سيدي يوسف بن علي إحدى مقاطعات مدينة مراكش، التي تحمل اسم واحد من الأولياء الصالحين السبعة (سبعة رجال)، توجد خارج المدينة القديمة، من جهة الشرق، على الضفة اليسرى لواد إسيل، وتعود نشأتها إلى المرحلة الاستعمارية، إذ كانت في البدء عبارة عن "دوار" هامشي كان يستقبل السكان القرويين بعد الحرب العالمية الثانية، قبل أن يتحول سنة 1992 إلى عمالة وبلدية، سيبتلعها نظام وحدة المدينة سنة 2003، ويحولها إلى مجرد مقاطعة بدون اختصاصات. تعرف مقاطعة سيدي يوسف بن علي بكثافة سكانها (ما يفوق 350 ألف نسمة)، وهي تعاني من الهشاشة والإقصاء الاجتماعي، فمعظم القاطنين بها يمتهنون حرفا موسمية، وأخرى شبه دائمة، لكنها ذات مردودية مالية ضعيفة، وتنتشر بهذه المقاطعة أحياء تشكل نقطا سوداء، وهرمها السكاني تتربع فوقه فئة الشباب الجامعي وضحايا الهدر المدرسي وما أكثرهم، حسب قول رئيس مركز "إصغاء" رشيد بورزيق. "كتب على هذا الحي أن يبقى مهمشا، فبعد إحداث العمالة والبلدية بسيدي يوسف بن علي وغيرها من مقرات المصالح الخارجية، تلقى سنة 2003 الضربة القاضية، التي أجهضت انطلاقة عمالة سيدي يوسف بن علي الفتية، بعدما ابتلعها نظام وحدة المدينة، لتصبح خارج مخططات الاستثمار، باستثناء حي صناعي لحرف الصناعة التقليدية تحول بين عشية وضحاها إلى حي سكني"، يقول بورزيق. جمعويون يطالبون بالتشغيل لحسن الذهبي، وهو فاعل جمعوي يتوفر على تجربة في مجال تشغيل الشباب، أوضح لهسبريس أن هذا الحي الصناعي "يعود تاريخ إحداثه إلى تسعينيات القرن الماضي، لكنه أضحى اليوم متجاوزا كنقطة إقلاع اقتصادي لها مكانة مهمة في النسيج الاقتصادي المحلي والجهوي لمراكش، لأننا أصبحنا نغدو ونمسي على حي سكني تتوسطه مقاطعة إدارية وبعض الدكاكين لبيع المواد الغذائية أو الأخشاب أو إصلاح السيارات في أحسن الأحوال". وكان سكان المنطقة قد استبشروا خيرا، إذ كان أملهم أن يحدث هذا الحي الصناعي انطلاقة حقيقية لتنمية شاملة، تمكن من خلق مناصب شغل لشباب الحي، الذي يعاني من التهميش والإقصاء، يقول الذهبي، قبل أن يضيف مستدركا بأن واقع الحال كان غير ذلك، وهو ما أضحى يطرح ضرورة التفكير في إنشاء منطقة صناعية جديدة تقود قاطرة التنمية الاقتصادية، وتستطيع أن تساعد على تعزيز الاستثمار وتوطين المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي تعد ركيزة أساسية لتنمية الاقتصاد، ومكافحة البطالة من خلال زيادة فرص العمل، حسب تعبيره. معضلة المهنيين والاقتصاديين عبد اللطيف الأخفش، الذي يمتهن حرفة الدباغة بالحي نفسه، قال لهسبريس: "خصصت المنطقة في البداية للصناع التقليديين، لكنها صارت حيا سكنيا أكثر منه مجالا خاصا بالمهنيين، الذين كان يفترض أن يخصصوا أسفل المنزل للورشة وأعلاه للسكن، لكن شيئا من ذلك لم يحدث لأن موظفين ومهاجرين عادوا إلى أرض الوطن يملكون منازل بهذا الحي". وأضاف "كان من المفروض أن تكون المنطقة محجا للسياح، لكنها فقدت هويتها المهنية". وطالب هو الآخر ب"إحداث منطقة صناعية حرة للمعامل المتوسطة والكبيرة". فيما يوضح كل من حميد خلود، عن المركز المغربي للمالية التشاركية قدوة، وعبد اللطيف الحنصالي، وهو فاعل اقتصادي من شباب حي سيدي يوسف بن علي، سبق له أن فتح ورشة صناعية بالحي، أن ما يشكل قاطرة التنمية هو حي صناعي بمواصفات حقيقية، تقوم على معامل توفر الشغل لفئة كبيرة من شباب أي منطقة، لأن الصناعة هي التي تقدم القيمة المضافة. وطالبا معا بتشجيع الشركات عبر تقديم التسهيلات لها، ومحاربة البيروقراطية القاتلة، مشيرين إلى أن الأماكن التي وفرت فيها الدولة وعاء عقاريا على سبيل الكراء، بثمن رمزي، مشروط بزمن محدد لانطلاقة المشروع، عرفت انتعاشا اقتصاديا، ووفرت للشباب شغلا. المقاطعة تفكر "رغم قلة الوعاء العقاري على الرئيس، بحكم مسؤوليته، أن يفكر كيف يدبر ويبدع حلولا لمقاطعته في ظل الإكراهات الموجودة"، هكذا أجاب إسماعيل لمغاري، رئيس مقاطعة سيدي يوسف بن علي، على إشكال توفير مجال لتشغيل شباب المقاطعة التي يرأسها، وغياب الوعاء العقاري عن مجال يحده واد إسيل من جهة، والمدينة العتيقة من جهة ثانية، وجماعة تسلطانت من جهة ثالثة. وأوضح لمغاري أن المقاطعة تستقبل يوميا طلبات شباب يبحثون عن الشغل، قبل أن يضيف قائلا: "لكن في ظل حي صناعي لم يعد يحمل من هذا الوصف سوى الاسم، نفكر في 180 هكتارا بالمنطقة تعود إلى أصحابها الذين يستعملونها في فلاحة قطعة من 500 متر لا تسمن ولا تغني من جوع، مما دفعني إلى التفكير في استغلال هذه الأراضي لإحداث منطقة صناعية، تضم معامل تشغل أكثر من 200 عامل، أو منطقة سياحية أو هما معا".