بعد مضي سنتين على صدور القانون 98.15، المتعلق بإحداث نظام التأمين الإجباري عن المرض، والقانون 99.15، المتعلق بإحداث نظام المعاشات لفائدة المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص المزاولين لأعمالٍ خاصة، لازال تطبيق هذين القانونين يواجه بصعوبات كبيرة، بسبب الاختلاف بين الحكومة والهيئات الممثلة للمهنيين حول تحديد الدخل الجُزافي، الذي على أساسه سيتم تحديد نسبة المساهمات للاستفادة من التغطية الصحية والمعاش. وحسب المعطيات التي قدمها محمد يتيم، وزير الشغل والإدماج الاجتماعي، في لقاء تواصلي بالرباط الأسبوع الماضي، فإنّ المشاورات مع الهيئات الممثلة للمهنيين أسفرت عن بعض التقدم، إذ تمّ تحديد دخْل جزافي مبدئي لبعض المهن، مثل سائقي سيارات الأجرة، الذين تمّ تصنيفهم إلى صنفيْن، السائق المهني المستغل والسائق المهني العادي، واقتُرح دخل جزافي شهري محدد في 3000 درهم لفئة السائق المهني العادي، و4000 درهم لفئة الساق المهني المستغل. وبالنسبة للمبصاريين فقد تمّ تقسيمهم إلى فئتين، المهنيون الذين تقل مزاولتهم للمهنة عن خمس سنوات، وبدخل جزافي يساوي الحد الأدنى للأجور (2570 درهما)؛ وتتشكل الفئة الثانية من الذين تفوق مدة مزاولتهم للمهنة خمس سنوات، بدخل جزافي يتراوح بين 5000 درهم كحد أدنى و7700 درهم كحد أقصى. وبالنسبة للمروضين الطبيين فقد تمّ تحديد الدخل الجزافي في 4000 درهم كحد أدنى و7700 درهم كحد أقصى، والأمر نفسه بالنسبة للمولّدات. في المقابل يواجه مهنيون آخرون مقترحات الحكومة حول الدخل الجزافي برفض قاطع، ويَعتبرونه مبالَغا فيه، كما هو الحال بالنسبة للأطباء، إذ قال بدر الدين الداسولي، رئيس نقابة أطباء القطاع الحر، نائب رئيس الاتحاد الوطني للمهن الحرة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إنّ الدخل الجزافي الذي تسعى الحكومة إلى تطبيقه "غير معقول"، مضيفا: "لا يعقل أن تحدد الحكومة الدخل الجزافي للأطباء في الحد الأدنى للأجور SMIG مضروب في 13 مرة، وكأنَّ كل الأطباء تتجاوز مرتباتهم الشهرية ثلاثين ألف درهم". الداسولي اعترف بأنّ هناك أطباء يحصلون على مداخيل مرتفعة، لكنه استدرك بأنّ "الأطباء ليسوا جميعا سواسية، ففي كل عام يهاجر خمسمائة طبيب إلى الخارج بحثا عن مستقبل أفضل، وهذا يعني أنه لو كانت وضعيتهم المادية هنا في المغرب جيدة ما كانوا ليهاجروا"، على حدّ تعبيره. ويبدو أنّ المفاوضات بين الحكومة والهيئات الممثلة لبعض فئات المهنيين ومزاولي الأعمال الحرة، خاصة الأطباء، ستؤخّر تطبيق التغطية الصحية والتقاعد للمستقلين ومزاولي الأعمال الحرة، إذ سبق لوزير الشغل والإدماج المهني، محمد يتيم، أنْ قال في تصريح إنَّ الأطباء والمحامين "هوما اللي كيتّاواو أكثر مع الأسف الشديد".