قال حسن أوريد، الناطق الرسمي السابق باسم القصر الملكي، إن الغرب يتحمل في نحو من الأنحاء مسؤولية التشرذم التي يعيشها العالم العربي في الوقت الحالي، فالبرغم من أن دول المنطقة لم تحسم بعد في إشكالية العلاقة بين الدين والسياسة، وفي قضايا توزيع الثروة، والعلاقة التي تربط المحكوم بالحاكم؛ فإن كثيرا من مشاكل هذه المنطقة توجد خارجها. وأضاف أوريد، خلال حفل تقديم كتابه "أفول الغرب" بالعاصمة الرباط، أنه وجد صعوبة مع ذاته في تزكية عنوان الكتاب، باعتبار أنه لا ينتمي إلى العالم الغربي كي يجزم بوجود عوامل أفول، إضافة إلى مدى توفر مدة زمنية كافية تتيح للباحث أن يدرس مآلات مجتمع معين، مستدركا أن تناول العديد من المفكرين الغربيين لمعطى الأفول أمثال ميشيل أونفراي، جعله يزكي العنوان ويناقش مدى قدرة الغرب على الاستمرار في قوته. وسجل أوريد أن المثقفين الذين التقاهم في فرنسا ينظرون إلى المغرب كحالة خاصة، حيث تمكن من انتزاع استقلاله دون عداء للغير، موردا أن هذه الخصوصية تجعلنا بين العمق الشرقي والنزوع الغربي؛ فالبنية الذهنية للمغاربة عقلانية استدلالية، ويستطيعون الانتقال من ما قبل الحداثة إلى الحداثة، إذا عملت السلطة والسياسيون والمجتمع على ذلك. ولم يستغرب المثقف المغربي من بروز أعلام كبيرة في الفكر العقلاني كابن رشد وابن خلدون في المنطقة، وزاد: "هذا التاريخ يجعلنا أمام مسؤولية كبيرة، إذ لم يعد مسموحا أمامنا أن نتخبط في ظل نظام تعليمي ضعيف، يجب علينا أن نجد توليفة تلاقي هذا الارتباط بالشرق، والنزوع نحو الغرب". وأكد أوريد أن بلدان المنطقة لم تتمكن من بلورة تصور يحكم عملها، كما جرى في اليابان والهند والصين، التي تمكنت من تفكيك الحضارة الغربية واستفادت منها؛ بينما بقيت الدول العربية ترزح تحت مخلفات الاستعمار وخياراته ومسبباته. وسجّل المتحدث ذاته أنه أصبح من الصعب في الوقت الراهن أن نتحدث عن مثقف يحمل مشروعا مرتبطا بقضاياه المجتمعية، ويقرأ واقعه بأدوات علمية دقيقة، بعيدا عن الانطباعات، التي تطغى على عمل المثقف المغربي بشكل كبير. وأورد أوريد أن المشهد المغربي يسود فيه التقنوقراط بشكل كبير بعد أن تمكنوا من إزاحة المثقف والسياسي، مشددا على صعوبة التخلي عن الفاعل التقنوقراطي في العصر الراهن؛ لكن هذا لا يجب أن يكون على حساب حضور السياسي الذي تحاسبه الجماهير بشكل مباشر على وعوده، وعلى المثقف الذي يطرح السؤال، ويتابع مشاكل الجميع بشكل دقيق حتى يجد أصلها ويحاول علاجها.