يوازي شروعُ الحكومة في تفعيل التغطية الصحية والتقاعد للمستقلين ومزاولي المهن الحرة نقاش في أوساط بعض المهنيين حول ارتفاع الدخل الجزاف الذي حددته الحكومة، والذي على أساسه سيؤدّي المستفيدون مساهماتهم للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لقاء الاستفادة من التغطية الصحية والتقاعد. وانتقد عدد من سائقي سيارات الأجرة السعر الجزافي الذي حددته الحكومة، وذهب بعضهم، في تعليق على الموضوع، عبر مجموعات خاصة في أحد تطبيقات التواصل، عن رفضهم الانخراط في نظام الحماية الاجتماعية للمستقلين ومزاولي المهن الحرة، في حال عدم مراجعة الدخل الجزافي المحدد لهم، وتخفيضه. وتم تحديد الدخل الجزافي لسائقي سيارات الأجرة في 3200 درهم، بالنسبة إلى السائق المهني العادي، و4000 درهم بالنسبة إلى السائق المهني المستغلّ، أي السائق الذي يكتري مأذونية نقل من عند صاحبها ويستغل سيارة الأجرة بنفسه كسائق مهني. عبد الحق الذهبي، الكاتب العام للاتحاد الوطني للنقل، اعتبر أن مشروع التغطية الصحية والتقاعد لفائدة المستقلين ومزاولي المهن الحرة "مهم، فالأفضل أن يتوفر السائق على تغطية صحية وتقاعد من ألا يتوفر على أي شيء، في انتظار أن يتم تمتيع هذه الفئة بالتعويضات العائلية". وجوابا عن سؤال حول مدى قدرة سائقي سيارات الأجرة على دفع مساهمات وفق الدخل الجزافي المحدد لهم، قال الذهبي: "هي شوية قاصحة. المستفيد سيؤدّي تقريبا 500 درهم شهريا، وهي ماشي ساهلة، وحبذا لو راجعت الحكومة الدخل الجزافي الذي حددته، ليؤدي السائق 300 أو 350 درهما في الشهر". وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أنّ من حسنات القانون المنظم للتغطية الصحية وتقاعد المستقلين ومزاولي المهن الحرة أنه يتيح لهم اختيار الاستفادة من التغطية الصحية والتقاعد معا، أو الاستفادة من التغطية الصحية وحدها، مقابل مساهمة أقلّ. في المقابل، اعتبر رضا الحسناوي، رئيس المرصد الوطني للنقل وحقوق السائق المهني بجهة طنجةتطوانالحسيمة، أنّ الدخل الجزافي الذي حددته الحكومة لمهنيي سيارات الأجرة مرتفع جدا، مضيفا "وضعوا دخلا جزافيا موحّدا، ولم يراعوا الفوارق بين دخول السائقين حسب كل منطقة؛ فدخْل السائق المشتغل في المدن الكبرى ليس هو دخْل السائق المشتغل في المدن الصغرى والمناطق النائية". وفي الوقت الذي شرعت الحكومة في تنزيل التغطية الصحية بالنسبة إلى العدول والمولّدات والمساعدين الطبيين، يتساءل المعنيون بالاستفادة عن سبب عدم تمتيعهم بالتعويضات العائلية الخاصة بالأطفال، بدل الاقتصار فقط على التغطية الصحية والتقاعد. في هذا الإطار، قال عبد الحق الذهبي إن الاستفادة من التعويضات العائلية "حق مشروع للمستقلين ومزاولي المهن الحرة، لأنّ الدستور نص على تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين"؛ لكنه شدد على أن هذا المطلب "لا ينبغي أن يكون ذريعة لرفض التغطية الصحية والتقاعد، فعلينا أن نأخذ ما هو مُتاح لنا اليوم، ثم نطالب بباقي حقوقنا". من جهة ثانية، اعتبر المتحدث ذاته أنّ المشكل العويص الذي يعاني منه قطاع سيارات الأجرة بالمغرب ويشكّل السبب الرئيسي لتدهور القدرة الشرائية للسائقين "هو الريع"، مضيفا "يجب أن تتغير منظومة المأذونيات، بمنْحها إلى السائقين المشتغلين". وحسب الإفادات التي قدمها عبد الحق الذهبي، فإنّ سعر إعادة بيع مأذونية سيارة الأجرة أو ما يُعرف لدى المهنيين ب"الحلاوة" وصل في بعض المناطق إلى سبعين مليون سنتيم، مضيفا أنّ هناك أسرا تتوفر على تسْع مأذونيات، داعيا إلى وضع دفتر تحملات لتنظيم القطاع وإخراجه من الفوضى التي يتخبط فيها الآن.