عرف قانون التغطية الصحية للمهن الحرة تعثرا في إخراجه؛ فعلى الرغم من اعتماد المشروع من طرف حكومة بنكيران في يناير 2016، إلا أن المصادقة عليه من طرف البرلمان لم تتم إلا بعد مرور أزيد من سنة ونصف. وحتى بعد صدور القانون منذ أشهر في الجريدة الرسمية، لازالت المراسيم التطبيقية الخاصة به لم تخرج إلى حيز الوجود بعد، ما جعل النقابيين يشتكون من استمرار التأخير وتضرر فئات واسعة من أصحاب المهن الحرة. وفي هذا السياق صرح عضو المكتب الوطني للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب المكلف بالقطاع الخاص، عبد العزيز الطاشي، بأن القانون "لازال في عمومياته"، ويشمل نقطتين فقط هما التغطية الصحية، والتقاعد، وتساءل عما إن كانت المراسيم التطبيقية ستقضي باستفادة أصحاب المهن الحرة من التقاعد النسبي، والتعويضات على الأبناء. وأشار الطاشي، في تصريحه لهسبريس، إلى أن القانون يخص فقط المهن الحرة المنظمة، وبالتالي فلن يشمل جميع القطاعات، مؤكدا أن القطاع غير المهيكل، ومن ضمنه بعض الفئات الهشة كالباعة المتجولين و"أصحاب الفرَّاشات"، لن يستفيد نهائيا. وأضاف المتحدث ذاته أن النقابة تشتكي من هذا القطاع لأن الأُجَراء فيه يشتغلون "دون التمتع بأي حقوق"، داعيا إلى تنظيمه حتى تتسنى لهم الاستفادة من القانون؛ كما قال إن الذين يشملهم الأخير لن يستفيدوا من التعويضات العائلية إلا في حالة تضمن المراسيم مستقبلا لمقتضيات تدمج هذه التعويضات. وبالحديث عن العدالة الاجتماعية، يلفت عضو المكتب الوطني للاتحاد الوطني للشغل إلى كون المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يدفعون ثلث واجب الانخراط، ويدفع المشغل الثلثين؛ فيما سيكون على أصحاب المهن الحرة دفع المبلغ كاملا، مشيرا إلى أن هؤلاء يستطيعون التصريح بالدخل الذي يريدونه. ودعا الطاشي في نهاية حديثه إلى تحفيز النقاش حول هذا القانون حتى تخرج المراسيم التطبيقية بصيغة سليمة، وحتى يتم تسريع إخراجها، مشددا على أن الاستمرار في تأخيرها أكثر يعني ترك 10 ملايين مواطن نشيط بدون تغطية لمزيد من الوقت. من جهته قال عزيز الداودي، نائب الكاتب الوطني للنقابة الوطنية لسائقي سيارات الأجرة بالاتحاد المغربي للشغل، إن هذا القانون يقدم فقط خدمتين من أصل عشر خدمات يقدمها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ضاربا المثال بالتعويضات العائلية الغائبة عنه تماما. وأضاف الداودي أن إشكالية تطبيق القانون مطروحة بحدة، وزاد: "بالنسبة لسائقي سيارات الأجرة، قام مكتب للدراسات بإنجاز دراسة حول القطاع، حدد إثرها متوسط دخل السائق الذي على ضوئه تُحَدَّد نسبة ما سيدفعه كواجب انخراط ليستفيد من التغطية الصحية، وخلصت هذه الدراسة إلى تحديد مبلغ يتراوح بين 150 و300 درهم، شريطة أن يكون السائق حاملا للبطاقة المهنية". ويؤكد الفاعل النقابي أنه وفقا لجلسة الحوار الاجتماعي التي حضرها فإن "القانون جاء أساسا ليستفيد منه الأطباء والمحامون"، باعتبار وجود تفاوت كبير عند المقارنة بين هؤلاء وبين قطاع سيارات الأجرة، مضيفا: "حتى داخل قطاع التجارة فالتاجر البسيط ليس هو التاجر بالجملة؛ لكون الخدمات المقدمة رهينة بواجب الانخراط، فكلما دفع المنخرط أكثر، ازداد معاشه وكانت له حماية أكبر". ويتعلق الأمر بالقانون 98.15 الذي صادق عليه البرلمان يوم الثلاثاء 13 يونيو 2017، والذي يهم نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، والذين يمثلون أكثر من 30% من المواطنات والمواطنين. وربط هذا القانون تنزيل المقتضيات التي جاء بها بمقتضى القانون رقم 99.15 الذي يرمي إلى خلق نظام أساسي للمعاشات لفائدة الفئات المذكورة. *صحفية متدربة