتلاشيات، وتوظيفها في تحسين صورة المؤسسات التعليمية عوض تشويه جماليتها. وأوضح رشيد لمزابي أنه أنجز ملفا حول الكيفية التي يمكن من خلالها تحديد "طريق آخر للمتلاشيات غير الطريق إلى البيئة"، وقدّمه إلى جمعية "بوصلة" للأعمال الاجتماعية، التي سارعت إلى دعم المشروع وتبنيه، حتى أصبح من بين أهدافها الكبرى التي تعمل جاهدة على إنجاحها. وأضاف لمزابي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الواقفين وراء المشروع اختاروا شعار "من فوضى نفايات متراكمة إلى جداريات فنية متناغمة From the chaos of accumulated trash to a harmonious artistic brush"، بهدف خلق طرق جديدة في التعامل مع المتلاشيات الصلبة، التي تغزو البيوت والشوارع والمؤسسات". وعن أولى التجارب، أوضح لمزابي، بصفته منسقا للمشروع، أن "جمعية بوصلة انطلقت من ثانوية عبدالله إبراهيم التأهيلية، من خلال إنجاز لوحة الببغاء، وبعد الانتهاء منها تم تركيب لوحة الطاووس بمؤسسة المرابطين الحجاج الابتدائية، من أجل المساهمة في ارتقاء الذوق الفني للتلاميذ، وتكريس ثقافة المحافظة على البيئة بطرق فنية غير معتادة". وأضاف أن "المشروع بدأ فكرة صغيرة تطورت إلى حلم كبير، يتمثل في إمكانية تركيب لوحات فنية ضخمة على واجهات الأماكن العمومية، لكي تعطي رونقا للمدن، وتغير نظرتنا في التعامل مع المتلاشيات، التي غالبا ما نتخلص منها بطرق عشوائية، وتصبح بذلك جزءا من الطبيعة التي نعيش فيها". ويعمل منسق المشروع في الوقت الراهن على تركيب لوحة أخرى من متلاشيات منزلية بمؤسسة عبد الله إبراهيم الثانوية، واختار لها اسم "تفاحة المتلاشيات" Trash apple، مشيرا إلى أن "الغاية من اللوحة يتمثل في استيعاب فكرة أن جميع المنتوجات التي نستهلكها تحتوي على نسبة من البلاستيك والمواد المضرة بالصحة، وأغلب المتلاشيات التي نتخلص منها تذهب إلى التربة لتعود إلى أغذيتنا بطريقة أو بأخرى". وعن مستقبل المشروع، قال لمزابي إن "الجمعية تسعى في الأيام القادمة إلى المزيد من اللوحات الفنية المركبة من المتلاشيات الصلبة، وسيكون طائر الهدهد موضوع اللوحة القادمة، وهي أول لوحة تفكر الجمعية في تركيبها بإحدى الواجهات العمومية للمدينة، خاصة أن هذا الطائر طالما شوهد بالمنطقة، وعرف بهجرته إليها في الصيف، غير أنه يعد، الآن، من الطيور التي اختفت بشكل مفاجئ لعدة أسباب".